روح الحضارة والثقافة
فقد كانت الحضارة الاسلامية من أثر انسان اكتسب وضعا منسجما في ذاته , آمنا الي نفسة , وافاء عليها مما افاء الله عليه , فصنع علي مثال نفسه حضارة اكتسبها وأفاء عليها مما أفاء الله عليه , حتي فاقت بما فيها من انسجام , ولم يكن لها نظير فيهما بين الحضارات وسولت للإنسان عاطفته المفتونة بالحياة , وان يتناول تلك الصور الجديدة منها ,
امتازت حضارة الاسلام بالانسجام والأمن , وليس ذلك مقصورا علي انسجام وأمن اجتماعيين خارجيين , تأتلف بهما العناصر والطبقات , وهذا المعني السامي , من الأمن والانسجام , الذي هو اساس الدين الاسلامي وسر الحضارة الاسلامية , تبتدئ تكونه في الفرد بطريقة تربوية , تعتد علي ادراك الحس الباطني , وهكذا تتولي كلمة الوحي النفس الانسانية بالعون , والتثبيت , والهداية , حتي لا تخور , ولا تضل , ولا تسقط , دون القصد الذي توجهت الية , بداعية من ذاتها
اذا تقومت شخصية الفرد المسلم , علي ذلك المنهج التربوي , الذي أخذت به علي سبيل الدعوة الدينية فتحركت في النفس غريزة التطلع الي المعرفة , ثم ثارت فيه داعية الفكر فحضارة الاسلام المعتد بها , هي الصورة اليقظة الفكرية , والهيمنة الانشائية , التي تولدت من حرارة ايمان المسلمين في الاجيال الاولي , فمكنتهم من أن يخرجوا عن المحيط الاقليمي الي المحيط , وان يتنولوا المعارف كلها بداع من ايمانهم الديني , ولغاية تبدوا في عظمة دينهم.
إن الحضارة الإسلامية هي الوحيدة التي لم يُفصل فيها الدِّين عن الدولة، مع نجاتها من كلِّ مآسي المزج بينهما كما عرفته أوربا في القرون الوسطى، لقد كان رئيسُ الدَّولة خليفةً وأميرًا للمؤمنين؛ لكن الحكم عنده للحقِّ، والتشريع للمُختصِّين فيه، ولكلِّ فئة من العلماء اختصاصُهم، والجميـع يتسـاوَوْن أمام القانون، والتفاضل بالتَّقوى والخدمة العامة للناس؛ “وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”، “الْخَلْقُ عِيَالُ اللَّهِ، وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ”.هذا هو الدِّين الذي قامت عليه الحضارة الإسلامية، ليس فيه امتيازٌ لرئيس، ولا لرجل دين، ولا لشريف ولا لغني؛ {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف:110].
– وآخر ما نذكر من خصائص الحضارة الإسلامية: هذا التسامح الديني العجيب، الذي لم تعرفه حضارة مثلها قامت على الدِّين؛ إن الذي لا يؤمن بدين ولا بإله لا يبدو عجيبًا إذا نظر إلى الأديان كلِّها على حدٍّ سواء، وإذا عامـل أتباعهـا بالقسطاس المُستقيم؛
ولكنَّ صاحب الدين الذي يؤمن بأنَّ دينه حق، وأن عقيدته أقوم العقائد وأصحها، ثم يتاح له أن يحمل السيف، ويفتح المدن، ويستولي على الحكم، ويجلس على منصة القضاء، ثم لا يحمله إيمانُه بدينه، واعتزازُه بعقيدته على أنْ يجورَ في الحكم، أو أن ينحرف عن سنن العدالة، أو يحمل الناس على اتِّباع دينه، إن رجلاً مثل هذا لعجيب أن يكون في التاريخ، فكيف إذا وُجد في التاريخ حضارةٌ قامت على الدِّين، وشُيِّدت قواعدُها على مبادئه، ثُمَّ هي من أشد ما عرف التاريخ تسامحًا وعدالة ورحمة وإنسانية؟!
من الاقوال المأثورة في تاريخ الآداب العالمية ان إنجلترا تملك شكسبير وان فرنسا تملك هو وان امانيا تملك جوتة وهذا القول يدلنا علي قيمة الكلمة في حياة كل شعب ويدلنا من ثم علي ان اللغة بآدابها وان الامم تتمي بالعبقري من هذه الآداب وكانت اللغة العربية في العصور الوسطي هي لغة العلم والمعرفة عند جميع شعوب الارض وخلاصة ذلك ان اللغة العربية كانت لغة العلم والمعرفة حينما كانت أوربا تعيش في ظلام العصور الوسطي وحين كانت اللغة اللاتينية تلفظ أنفاسها الاخيرة
ويجب ان ندرك سر هذه اللغة ( العربية ) التي قاومت كل العقبات ولم تمت كما ماتت اللغة اللاتينية فهذا السر كامن في قدراتها علي الحياة والبقاء كان العرب يعتزون بلغتهم اعتزاز شديدا ويرون ان صراعهم القومي لن ترجحه كفة سوى اللغة العربية وبدأ العرب يدافعون عن كيانهم دفاعا يرتبط بأساس وحدتهم وهو اللغة
( ان لغتنا لغة عبقرية انها لغة نصف القارة الاسيوية وكل القارة الافريقية تقريبا فضلا عن كونها لغة القرآن ) اننا عرب قبل كل شيء المسلم عربي والمسيحي عربي اجل عرب قبل ان نكون مسلمين والمسيحي عربي قبل ان يكون مسيحيا خرجت اللغة العربية من كل هذا الصراع قوية سليمة واحتفظت بخصائصها وخلاصة ما يقال في هذا المجال هو ان اللغة الموحدة قائمة منذ نزول القرآن وهي تحتفظ بخصائصها برغم كل الحروب التي يشنها المستعمرون والشعوبيون والانفصاليون
نبثق مفهوم الحضارة من حضرَ والحضر هُم السُكّان الذين استقرّوا في المُدنِ والقُرى، وهم بذلك عاشوا حياة مُختلفة عن حياة البدو الذين يعتمدون على الترحال من مكانٍ إلى آخر بغيّة الحصول على مسكنٍ آمن ومأكل ومشرب، والحضارة تقوم على أسس كثيرة وهي مُرتبطة ارتباط وثيق بالثقافة بشكلٍ عام وثقافة الإنسان على وجه الخصوص، فتعلّم الإنسان يزيد من رُقي الحضارة، فهو بذلك يعمل على تقوية الحضارة بالمعرفةِ والعلم، فالعمارة دليل على ازدهار الحضارة، وأيضًا ازدهار العلوم والأدب يُمكّن الإنسان من بناء حضارته، ومظهر الإنسانِ وزيّه يدلان على مدى تقدّم الحضارة التي يمكث بها الإنسان، وفيما يأتي بحث كامل عن الحضارة الإسلامية
بحث كامل عن الحضارة الإسلامية كان لظهور الإسلام دور كبير في تشكيل الإنسان حضارته في تلك الفترة، فقد أقام الإنسان حضارته على الإسلام وتعاليمه وهو بذلك يؤسس حضارة قويّة ومجتمع مُتماسك ومترابط، وعند ظهور الإسلام كانت هناك حضارة قائمة في الفترة الجاهليّة، ولا يمكننا أنْ نُسقط تلك الفترة التي كانت غنيّة بالمعرفة والأدب، صحيح كان هناك ممارسات خاطئة واعتقادات باطلة، ولكن الإسلام لم يظهر لإلغاء ما قبله وإنما لتقويم المُعتقدات وتصحيحها وتنمية الصفات الحميدة التي امتلكها العرب مثل: الكرم والشجاعة والأمانة والصدق وغيرها، وكان العرب قبل الإسلام لديهم اهتمام كبير في العلوم ومنها: علم الفلك وعلم الطبّ، وقد ازدهرت التجارة في فترتهم فهم قوم يعتمدون على مواسم التجارة، هذه حضارة كانت غنيّة بالأدب والمعرفة والشعر
وقد تعددت أغراض الشعر فمنها: الغزل وقد كان يُعبّر عن مشاعر القائل تجاه محبوبته وكان امرؤ القيس من أشهر الشعراء الذين كتبوا قصائد الغزل، ومن أغراض الشعر أيضًا المديح وقد برز الكثير من الشُعراء في هذا الجانب منهم: النابغة الذبياني، الأعشى، هرم بن سنان، زهير بن أبي سلمى وغيرهم، وقد جاء الإسلام وانتشرت دعوة الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- وقام بتشكيل الدولة في يثرب بعد هجرته إليها، وبهذا تبدأ عملية صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية، فقد أرسى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- معالم الدولة وآخى بين المهاجرين والأنصار وكان هذا من أسباب صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية، وكانت أعمال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في يثرب من بناء المساجد ووضع دستور الدولة من خلال صحيفة المدينة، كل هذه الأعمال ساهمت في نشوء الحضارة الإسلاميّة
وقد ازدهر الأدب في العصر الإسلاميّ وخصوصًا الشعر وقد ساهم ذلك في صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية، ومن أبرز شُعراء صدر الإسلام: حسان بن ثابت، كعب بن زهير بن أبي سلمى، الحطيئة، الخنساء وغيرهم.
وبعد تثبيت أركان الدولة ووفاة الرسول -محمد صلّى الله عليه وسلّم-، بدأت فترة حكم الخلفاء الراشدين وقد ساهمت هذه الفترة في صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية، فقد كانت الفتوحات الإسلاميّة تطرق كل البلدان، كما كانت العمارة حاضرة في تلك الفترة فقد تمّ بناء العديد من المُدن مثل الكوفة والفسطاط، الأمر الذي أدّى إلى ازدهار الحضارة الإسلاميّة أكثر وأكثر، وقد استمرّ حكم الخلفاء الراشدين ما يقارب 30 سنة،
وقد كانت لتلك الفترة إسهام كبير في صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية. وبعد الفترة المهمّة التي تمثّلت بفترة حكم الخلفاء الراشدين كانت فترة حكم الدولة الأمويّة، وقد ساهم خلفاء بني أميّة في صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية من خلال الازدهار الذي حصل في عهدهم، وتمثّل ازدهار الحضارة الإسلاميّة في العهد الأمويّ بازدهار العلوم والأدب وبناء المدن والفتوحات، وازدهر في الفترة الأمويّة علم النحو وكان لأبو الأسود الدؤليّ أثر في تشكيل معالم هذا العلم، وأيضًا ازدهر تدوين الحديث في العصر الأمويّ
وكان من أشهر من دوّن الحديث: مالك بن أنس، محمد بن مسلم وغيرهم، كما ازدهر في العهد الأمويّ علم التاريخ وعلم الكيمياء، وكان للترجمة دور مهم في تطور الحضارة الإسلاميّة، وأيضًا ازدهر الشعر الأمويّ وكان من أشهر شعراء هذا العصر: جرير، الأخطل، الفرزدق وغيرهم، كل هذه العوامل ساهمت في صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية.
وقد قامت الدولة العباسية وأسقطت بذلك الدولة الأمويّة، وقد كان للدولة العباسية دور في صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية، من خلال ازدهار العمارة الإسلاميّة وبناء المُدن مثل: بغداد، سامراء، وأيضًا ازدهر في تلك الفترة الأدب والشعر على وجه الخصوص وكان من أبرز شعراء العصر العباسيّ: أبو الطيّب المُتنبي، أبو العتاهية، أبو نواس، وقد ساهم هؤلاء الشعراء في ازدهار الحضارة الإسلاميّة، ولا نغفل عهد الدولة الأموية في الأندلس التي كانت جزء من صياغة بحث كامل عن الحضارة الإسلامية، وقد ازدهر الأدب والشعر الأندلسيّ وكان من أشهر شعراء هذا العصر: ابن زيدون، ابن رشيق القيرواني، تميم بن المُعزّ وغيرهم، وقد ازدهرت العمارة أيضًا في الاندلس وهذا ساهم في ازدهار الحضارة الإسلاميّة، وقد كان في زمن الدولة العباسية العديد من الدول المستقلة عن الحكم العباسيّ، وقد ساهمت هذه الدول في ازدهار الحضارة الإسلاميّة والعمارة والأدب والفنون بأنواعها، ومن هذه الدول: الدولة السلجوقية، الدولة الفاطمية، الدولة الأيوبيّة، الدولة المملوكية وغيرهم، كل هذه الدول ساهمت في تكوين الحضارة، وبذلك تكون الحضارة الإسلاميّة قد ازدهرت بالإسلام أولًا من ثمّ العلوم والأدب.