كتابات راي

الترفيه الجانب المفقود في الصومال !

قٌدم لي جدول للأنشطة الصيفية وطُلب مني أن أشارك في تقديم أحد الأنشطة، ألقيت نظرة سريعة على الموضوعات التي تحتويها القائمة، كانت أغلبها شروحات للكتب ومحاضرات عميقة، وخُطب مباشرة متكلفة، ولم تتضمن القائمة أي نشاط حركي أو اجتماعي أو ثقافي فضلاً عن نشاط ترفيهي، كل الموضوعات المطروحة هي امتداد لموضوعات المدرسة أو الجامعة أو المعهد . 

 سَئلت منظم الأنشطة هل من الممكن إضافة بعض الترفيه بما إنه برنامج صيفي مقدم للشباب؟ أجابني بأن البرنامج في صورته الحالية متكامل ويلامس موضوعات الشباب بحاجه إليها، سالته عن الحضور المتوقع، قال بأن الإقبال في المجمل ضعيف . 

لا أستغرب عدم أقبال الشباب، فقد كانت القائمة تعبر عن إخفاقنا المستمر في فهم إنسانية أبنائنا، فمازلنا ندور في فلك الأسلوب التربوي المستهلك الجامد الذي يعتمد على تكتيف و الاستماع و الإنصات حتى خارج أسوار التدريس نحن نستمر في صناعة أسوار تحجم الإبداع و الحركة والمرح و تُنفر أبنائنا منا ، و تُخرج لنا إنساناً سجين ثقافة الصمت والتلقين و تنفيذ الأوامر دون اقتناع ، فجلوسهم في الطرقات ، وتعاطي بعضهم للمنوعات ، و هدر أوقات على تفاهات ، و خوضهم للمشاجرات هي محاولة منهم لإحداث بعض التغيرات في يومياتهم ، وهي أيضا عوارض بأننا فشلنا في احتوائهم ، وبأننا نبحث لهم عن حلول في ذات الحلول العقيمة . 

الترفيه الهادف هي اللمسه التي يفتقدها شبابنا داخل الوطن حتى يستطيعوا أن يحيوا حياة طبيعية متوازنة ، ويملئ مخزونهم الشعوري و النفسي و الجسدي بطاقات تدفعهم للانطلاق إلى الحياة بنفوس تملها الفرح والنشاط ، وبعقول تتقبل المفاهيم الجديدة و المعارف القديمة . الترفيه هي الجرعة التي تجعل أبنائنا صامدون أمام ضغوط و أمام مفاجئات الحياة الصومالية . الترفيه الهادف ليس ترفاً أو بذخاً أو ذنباً بل هو مطلباً و واقعاً يُحسن جودة حياة الصومالية ، وحقاً شرعياً لأبنائنا ، وحماية لهم من الانحراف و التطرف والتعصب، وتنفيس لخبراتهم السلبية ، وتفريغ لطاقاتهم البدنية الزائدة . 

بناء البرامج المجتمعية الإًصلاحية الدينية بناء يتضمن كل أنواع الترفيه الفعال من مسابقات رياضية و الثقافية ، وأنشطة مسرحية درامية و اللياقة البدنية ، وإقامة أيام للتراث الصومالي المادي والمعنوي ، وأيام لدعم الاختراعات و اكتشاف المواهب العلمية، ومواسم لماراثونات الطويلة و الصيد البحري و تسلق الجبال ، هو البناء الإصلاحي الصحيح الذي يسمح لشباب ارتداد تلك التجارب الخارجية إلى ذواتهم فتساعد على تنمية شخصياتهم تنمية تنعكس على مجتمعاتهم ، وتساهم في التطور الحضاري للوطن ، وتُقرب بين أبناء الوطن الوحد ، وترفع الثقل عن الاهتمام المفرط بالجانب السياسي ، و تفتح أبواب للممارسة الفعلية لقيم دينية اجتماعية وطنية على أرض الواقع. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق