كتابات راي

مصادر القانون الصومالي

يستقي القانون الصومالي مصادره من التشريع، ومبادئ الشريعة الإسلامية ، ومبادئ العدالة الاجتماعية، وقواعد العدالة، بالإضافة إلى العرف. 

أولا : التشريع 

التشريع هو قيام السلطة المختصة في الدولة بوضع القواعد القانونية في صورة مكتوبة ، حيث تقوم هذه السلطة بوضع قواعد ملزمة لتنظيم العلاقات في المجتمع طبقاً للاجراءات المقررة لذلك والتشريع بهذا المعنى هو الذي يعتبر مصدراً للقانون. 

ويستفاد مما تقدم أن مصطلح “التشريع” ينصرف إلى عملية وضع القانون في صورة مكتوبة، كما ينصرف إلى القواعد القانونية ذاتها التي يتم وضعها بموجب هذه العملية، فهو المصدر والنتيجة في ذات الوقت. 

ويعتبر التشريع من أهم مصادر القانون في العصر الحديث فالأغلبية الساحقة من القواعد القانونية تستمد منه وجودها في النظم القانونية المعاصرة . ولم يكن التشريع يحتل هذه المكانة في الماضي ، فقد كان العرف يحتل مكان الصدارة بين مصادر القانون . ويكمن السبب في ازدياد أهمية التشريع الى توطيد سلطة الدولة وتشعب أنشطتها ونمو الاتجاهات الاجتماعية التي تقضي بتدخل الدولة في العديد من المجالات لتنظيمها عن طريق التشريع . أضف الى ذلك تطور و تعقد الروابط الاجتماعية على نحو يتطلب سرعة اصدار العديد من التشريعات التي تحكمها. 

ويشير البند الأول من المادة الأولى للقانون المدني الصومالي إلى أنه :” تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحوها”. 

ويكون التشريع  إذا مصدرا أوليا أصليا لدى القانون الصومالي. 

ثانيا : الشريعة 

الشريعة الإسلامية: هي مجموعة المبادئ، والأحكام التي شرعها الله سبحانه و تعالي، و فرض فيها علي المسلمين الامتثال لأوامرها و اجتناب نواهيها و تأتي كمصدر رسمي احتياطي أول للقانون  الصومالي بعد التشريع. 

وتتألف الشريعة من أحكام لعباده بنصوص القرآن، وما صدر عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من سنة قولية أو فعليه أو تقريرية أي الكتاب والسنة. 

هذا، ويجري الأمر عند البعض على إطلاق عبارة ” الشريعة الإسلامية ” على الفقه الإسلامي وكأن الشريعة مرادفة للفقه، في حين أنها أعم وأكمل من الفقه على اعتبار أن الأخير يمثل فهما لمجتهدين للشريعة، وهي المقصودة بقوله تعالى :{اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكمم نعتمي ورضيت لكم الإسلام دينا} سورة المائدة الأية 03. 

فالشريعة هي شرع الله للناس. فهي تتناول القوعد والأصول العامة، أما الفقه فهو استناط لمجتهدين من الكتاب والسنة اعتمادا على هذه القواعد وتلك الأصول. فالفقه إذن هو شرع الناس للناس. 

ويشير البند الأول من المادة الثالثة حول المبادئ الأساسية  للدستور المؤقت الصومالي إلى أن :” أساس دستور جمهورية الصومال الفيدرالية، القرآن الكريم، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ويصون مقاصد الشريعة ………”. 

وفيما يتعلق بسيادة الدستور، أشار البند الأول للمادة الرابعة إلى أن الدستور هي القانون الأسمي بعد الشريعة. 

وعند تفسير الحقوق الأساسية، أكد البند الثاني للمادة ( 40) أنه ” عند تفسير هذه الحقوق، تنظر المحكمة  بعين الاعتبار في الشريعة الإسلامية……………”. 

وفي البند الرابع من نفس المادة، شددت على أن”  الحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الباب لا يمكن أن تتعارض مع الحقوق الأخرى التي قررتها الشرعية الإسلامية…………”. 

وفي الدستور الصومالي بجمهورية الصومال الصادر في عام 1960م، ذكرت المادة الخمسين منه  أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي في التشريع لقوانين الدولة. 

وفيما يتعلق بالأحوال الشخصية،  نص المشرع الصومالي من خلال المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية  على أن :”  تطبق نصوص هذا القانون في جميع الحالات التي يشملها، وفي حالة عدم وجود نص معين، تطبق الآراء الراجحة في مذهب الإمام الشافعي، ثم المبادئ العامة للشريعة الإسلامية، والعدالة الاجتماعية”. 

وفي قانون العقوبات، لم ينص المشرع الجنائي الصومالي علي دور الشريعة الإسلامية في شي ء من مواده. 

وعموما ، تأتي الشريعة الإسلامية كمصدر رسمي احتياطي أول  للقانون الصومالي، بعد التشريع مباشرة. 

ثالثا: مبادئ العدالة الاجتماعية: 

العدالة الاجتماعية هي نظام اقتصادي واجتماعي يهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع. تسمى أحياناً العدالة المدنية، وتصف فكرة المجتمع الذي تسود فيه العدالة في كافة مناحيه، بدلاً من انحصارها في عدالة القانون فقط. بشكل عام، تفهم العدالة الاجتماعية على أنّها توفير معاملة عادلة وحصة تشاركية من خيرات المجتمع. 

ونص المشرع الصومالي من خلال البند الثاني للمادة الأولى من القانون المدني الصومالي : ” فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإن لم توجد  فمبقتضى مبادئ العدالة الاجتماعية……………….”. 

رابعا: قواعد العدالة 

يقصد بالقانون الطبيعي مجموعة المبادئ المثالية التي لا تتغير في الزمان أو المكان والتي يتوصل إليها الإنسان بتفكيره وعقله وتأمله، وعن طريقها يهتدي المشرع إلى السبيل الموصل بالتشريع إلى درجة الكمال 

وقواعد العدالة فهي شعور كامن في النفس يكشف عنه العقل السليم، ويوحي به الضمير المستنير ويهدف إلى إعطاء كل ذي حق حقه. 

ونص المشرع الصومالي من خلال البند الثاني للمادة الأولى من القانون المدني الصومالي : ” فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإن لم توجد  فمبقتضى مبادئ العدالة الاجتماعية، وقواعد العدالة. 

خامسا:  العرف 

الـعـرف : هو اعتياد الناس علي سلوك معين في مسالة معينة بحيث تنشأ منه قاعدة يسود الاعتقاد بأنها ملزمة لها قوة التشريع حيث يتعرض من يخالفها لجزاء مادي توقعه السلطة العامة. 

والعرف يشكل مصدرا حيويا للقانون، وحيويته تأتي من كونه يعكس بصدق  حاجيات الأفراد وطموحاتهم، والعرف على خلاف التشريع، لا يصدر عن هيئة مختصة بل هو نتاج ما اعتاد الناس عليه من سلوك معين، لمدة معينة مع الاعتقاد بإلزامية هذا السلوك. 

وعليه، يمكن تعريف العرف على أنه قواعد قانونية درج الناس على اتباعها في معاملاتهم زمنا طويلا حتى لديهم الشعور بإلزاميتها وبضروة احترامها خشية تعرضهم للجزاء. 

وهكذا فإن لفظ “العرف” – شأنه شأن لفظ التشريع- يحتمل أحد معنيين : أولهما هو المصدر الذي يولد القاعدة القانونية، وثانيهما هو القواعد ذاتها المستمدة من هذا المصدر، فهو بذلك يطلق على المصدر والنتيجة في ذات الوقت. 

ويقتضي دراسة العرف،  التعرف على أركانه وشروطه،  ثم مزاياه وعيوبه، وتطوره التاريخي في الصومال. 

وفي البند الرابع من مادة (40) لمسودة الدستور المؤقت الصومالي ، تناول دور الأعراف مع الشريعة الإسلامية حيث يقول هذا البند  إن ”  الحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الباب لا يمكن أن تتعارض مع الحقوق الأخرى التي قررتها الشرعية الإسلامية، أو الأعراف التي يمكن أن تتماشى مع الشريعة والدستور”. 

وفي نظام القضاء الصومالي المرسوم رقم 30 الصادر في الـ22 يوينو 1963 بشأن نظام القضاء،شرحت  مادته التاسعة دور قواعد الشريعة الإسلامية  والعرف في المنازعات التي يكون موضوعها علاقات قانونية نشأت استناد لهذه القواعد. 

ولم يتناول القانون المدني في مادته الأولى دور العرف، ولكن مسودة الدستور، ونظام القضاء، ألمحا إلى دور العرف حيث نص نظام القضاء على المنازعات التي يكون موضوعها علاقات قانونية نشأت استنادا لهذه القواعد. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق