اليمن والصومال: وشائج الإخاء وروابط التكافل عبر التاريخ

في قلب خليج عدن وعلى ضفاف مضيق باب المندب يمتد شريان أخوّة صادق بين بلدين شقيقين اليمن والصومال لا تفصلهما البحار بقدر ما تربط بينهما جسور التاريخ والثقافة والهوية والمصير المشترك. علاقات اليمن بالصومال ليست مجرد علاقات سياسية عابرة كما يظن البعض بل هي امتداد لروابط عميقة نسجتها قرون من التواصل الحضاري والتكافل الإنساني حتى باتت مثالا يُحتذى في التآخي والتضامن بين الشعوب.
لا يمكن الحديث عن علاقة اليمن بالصومال دون العودة إلى الجذور التي تشكلت عبر الزمن حيث شكّلت الهجرات المتبادلة والتجارة البحرية جسوراً للتلاقي بين ضفتي البحر. فموانئ عدن والمكلا والمخا كانت وجهات معروفة لدىالاخوة الصوماليين تماما كما أن مقديشو وزيلع وبوصاصو كانت محطات حيوية لليمنيين عبر العصور الماضية .
هذا القرب الجغرافي لم يكن عبورًا ماديًا فقط بل كان عبورًا ثقافيًا وإنسانيًا فصهرت الهجرات والأحداث السياسية والاقتصادية شعبي البلدين في بوتقة واحدة وتكونت عائلات مشتركة وتشكلت نخب ثقافية وتجارية لها جذور في البلدين على السواء .
شهدت العلاقة بين اليمن والصومال أروع صور التكافل الإنساني لا سيما خلال المحن الكبرى التي اجتاحت كلا البلدين فعندما عصفت الحرب بالصومال الشقيق في تسعينيات القرن الماضي فتحت اليمن أبوابها للأشقاء الصوماليين، واحتضنتهم في مدارسها ومجتمعاتها دون منٍّ أو تمييز. واليوم يعترف كل صومالي عاش في اليمن بتلك المواقف النبيلة التي مثلت تجسيدًا حقيقيًا لمعاني الرقي الإنساني وفي المقابل عندما اجتاحت اليمن العاصفة وتعرضت لويلات الحرب والدمار في السنوات الأخيرة لم يتوانَ الأشقاء في الصومال (قيادة وشعبًا ) عن الوقوف بجانب إخوانهم اليمنيين سواء عبر المواقف الرسمية التضامنية أو من خلال احتضان آلاف اليمنيين وتقديم التسهيلات والمعاملة الأخوية رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الصومالي نفسه الا أنها مواقف لا تُنسى وتدل على معدن أصيل ووفاء عميق.
إن الشعب اليمني قاطبة ينظر بكل تقدير واعتزاز إلى الأشقاء في جمهورية الصومال قيادةً وشعبًا على ما أبدوه من مواقف أخوية نبيلة في مختلف المراحل وهنا نشيد بحكمة القيادة الصومالية وسعيها الدؤوب لتعزيز السلام والاستقرار كما نثمّن حرصها على دعم القضية اليمنية في المحافل الدولية
إن هذا التآزر بين البلدين ليس مجرد رد جميل بل هو امتداد لطبيعة العلاقة الأخوية التي لا يشوبها مصلحة ضيقة ولا تحكمها حسابات السياسة بل تؤطرها روح العروبة وقيم المبادئ والمصير الواحد.
رغم الظروف الصعبة التي يواجهها البلدان إلا أن الأمل معقود على الاساس الذي يجمع بين البلدبن من روابط تاريخية وبشرية واستراتيجية للانطلاق نحو تعاون اقتصادي وتجاري وأمني يخدم مصالح الشعبين. في المجال البحري المشترك والثروات الطبيعية وطاقات الشباب كلها تمثل فرصا واعدة لتكامل تنموي إذا ما أُحسن التخطيط له.
كما أن التعاون في مكافحة التحديات الأمنية مثل الإرهاب والقرصنة وتنسيق المواقف في المحافل الدولية سيكون له أثر بالغ في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
وختاما فإن علاقة اليمن والصومال ليست مجرد عنوان دبلوماسي بل قصة إخاء ووفاء وتكافل إنساني ضارب بجذور التاريخ ومهما تغيرت الظروف وتباينت السياسات فإن الشعوب الأصيلة تظل أوفى للعهد وأصدق في المودة وهنا نلفت أنظار الأشقاء في الصومال (قيادة سياسية وقبلية وشعب ) إلى ظهور بعض التصرفات تجاه بعض المهاجرين اليمنيين سواء من ملاحقة او ضرب ..الخ وهي بالتاكيد لاتمثل الأشقاء في الصومال ولكن نأمل من الجميع منع مثل هذه التصرفات التي تسيئ لجسور العلاقة الاخوية بين البلدين .
ومن هنا نناشد القيادة السياسية في الصومال التدخل لمنع مثل هذه التصرفات التي تضرر منها بعض المهاجرين اليمنيين هناك فمنهم من تعرض للضرب والتهديد ومنهم من تم اعتقاله واهانته ومنهم من تم منعه من حتى تقديم شكوى إلى الشرطة لكونه تعرض لظلم.
*إعلامي وكاتب يمني
Alsabahi@fimy.org