كتابات راي

رحلتي إلى أرض الصومال مشاهدات ومفاجآت

السير في الأرض والسفر في أرض الله له فوائده العظيمة التي لا تحصي ولا تعدّ ولذلك ورد في القرآن الكريم في أكثر من سورة الحثّ والترغيب علي السير قي الأرض والتديّر في آيات الله في هذاالكون فمن ذلك قوله تعالي ((قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير) [سورة العنكبوت الآية  20 

وقال تعالي ( قل انظروا ماذا فى السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لايؤمنون). سورة يونس الآية : 101 

ومن ذلك ماقاله الإمام الشافعي في ديوانه وهو يتحدّث عن فوائد السفر قال الإمام الشافعي : 

تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلَى       وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائد 

تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ                وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَةُ مَاجِد 

وقال أيضا في ديوانه  : 

  ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ       مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِب 

سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ           وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ 

  إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ         إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ 

وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ مااِفتَرَسَت     وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ 

وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً        لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ 

وَالتِبرُ كَالتُربِ مُلقىً في أَماكِنِهِ         وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ 

فَإِن تَغَرَّبَ هَذا عَزَّ مَطلَبُهُ             وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ كَالذَهَبِ 

  ومن مقاصد السفر أيضا ترويح النفس عن مشاغل الدنيا وهمومها ونكساتها وهذا ما عبّر عنه أبوعبادة  البحتري في سينيّته المشهورة  في وصف أيوان كسري عند ماكان يصف رحلته الاستجمامية نحو قصر المدائن : 

حَضَرَتْ رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهــتُ              إلى أَبيَضِ المَدائِنِ عَنسي 

أَتَسَلّى عَنِ الحُظوظِ وَآسى                   لِمَحَلٍّ مِن آلِ ساسانَ دَرسِ 

أَذكَرتْنيهُمُ الخُطوبُ التَوالي                   وَلَقَد تُذكِرُ الخُطوبُ وَتُنسي 

والغربة التي يتحدّث عنها الإمام الشافعي لا تعني بالطبع الغربة عن الأوطان والأصدقاء والديار أو السفر إلى بلاد الغربة فحسب حسب المفهوم المعاصر وإنما هي الغربة عن الأهل والأقارب  والزملاء ولو في داخل القطر الواحد   . 

في الخامس والعشرين من شهر مايو عام 2021  م سافرنا من مطار أدم عبد الله الدولّي  بصحبة الشيخ الزاهد ٍ الدكتور أحمد حاج محمد المعروف ( شيخ أحمد إمام ) والزميل في العمل محمد سليمان عبد متجهين إلى مدينة هرجيسا وكان الغرض من هذه الرحلة هو : 

 1-  المشاركة في اجتماع هيئة الرقابة الشرعيّة في بنك ذهب شيل الدولّي 

2- المشاركة في اقامة الدورة الشرعيّة لموظفّي المصرف 

3- الزيارة الميدانيّة للفروع التابعة للمصرف في داخل أرض الصومال 

وقد هبطت بنا الطائرة في مطار عجال الدولّي في هرجيسا وقبل الدخول إلى قسم الجوازات يتمّ التأكّد من الشهادة التي تثبت خلو المريض من كوقيد 19  الصادر من وزارة الصحّة والذي يثبت خلو المسافر من هذاالمرض ( كرونا )  . 

وبعد الإنتهاء من الإجرآءت خرجنا من المطار وتوجّهنا إلى المدينة وكان في استقبالنا في ساحة المطار مجموعة من الزملاء في العمل ونزلنا في فندق دمل التابع لشركة ذهب شيل   وهو فندق فاخر يقع في وسط العاصمة هرجيسا وقريبا من البنك المركزي الصومال لانديّ  وهو يعّد من الفتادق الخمسة نجوم ومن أجمل الفنادق قي هرجيسا . 

الدورة التدريبيّة الشرعية في الخدمات المصرفية الإسلاميّة 

  اقيمت دورة شرعية في الخدمات المصرفية الإسلاميّة  في فرع بنك ذهب شيل الدولّي في هرجيسا في السابع والعشرين والتاسع والعشرين من شهر مايو عام 2021 م نظّمها فريق من العمل في قسم الرقابة الشرعيّة , و شارك فيها نخبة من الموظفين في قسم الإستثمار في مصرف ذهب شيل الدولّي ,  وقد قدّم هذه الندوة أعضاء من هيئة الرقابة الشرعيّة في المصرف وأعضاء من قسم التدقيق الشرعيّ كذلك من بينٍهم كاتب هذه السطور  . 

  أجواء العاصمة 

كانت أجواء العاصمة مشغولة حيث كانت تستعد للإنتخابات البرلمانيّة والبلديّة , وقد هيمن حديث الإنتخابات والأحزاب وأبرز الشخصيات المرشّخة للفوز بأصوات الناخبين في المجالس  والمقاهي حتي أنك لاتكاد تمرّ على شخصين واقفين أو جالسين في الشارع الاّ ويدور حديثهما عن الإنتخابات وعن توقعات الشارع ,  وهناك معارك كلاميّة تحتدم في الشوارع وفي المقاهي بين المرشحين أنفسهم أحيانا وبين أنصارهم أيضا في أحيان كثيرة , ولكنّها لا تصل إلى حدّ المصارعة أو الملاكمة بالأيدي  كما هو الشأنٍ غالبا في الجنوب  . 

ومنٍ خلال تطوافي في العاصمة هرجيسا ويورما ووجالي وبرعو وبربرا  لفت انتباهي إلي كثرة اللّوحات الفنيّة الخشبيّة المعلقة علي الجدران علي جانبي الشارع وقد تصدّر المرشحٍّان السيّد عبد الكريم أحمد موجي نجل المطرب الصومالي الشهير الراحل والسيد برخد جامع بتون المحامي المفوّه الذي ينتمي إلي إحدي القبائل المظلومة في المشاركة السباسيّة والإجتماعيّة  في الصومال والذي اثبت جدارته وفوزه في الإنتخابات وبأغلبية ساحقة خلاف كلّ التوقعات حيث كان من المعتاد أن يفوز المرشحّون الذين ينتمون إالى القبائل والأحزاب ذات الحصانة العالية قي السكان . 

جو الانتخابات 

في يوم الإثنين الموافق للواحد والثلاثين من شهر مايو عام 2021 م كانت المنطقة  كلّها على موعد مع الإنتخابات البرلمانيّة والبلديّة , وقد حدثت بالفعل في جوّ هادئ وحضاريّ لم يسبق له مثيل في كثير من الدول في المنطقة حيث حقّقت هذه المنطقة اٍلتي أعلنت استقلالها عن الصومال ٍعام 1991 م من طرف واحد أنها تتمتّع بنظام دستوري ومارست الديمقراطية في أبهي صورها وأشكالها , كما برهنت هذه الإ نتخابات أيضا انتقال الشعب من المرحلة التقليديّة المبنيّة على انتخاب المرشحين علي أساس الإنتماء العشائريّ أوالإنتماء الحزبيّ إلى مرحلة النضج العقليّ حيث حصل أبرز المرشحين الفائزين في الإنتخابات البرلمانيّة علي جميع أصوات الناخبين على مختلف شرائخهم وطبقاتهمٍ على أساس كفاءتهم العلميّ والعمليّ وليس علي أساس اٍنتمائهم القبليّ . 

تجوّلت في أهم وأبرز المدن في أرض الصومال بدأ يوجالي وهي مدينة حدودية يعتمد اهلها على الزراعة والتجارة . ومكثنا فيها ساعتين انا وزميلي السائق أحمد عيسى وحللنا ضيفا مكرّما على بعض الزملاء في العمل  ثم انتقلنا الي بورما حاضرة اقليم أودل ,  وقد استضافنا الأخ عبد الشكور المدير في فرع  بنك ذهب شيل الددولي  في بورما لتناول طعام الغذاء في فندق 

 لتناول طعام الغذاء  ومما لفت النتباهي عند دخولي في اليوابة الخارجية  لهذ الفندق وعند خروجي أيضا انه تم عرض جميع الأعلام  للدول في شرق أفرٍيقيا أمام المدخل الرئسيّ  للفتدق الاّ علم الصومال فقط  !! فقلت في نفسي ياحبّذا لو وضعوا هذاالعلم الأزرق علي الأقل كرمز لهذا البلد  من ضمن دول شرق أفريقيا  ولا أريد الخوض في القضايا السياسيّة فلها رجالها وساستها وكوادرها ٍ! 

وقد مكثنا في بورما أربع ساعات ثم انتقلنا في اليوم التالي إلى يريرا وبرعو في طريق ممّهد للمرور وبيئة طبيعية جذّابة فالأرض كلّها خضراء والموسم كان ماطرا  وفي اثناء عودتنا من مدينة برعو إلى هرجيسا مررنا بمدينة  بربرا وتوقفنا عند مطعم (  بيت السمك )  أو 

    وفي طريقنا إلى ساحل بربرا  المعروف ب ( بتلالى ) الذي يرتاد إليه الناس كثرا من أجل السّباحة يحكي لي  زميلي السائق عن بعض القصص الشعبيّة التي تشير إلى رجل الأسطورة الصوماليّة  الشهير في الحب ( علمى بوطري )  الذي تذكر الأسطورة الصوماليّة بأنّه مات من أجل الحب وعن حبيبته السيدّة هذن حيث تشير إليه هذه القصص الشعبيٍّة أنه مدفون في بربرا قريبا من هذا المكان . 

وخلاصة القول يمكن وصف هذه الرحلة إلى أرض الصومال بانّها كانت رحلة علميّة وعمليّة وسياحيّة وترفيهيّة في آن واحد 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق