عبقرية الأديب والمطرب الصومالي محمد عمر طلحة
الأديب محمد عمر طلحة شخصية قيمة، وموسوعة أدبية، وفن رائع، وجمال فوق جمال ، في كلامه حكم ودرر جمّة، وزبد وأمثال ومختارات أدبية ، في خطابه يعشقه الأدباء والشعراء، ويحبه البشر بأسره ، لأنه أديب وفحل متميز في مجال الأدب والفن ، وقيل الفن هو ..” التّعبير الجماليّ عن فكرة أو ذوق معيّن، و هو ميدان جدّ واسع و ثريّ مثل الرّسم، المسرح، الطّبخ، السّينما، الموسيقى، فن العمارة، فنون التلوين، التصميم، ولعلّ الوظيفة الرئيسة للفن هي تهذيب النّفس البشريّة ، و الإرتقاء بها إلى أعلى مراتب التعبير الجم..” نعم لهذا الفن الجميل يتحدث شاعرنا وأديبنا جلّ أوقاته الثمينة، وله قصص وحكايات شعبية ، الجميع يتذكر بأغنته السامية “SHanka roon” المشهورة في أوساط المجتمع الصومالي .والتي غنّ بها أيام فتوّته الموفرة وعنفوان شبابه المبارك بصوته الهادي، وقد أبدع الطرب بموجاتها المتعاقبة وبلحنها الروحاني الأزلي.
ولد الأديب المخضرم و الأستاذ الكبير السيد محمد عمر طلحة عام 1954 في منطقة ون لانوين بمنطقة شبيلي السفلى. وتعلم فيها القرآن الكريم وقد انهى تعليمه القرآني من مدرسة قرآنية في عام 1963 ، وبعد ذلك كما في العادة بدأ تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدرسة بلدة ون لاوين إلى أن تخرج في عام 1972. واصل الشاعر محمد عمر طلحة مشواره التعليمي وأنهى دراسته الثانوية في العاصمة ” مقديشو” عام 1978 ، ثم التحق بكلية اللغات بالجامعة الوطنية الصومالية وتخرج منها عام 1982 حيث نال شهادة “بكالوريوس في الآداب”.
سافر الشاعر الى السودان ؛ عاصمة الفنون والآداب، حاضرة الثقافة والمعارف ، ودوحة الحضارات والتواريخ ، وقلعة الشعراء والأدباء . نعم السودان بلد مفعم باليمن والبركات ،وجامعة العلوم والحداثة ، ورائدة النهضة العلمية والسياسة الرشيدة. نعم وبعد أن وصل إلى ميادنها ومحاربها الفنية والأدبية التحق الشاعر الى شعبة الدراسات العليا و حصل البروفيسور طلحة على تعليمه العالي من عام 1987 إلى عام 1989 ، حيث حصل على دبلوم عالي وإجازة ماجستير في الآداب من معهد الخرطوم الدولي التابع للمنظمة العربية والتربية والثقافة والعلوم في السودان.
أما نشاطاته السياسية فقد تولى شاعرنا وأديبنا محمد عمر طلحة العديد من المناصب في مجالات السياسية والتعليم والثقافة . من عام 1985 إلى عام 1987 ، كان أستاذًا ومساعدًا في الجامعة الوطنية الصومالية ،وقضى جزءًا من وقته في التدريس والتعلّم بكلية الصحافة والإعلام في الجامعة ، و كان يدرس بدوام كامل قسم اللغات ، وفي الوقت نفسه كان محاضرًا في معهد ALESCO في شرق أفريقيا بمقديشو.
هناك مسؤوليات سياسية تولاها الشاعر أيامه الميمونة ، ومن أهمها:- عضو ومؤسس في المنظمة الصومالية الإفريقية سامو(SAAMO)١٩٩١م و عضو في المجلس الإقليمي التابع لTNCفي شبيلي السفلى ١٩٩٤م،ثم اصبح السكرتير العام لمجلس التحالف الصومالي للمصالة الوطنية ٢٠٠٣م ، مع ذلك صار أيضا السكرتير العام للمنظمة الصومالية الافريقية والتحالف الوطني الصومالي ٢٠٠٤م ، كما اختير أيضا لعضوية كاملة في الاتحاد البرلماني العربي ،القاهرة مصر عام ٢٠٠٦، ثم اختير الشاعر سفيرا للسلام من قبل الاتحاد الدولي من اجل السلام العالمي UFP. ٢٠٠٧. وفي عام ٢٠١٠ اختير رئيسا بالوكالة بجمهورية الصومالTFG، ثم واصل الشاعر نشاطه السياسي الى أن اختير عام ٢٠١١ لعضوية كاملة في مجلس اتحاد السلام العالمي.
وللشاعر كتاب فريد ، يعتبر من أجمل الكتب في الأدب المقارن ، ومن أرقى الكتب المعاصرة، ومن أنفع ما كتبته الأيادي الصومالية في الحقل الأدبي والمسرحي والروائيّ المكتوب باللغة العربية ، كتابه جزء من من تاريخيه الفريد ، وسيرتة الذاتية ، وعمل ملموس من رحتله العلمية ، وشاهدة كاملة من ذوقه الرفيع في الأدب وجماله الجذاب في اللغة ، فقد أبدى الشاعر جرأة فائقة نحو الفن والأدب، وفي الكتاب حكاية خاصة في الصومال ، وأخرى عامة في الوطن العربي، ألقى الشاعر قوالبه الأدبية وحيلته الفنية ،كما أظهر جماله اللغوي وأسلوبه العرضي الساحر.
فكتابه ( الأدب والمسرحية في الصومال ودورهما في نشر اللغة العربية) “دراسة مقارنة ” ورسالة جامعية ، وبحث علمي مثمر، وعمل أكاديمي ودراسة في فترة ذهبية ، وقبل أن نتطرق الى أبواب الكتاب وفصوله يشير الشاعر في مطلع مقدمة الكتاب إلى هذ العبارة ( تحتل اللغة العربية مكانة مرموقة في نفس الشعب الصّومالي لأنها عقيدته ، وواحدة من الوسائل التي تربطه بالعالم العربي وتشكل مكونا من مكونات جذوره العربية الإسلامية. [ 9 ص ] ، ولهذه فقد آثار الشاعر أن يجري دراسة وصفية للعلاقة بين الأدب الصومالي ، والأدب العربي ، واستخلص أثناء دراسته أوجه الشبه بين التراث الشعبي الصومالي، والتراث العربي، وهذه دراسة متواضعة لا يستغني عنها الباحث والكاتب الصومالي والعربي.
وفي القسم الأول : تحدث الشاعر والأديب ” العلاقة بين الأدب الصومالي والأدب العربي” وبدأ بابه الأول لمحة تاريخة عن الصومال، حيث أشار البيئة الصومالية ، والشعب الصومالي ومميزاته الخاصة ، وفي الباب الثاني ذكر الشاعر أثر بعض المعتقدات والعادات القديمة في الحياة الإجتماعية والأدبية في الصومال ومن أهمها : عادة “دبشيد” وأثر هذه العادة في الحياة الإجتماعية والأدب الصومالي .ثم ذكر في الباب الثالث،العلاقة بين الأدب الصومالي والأدب العربي، عرض الباحث في مقدمة هذه الباب الأدب الصومالي أولاّ، والعلاقات بين موضوعات وأغراض الشعر الصومالي والعربي، ثم العلاقة بين الأدبين في مجال النثــر والنظم Tix iyo Tiraab، كما ذكر أيضا الأدب الصوفي والشعر السياسي والإجتماعي .
وفي القسم الثاني من كتابه (دور المسرحية العربية في نشر اللغة العربية في الصوّمال) الشاعر عملاق في المسرحية والرواية الأدبية ، فقد أدلى دلوه ما أمكن من القدرة البحثية والكتابة الفني في هذا المجال ، فمهّدنا أولاّ: نبذة عن المسرحية ، وتعريفها ، ونشأتها ، وكيفية نشأتها ، وتطورها الفعّال، ثم أرذف كلامه دور المسرحية العرية وأنواعها وعناصرها المشهورة ، وفي الباب الثاني ذكر الشاعر والأديب “الأدب والمسرحية العربية في الصومال” وبعد أن فصل القول في الأدب الصومالي أمعن النظر دخول المسرحية العربية في الصومال ومراحل تطورها ،وفي الباب الثالث سطّر الاديب ” المسرح العربي ودوره في نشر اللغة العربية في الصومال” وفي هذه الباب يتحفنا الباحث كيفية انشار اللغة العربية في الصومال، واهتمامات بعض دول العالم نشر لغاتها في تلك الفترة السابقة ، ثم يأتي الباحث ” المسرح العربي وخذمته تجاه حركة التعريب في الصومال ،وبعض المشكلات والتحديات والعقبات السالفة ، كما يستملح أهمية المسرح المدرسي في المجال اللغوي ، ونشاط المسرح المدرسي في الصّومال . وفي القسم الثالث أعقب الأديب في دراسته وبحثه القيم ملخص البحث ، والتوصيات والٌإقتــراقات ونتائج الدراسة ، ثم قائمة المراجع والمصادر والملاحق المختارة خلال جولته ورحلته العلمية .
معالي البرفوسور الشاعر محمد عمر طلحة النائب الأول لرئيس البرلمان الصومالي السابق ووزير الشؤون الإجتماعية واعادة التأهيل في الحكومة الإنتقالية الصومالية لم يغادر ولن يخرج حتى الآن من دائرة السياسة والقيادة في البلاد فهو سياسي بارز وشخصية عظيمة شهيرة ونائب في البرلمان الصومالي الحالي (٢٠٢٠م). وله نشاط فكري، وتوجيه أدبي، دائما يميل الى البساطة والنزاهة والى الصدق والشفافية، والى الحقيقة والإنسانية.