ما الذي حدث لحافلة كيسمايو؟!
ما الذي حدث لحافلة كيسمايو ؟
رسالة من أحد شهداء الحافلة
” .. نحن فريق الغرفة التجارية لكرة القدم، كنا على متن حافلة في وسط كيسمايو وفي طريقنا الى الملعب لخوض مباراة… فجأة هزة قوية تضرب الحافلة… يتحول كل شيء في دخل الحافلة إلى ألسنة لهب وبقايا أجساد بشرية بما في ذلك جسدي أنا تتناثر في الأرجاء … يسود صمت رهيب في المشهد قبل أن تنطلق آهات وأنين بعض زملائي الجرحى … آخر ما اتذكره هو أننا كنا في طريقنا إلى الملعب …
إذًا مالذي حدث ؟
هل تعرضنا لانفجار؟!
أي نوع من الانفجار ات؟!
لغم أرضي؟
عبوة ناسفة مزروعة في الحافلة ؟!
يا ترى من بإمكانه القيام بعمل جبان كهذا؟!
من المستفيد؟!
هل كنا نحن المستهدفين ؟!
أم أننا دفعنا ثمن حسابات خاطئة؟!
هل قام (أي كان) بتفجير الحافلة وهو صامت؟!
أم أنه كان يتمتم بشيء ما؟!
هل كان يعلم مسبقًا بالجرم الذي سيرتكبه ويقدم لنا اعتذاره بأنه لا شيء شخصي مما يحدث، وأنه جندي ينفذ التعليمات؟! أم أنه يعتقد صوابية عمله ويقوم بترتيل طقوسه؟!
هل كان يعرف من نحن؟ هل يعرف أن لنا عوائل وأسر؟! هل باستطاعته محاولة تصور وطأة هذا الخبر الحزين على أحبائنا؟! وقبل أن استرسل في هذا التساؤل قاطعتني صفارات سيارات الاسعاف التي هرعت الى المشهد لإنقاذ ما يمكن انقاذه من بعض الفريق الذين ما زال لديهم الرمق الأخير، أما أنا وبعض الزملاء قد فارقت أرواحنا عن أجسادنا التي تحولت الي قطع متناثرة في كل مكان، في مشهد لوصفته بالبشع في حال بقيت على قيد الحياة، لكن روحي المتحررة من جسدها ترى هذا المشهد لوحة فنية تعكس ما في الإنسان من روح عدائية همجية…
في هذه اللحظة كانت روحي تتكلف من أجل الوصول الي استنتاج حول هذا المشهد، وكيف يمكن للبشر مشاهدة ما حدث ومواصلة حياتهم الطبيعية وكأن شيء لم يكن…
لقد تم إخماد حريق الحافلة، ونقلت سيارات الاسعاف الجرحى وما تبقى من أجسادنا أنا ومن قضت حكمة الله أن نودع الدنيا هذه اللحظة وبهذه الطريقة !!!
الناس الذين تجمهروا حول الحافلة بدأوا يتفرقون بعد أن وصل السيرك بآخر حلقات استعراضه، يتملكهم التأسف على حالنا، وفي نفسهم خوف من أن يكتشف مرتكبوا جريمتنا عن تعاطفهم القلبي معنا، فيتداركون بإلتفات الى اليمين والى اليسار لمعرفة إن كان هنا في المشهد من يدقق في قسمات وجههم …
يا لقسوة من قتلنا!! فحتى التعاطف معنا جريمة!!! لأنه يدرك أن هذا التعاطف إدانة مبطنة لهم ولأفعالهم الشنيعة..
أووف!!! لم يعد بالامكان البقاء في هذه الأجواء العفنة … بدأت روحي تطير … ترفرف نحو ملكوت الله وإلى جناته الخلد … هناك سألتقي مع رب العالمين سأسأله إن كان بوسعي أنا وفريقي أن نقيم مباراتنا في الجنة؟!
فيرد علي رب العزة ” لكم فيها ما تشتهي الأنفس ولكم فيها ما تدعون”
صدق الله العظيم
ورحم الله شهداء الحافلة.