الانتخابات هل تنقذ الصوماليين؟
الصومال تعيش في الوقت الضائع. فنسيج المجتمع في حالة يرثى لها بسبب الصراع السياسي العشائري المستمر الذي أعاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لما يقرب من ثلاثة عقود. ومنذ عام 1991، جلبت الحرب الأهلية الصومالية، من بين أمور أخرى، عدم الاستقرار السياسي، والمجاعة، والإرهاب. والبلاد تنتقل من كارثة إلى أخرى، ولذا يجب أن تنتهي هذه الدائرة المغلقة. وقد حان الوقت لتغيير حقيقي – وعلى الصومال أن تبدأ بالاقتصاد.
ومنذ أن أنشأ الصومال حكومة انتقالية في عام 2000، كان السياسيون الصوماليون يفتقرون باستمرار إلى الإرادة لانتشال ملايين الصوماليين من انعدام الأمن وعدم الاستقرار واليأس الاقتصادي. وبدلاً من ذلك، استمروا في إجراء حوار وطني خاطئ، مدفوعاً بالسياسات العشائرية، ويقع الشعب الصومالي فريسة لتكتيكاتهم. وبغض النظر عن الرئيس الصومالي الذي سينتخب في 8 فبراير(شباط)، فإن على القادة الجدد واجباً أخلاقياً بالتوصل إلى إطار عملي للتنمية الاقتصادية المستدامة يعطي الأولوية للشمولية والازدهار المشترك.
ونظراً لأن الانقسامات في البلاد عديدة، فإن إعادة إنعاش الاقتصاد الصومالي بما يعود بالفائدة على جميع المواطنين يعد أمراً شاقاً. ومنذ عام 2000، كان النظام السياسي قائماً على «صيغة 4.5» – وهي ترتيب لتقاسم السلطة بين العشائر الأربع الكبيرة ومجموعة من العشائر الأصغر – التي أدت إلى حالة من الجمود السياسي والمزيد من الانقسامات.
ونعتقد أن الصومال يجب أن يسعى جاهداً لإعادة بناء ولائه الوطني الذي كان ذات يوم موضع حسد لإفريقيا في العقود التي سبقت الحرب الأهلية من خلال التنمية الاقتصادية والمشاركة العادلة في الموارد استراتيجية.
وعلى الرغم من الإجماع الذي طال انتظاره بشأن تشكيل ولايات إقليمية، فإن الافتقار إلى التماسك السياسي بين تلك الولايات والحكومة الفيدرالية لا يزال يعيق النمو الاقتصادي ويعيق ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. إن تخفيف الديون ليس سوى حل قصير الأجل لن يؤدي إلى نمو الاقتصاد وجذب الاستثمار في الأسهم الخاصة الذي تحتاج إليه الصومال؛ ولا ينبغي للبلد أن يتسرع في سداد الديون كي لا يتحمل المزيد من الديون.
وتعطي الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد الصوماليين أسباباً للتفاؤل ولكن حتى الآن، فشلت جهود الصومال لبناء مؤسسات قوية تستفيد منها. وتنعم الصومال بوفرة الموارد والصناعات، بما في ذلك النفط والغاز والمعادن والزراعة ومصايد الأسماك.
ونظراً لأن الإرادة السياسية هي جوهر أي خطة تنمية اقتصادية، يتعين على الصوماليين حث سياسييهم على إعطاء الأولوية لسياسات فعالة وتنفيذها. ويجب أن تكون السياسات الشاملة والنمو المشترك في قلب كل هذا بغض النظر عن العمر أو الجنس أو العشيرة أو الانتماء السياسي أو المنطقة. وتحتاج النساء بشكل خاص إلى أن يتم تمثيلهن في جميع أنحاء الهيكل الاجتماعي والاقتصادي للبلد.
وينبغي تشكيل خطة تنمية اقتصادية تسمح للبلد بتحقيق أهداف تنموية محددة تساعده على الخروج من الفقر. وكذلك الانتقال من اقتصاد قائم على الاستيراد إلى اقتصاد آمن غذائي، وإحضار وظائف التصنيع والوظائف التقنية إلى الصومال، والاستثمار في الرعاية الصحية والتعليم المجاني والجيد.
بخلاف ذلك، ستستمر الصومال في الوقوع في الصورة النمطية للدولة الفاسدة للغاية وسيستمر هذا في الإضرار بصورة الدولة في جميع أنحاء العالم وتحويل عملية سحب الاستثمارات إلى دول إفريقية أخرى أكثر موثوقية وشفافية.
وبدون هذه التغييرات، لن يكون المجتمع الصومالي نموذجاً منصفاً أو مستداماً، وسيكون هناك المزيد من الصراع الاجتماعي والاقتصادي. لذلك، في الفترة التي تسبق الانتخابات وما بعدها، يجب على الشعب الصومالي أن يطالب قادته المستقبليين بالطموح والشجاعة لتعزيز السياسات الشاملة من خلال الوصول العادل إلى الفرص الاقتصادية التي ستعيد الكرامة للمواطنين.
* أستاذة مساعدة فخرية في المالية والاقتصاد في الجامعة في كلية بافالو للإدارة.
(فورين بوليسي)