كتابات راي

الصومال وصراعات المكشوفة !

الحقيقة التي يشعر بها المواطن الصومالي بعد كل صراع سياسي علني بأن جزء منه مكشوف ، ناقص ، عاري، فيرتبك ويتوتر ، يحاول أن يغطي هذا الشعور بكل ما يستطيع ، يخوض في الهرج السياسي مرة، ويتعاطف مع أحد الأطراف مرًات، ينسحب ويفقد الأمل تارة، ويعود ويطرح حلول تارات أخرى، وكل ذلك يزيد من شعوره بالضعف والخيبة والحنق والقهر، فيهرب، ويتجاهل ، ويسافر، ويتغافل، وفي نهاية يعود ويزيد شعوره بالنقص.
لكن الحقيقة التي تتوارى خلف هذه الحقيقة هي أن الوطن في كل صراع علني تتكشف سوأته، ويبرز ضعفه لأبنائه قبل أن يبرزوه للعالم، ونحن كأبناء نثبت للوطن مرة بعد أخرى بأننا أمة تائهة ، فقدت قائدها. وهذه النقطة التي أفرزت سلسلة من المشكلات اللامتناهية.
فالصومال لمدة تزيد من ثلاثة عقود وهو وطن بلا قادة ، فكل الشخصيات التي حاولت أن تتسلم زمام الأمور كانوا بمرتبة إداريين لم يرتقوا لمستوى القائد المستعد لجمع الجميع في مجلس واحد ، والمهيأ لسماع هموم العامة ، والحاضر في رد صدع الأمة ، والمُعد لاتخاذ قرارات تترجم احتياجات الوطن الفعلية ، والبارع في إدارة الأزمات، والقادر على تنازل وتقديم الضمانات ،والماهر في بناء الإتلاف، ولائق بالمرحلة، و الجاهز لقول ما يجب أن يُقال و يفعل ما يجب أن يُفعل.
فَقددنا للقيادة السياسية الناجحة جعلنا نفقد الجانب السياسي المتمكن والقادر على مسايرة وطن مفتوح الجراحات، فكانت النتيجة إبعاد أو انزٍواء رجال دين والفكر والثقافة من مراكز التأثير، واستفراد أقلية بالسلطة تمخضت عنها سياسة رسمية ضعيفة ، تعتمد على فرد العضلات الأمنية، والدخول في مناوشات سياسية رخيصة، واتخاذ قرارات بحق الوطن عنيفة، وبالتالي معالجة سطحية للجميع المشكلات بل أحيانا خلق مشكلات جديدة وإلهاء الشعب بأزمات معيشة مُضنية ، والمحصلة النهائية لكل ذلك هو وطن مكسور الجناح ومواطن يُجاهد بشق الأنفس لكي يكون مواطن في وطنه.
الصومال بحاجه إلى اعتراف جريء يُقٍر بأننا كصوماليين فشلنا في تشخيص أصل الداء في الصومال ، وبأن تشخيصيينا كان سطحياً غير السليم ، و بأننا أخطائنا في معرفة الوصفة العلاج ، وبأن حلنا لمعضلة القيادة في الصومال كان حلاً عاطفياً كرس العنصرية والقبلية و التخلف والهوان، وهذا الحل صرفنا فعلياً عن محاولة تشخيص وعلاج مرضنا القيادي الفتاك.
أن ما يعشيه الصومال اليوم من الهوان فظيع ومؤلم ، فصراعاتنا أمام الملا مخجلة و محزنة وهي حاله من الدونية لا يستحقها الصومال ولا أبنائه. يجب أن نتوقف من تقمص دور المنفعلين على الأحداث ونتوشح دور الفاعلين ونسمح للتفكير النقدي الفاحص أن يتفجر و نفكر خارج حلولنا البائسة القديمة، أن التغيير و التطور لا يأتي من الغريب، ولا يأتي من المجهول، التغيير والحلول تنبثق من بين أيدينا و تنفذ بأيدينا، لا نتحجج بالمستحيل واللاممكن ، فبإمكاننا أن نوقف هذه المهازل إّذا آمنا بإمكانية ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق