هل تمثيل مقديشو مناورة على خط أزمة الانتخابات؟
ورقة جديدة يتلاعب بها النظام الصومالي تراكم شروخ مشهد سياسي مثقل بأزمة انتخابات خانقة في بلد يواجه سيناريوهات الفوضى أو الفراغ.
وقالت مصادر سياسية أن الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو يضرب هذه المرة على وتر التمثيل السياسي لسكان العاصمة مقديشو بمجلس الشيوخ، محاولا كسب ود العشائر الرئيسية القاطنة بمحافظة بنادر التي تضم العاصمة، لتجاوز ضغوط دولية تستهدفه من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أخرى لها تأثير على السياسة الصومالية، لحل أزمة الانتخابات.
ومساء الخميس، وقع فرماجو قرارا صادرًا من مجلس الشعب (الغرفة السفلى للبرلمان) في 27 يونيو/حزيران الماضي، ينص على حصول محافظة بنادر على 13 مقعدا في مجلس الشيوخ، وفق بيان صادر عن الرئاسة الصومالية.
وقال البيان: “نظرا للمساعي الكبيرة والمسار الطويل لحصول محافظة بنادر على حقوق تمثيلها السياسي في مجلس الشيوخ، واستجابة لشكاوى الزعماء التقليديين، وقع الرئيس فرماجو على هذا القرار بأن يكون لمحافظة بنادر 13 مقعدا في مجلس الشيوخ للبرلمان الصومالي المقبل”.
كسر مسار
بخطوته، يصر فرماجو على انتهاك الأعراف السياسية والعشائرية، حيث تتطلب قضية حصول مقديشو تمثيلا سياسيا 3 بنود أساسية وهي؛ أولا الاتفاق السياسي الشامل بين جميع مكونات الشعب الصومالي لمركزيتها، وأنها منطقة لجميع الصوماليين وليست لقبيلة واحدة من القبائل رغم وجود قبائل ذات أغلبية.
ثانيا؛ حصول المدينة على مقام سياسي في دستور صومالي دائم يسمح لها بلعب دورين اثنين؛ عاصمة قومية للصوماليين ومنطقة تستوفي حصول سكانها حقوق التمثيل السياسي دون مشاركة بدعوى أنها عاصمة قومية.
وثالثا؛ استكمال الدستور الصومالي الذي يعتبر حتى الآن مؤقتا.
والمقام يكون على سياقين لا ثالث لهما؛ وهما تشكيل مجلس محلي منتخب من سكان العاصمة، أو تشكيل إدارة ذاتية الحكم تكون عضوا في الحكومة الفيدرالية مثل الولايات الصومالية الخمسة يشارك فيها القبائل القاطنة ذات الغالبية، ما يلغي إزدواجية أن تكون إدارة العاصمة تعين من قبل مكتب الرئيس كما هو الوضع الآن، والحصول بنفس الوقت على تمثيل سياسي.
وتخضع هذه القضية لحسابات عشائرية حساسة بين الصوماليين يراهن من خلالها فرماجو على ضرب المعارضة السياسية بعضها ببعض، وجني ثمار سياسية تمكنه من الإفلات من الضغوط الدولية والمحلية التي يواجهها في وقت لم يتبق من ولايته الدستورية سوى أيام دون وجود صيغة توافقية بين الصوماليين لإجراء انتخابات عامة.
غير دستورية
مراقبون يرون أن هذه الخطوة التي أقدم عليها فرماجو لن تؤثر على تماسك المؤثرين من المعارضة السياسية، لأنها لعبة مكشوفة لثلاثة أسباب، أولها أن توقيتها يدل على أن فرماجو استنفذ جميع أوراقه السياسية، ولا يريد من وراء هذا الأمر سوى إحداث ضجة سياسية وإعلامية.
أما السبب الثاني، فيعود لحقيقة أن الخطوة غير دستورية تماما لعدة أوجه، وهي أن البرلمان الصومالي يتكون من غرفتين ولا يكتمل مشروع القانون كقانون نافذ إلا إذا صادقت عليه الغرفتان ليكون قانونيا بعد توقيع الرئيس، ولم يحدث ذلك لأن الغرفة السفلى (مجلس الشعب/ ٢٧٥ مقعدا) يمثل كافة القبائل الصومالية هو من وقع عليه ولم يمرر للغرفة العليا (مجلس الشيوخ/ ٥٤ مقعدا) يمثل الولايات الإقليمية.
ثالثا، يتطلب تنفيذ منح ١٣ مقعدا لمقديشو في مجلس الشيوخ تعديل الدستور الذي ينص على أن عدد أعضاء مجلس الشيوخ يتكون من ٥٤، وفي حال رأت خطة فرماجو النور، سيكون أعضاء المجلس ٦٧، وطالما أنه لم يتم تعديل هذه المادة من الدستور، فإنه لا يحق للبرلمان الحالي الإقدام على هذه الخطوة طالما أن ولايته الدستورية انتهت في ٢٧ ديسمبر/كانون أول الماضي.
ويرى محللون أن فرماجو يحاول من خلال هذا الإجراء، إعادة مسار الاتفاق السياسي للانتخابات إلى مربعه الأول، لأن الاتفاق السياسي لا ينص على التمثيل السياسي لسكان مقديشو، لكن المجتمع الدولي يعتبر المساس بالاتفاق السياسي بالاحتجاج أو التعديل عليه أمرا مرفوضا بما أن الخلافات حول الاقتراع تشمل الجزئيات وليس المبادئ، ويمكن حلها بلقاء تشاوري جاد.