العرب في غفلة عن الثورة الصناعية الرابعة
كتاب “التعلم العميق: الفلسفة، التطبيقات والآفاق” لمؤلفيه الدكتور همام عبدالخالق عبدالغفور والدكتور محمد عبدالوهاب العزاوي، يلقي الضوء على أبرز التحولات التي أفرزتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي يشهد العالم آثارها على مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
حاول المؤلفان في كتابهما الذي صدر قبل أيام في القاهرة، عن المنظمة العربية للتنمية الإدارية، إزالة الغموض عن مفهوم التعلم العميق الذي يعلم الكومبيوتر كيفية تصفية الملاحظات على هيئة صور أو نصوص أو أصوات، من أجل تعلم كيفية التنبؤ بالمعلومات وتصنيفها. حسب المؤلفين عبدالغفور والعزاوي، فإن التعلم العميق مستوحى من الطريقة التي يصفي بها العقل البشري المعلومات من أجل خلق بعض السحر الحقيقي لمنع ارتكاب الأخطاء وتشويه الحقائق.
يستخدم الكتاب لغة سهلة في تأليفه لتحفيز المختصين في الدول العربية على تطوير أدوات التعلم في المدرسة، وتطوير البنى التحتية في المؤسسات الجامعية، على وجه الخصوص، وهي تدخل عصر الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز إيمان صانعي سياسات التعليم لبذل المزيد من الجهود لتطوير نظام التعليم، من خلال إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهها المؤسسات التعليمية، وبصفة خاصة ما يتعلق منها بمخاطر التأخر التكنولوجي، وغيرها من التحديات التي تواجه التعليم التقليدي.
يسعى الكتاب إلى استشراف تأثير ثلاثية الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتعلم العميق على تطور قدرات المؤسسات التعليمية العربية، بعد دخول العالم في عصر الثورة الصناعية الرابعة، وقد سعى المؤلفان إلى الاطلاع على أكبر عدد ممكن من المراجع ذات العلاقة التي قاربت المئة مرجع ومصدر علمي، فضلا عن البحوث المنشورة على شبكة المعلومات.
السؤال الذي قد يثور هنا، هو كيف نرتقي بمؤشر جودة التعليم، بعد أن أظهر مؤشر دافوس حول التعليم للعام 2019 خروج ست دول عربية من التقييم هي سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان والصومال؟ علما أن حال معظم الدول العربية الأخرى ليست بأحسن من تلك التي خرجت من التقييم، فدول المغرب وعمان والجزائر وموريتانيا ومصر حصدت التسلسلات بين 101 و139 عالميا من بين 140 دولة شملها مؤشر الجودة.
يقر الكتاب بأن سر التميز في قطاع التعليم في الدول المتقدمة، ومنها كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة وفنلندا، هو اهتمامها بالاستثمار في التعليم واعتباره مسؤولية الجميع حكومات ومؤسسات ومجتمع.
شهد العالم تغير أماكن العمل وطريقة أدائه، وبدأت المصانع الذكية تستخدم إنترنت الأشياء في العمل، وأصبحت الابتكارات المتلاحقة، ومنها غوغل هوم والسيارات ذاتية القيادة، تحيط بالعالم، الذي بدأ يشهد التحولات الاقتصادية الناتجة عن التأثير الواسع للصناعات القائمة على المعرفة، كما شهد العقد الماضي جملة من التطورات العلمية والتكنولوجية تمثلت في استخدام مصطلحات الإنترنت الصناعي، والمصنع الرقمي، والحوسبة السحابية، والحوسبة الكمومية، كلها أشرت بداية عصر جديد في العالم أطلق عليه الثورة الصناعية الرابعة.
ما زال العرب يعانون من تخلف اقتصادي وصناعي لأن اقتصاديات معظم الدول العربية وحيدة الجانب، ولم تتشبث بالثورات الصناعية المتعاقبة، ولا تزال هذه الدول غافلة عن الثورة الصناعية الرابعة التي انطلقت منذ أعوام عدة، وذلك كله سوف يؤدي إلى تخلف عربي في الاقتصاد والعقول. ربما يكون هذا التعبير تشاؤميا، إذ ستتحول تسميات البلدان العربية من الدول النامية إلى الدول المتخلفة في الذكاء.
يقترح الكتاب على الدول العربية لتفادي التخلف في الذكاء، أن تعي حاجتها إلى قيادة كفؤة ونشيطة لتحسين العملية التعليمية، والارتقاء بالتعليم الرقمي، ومواجهة خطر التخلف التقني، والعالم يدخل حقبة الثورة الصناعية الرابعة، ومواجهاتها المتمثلة بالتكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا المادية (الفيزيائية) والتكنولوجيا الحيوية، معتبرا ذلك مسؤولية وطنية كبيرة تقع على عاتق القيادات التعليمية.
*كاتبة عراقية