الانتخابات الرئاسية

4 أشهر تفصلنا عن الموعد المرتقب.. انتخابات “الصوت الواحد” بالصومال ضبابية و3 سيناريوهات

– إقرار قانون “الاقتراع المباشر”، وسط سجال دائر ويزداد سخونة يوما تلو الآخر بين الحكومة والمعارضة

– السيناريوهات الثلاثة: نظام المحاصصة القبلية المعمول به، أو الاقتراع المباشر الذي تم إقراره، أو التأجيل

4 أشهر فقط تفصلنا عن الموعد المرتقب للانتخابات البرلمانية في الصومال المزمعة أواخر 2020، ويعقبها سباق الرئاسيات مطلع 2021.. وما يزال المشهد ضبابيا فيما يتعلق بالآلية التي ستجرى بها الانتخابات، وسط سجال دائر ويزداد سخونة يوما تلو الآخر بين الحكومة والمعارضة.

توقيع الرئيس محمد عبد الله فرماجو، قانون الانتخابات الجديد المسمى “صوت واحد لشخص واحد” بعد تمريره في البرلمان، مهد الطريق لتنظيم أول انتخابات برلمانية عبر “الاقتراع الشعبي المباشر” منذ عقود، بدلا من نظام المحاصصة القبلية.

ووفق القانون الجديد، فإن أعضاء البرلمان بمجلسيه النيابي والشيوخ يجري انتخابهم عبر اقتراع شعبي مباشر، في حين ينتخب أعضاء البرلمان رئيس البلاد وفقا للدستور.

وبذلك يطوي نظام المحاصصة القبلية المعمول به حاليا، والقائم على توزيع مقاعد البرلمان على القبائل بنظام الكوتة وتختار كل قبيلة من يمثلها، ثم ينتخب البرلمان رئيس البلاد.

ورغم تمرير القانون وإقراره، وتصريحات المسؤولين الحكوميين بين الحين والآخر حول الإصرار على تطبيقه في السباق المرتقب، لكن المعطيات على الأرض، وفق مراقبين، تثير العديد من الشكوك والتساؤلات حول إمكانية التطبيق بالفعل.

فلم يتم الشروع في إجراء تعداد سكاني ولا تسجيل للناخبين، ولا تقسيم للدوائر، ناهيك عن الوضع الأمني الذي ما زال يئن تحت هجمات حركة “الشباب” المسلحة.

تلك الشكوك والتساؤلات، صاحبها طرح مراقبين 3 سيناريوهات لسباق الانتخابات، الأول إجراؤها في موعدها وفق القانون الجديد مع الشروع في الإعداد لها خلال الفترة المقبلة.

والسيناريو الثاني هو التمديد للسلطة الحالية التشريعية والتنفيذية لمدة عامين أو أكثر لحين الإعداد، والاثنان ترفضهما وتخشاهما المعارضة.

أما السيناريو الثالث، فهو إجراء الانتخابات وفق نظام المحاصصة القبلية المعمول به منذ سنوات وقبل إقرار القانون الجديد، وهو سيناريو مرفوض من الحكومة وكذلك من المجتمع الدولي، وأيضا من مراقبين، يرونه “غير عادل ويهمش قبائل” لصالح أخرى.

** موقف قانوني

وفي رأي طاهر آمين جيسو، النائب في البرلمان، فإن الحكومة تسعى لعقد انتخابات شعبية عبر الاقتراع المباشر، لا يتم إقصاء أحد فيها، وموقفها هذا “قانوني” ويتسق مع مسار قانون الانتخابات الذي صدق عليه الرئيس والبرلمان بمجلسيه (الشعب والشيوخ).

ويقول النائب جيسو، إنه من غير القانوني تنظيم انتخابات غير مباشرة عبر المحاصصة القبلية، في ظل تمسك الحكومة ولجنة الانتخابات المستقلة بإجراء السباق عبر “الاقتراع المباشر” وفق القانون الجديد.

ويتابع: “الحكومة السابقة كانت مجبرة على إجراء انتخابات غير مباشرة لغياب قانون انتخابات متفق عليه يحدد آلية الانتخابات في البلاد، عكس الحكومة الحالية التي أمامها قانون انتخابات يحدد مسار ونوعية الانتخابات المزمعة”.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أكد الرئيس الصومالي، في كلمته بافتتاح الدورة السابعة للبرلمان، إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها، مشيرا أن “الشعب هو الفاصل في الانتخابات ليختار من يجلس في الكرسي”، في إشارة إلى عقد السباق بقانون “صوت واحد لشخص واحد”.

غير أن هذا التأكيد لم يبدد مخاوف أحزاب المعارضة من سعي الحكومة للتمديد لفترة ولاية ثانية، في ظل إصرارها على آلية انتخابات شعبية، ظلت المعارضة تعارضها بشدة نظرا لعدم توفر الوقت الكافي للإعداد، وعدم وجود الوضع الأمني المناسب لذلك، وفق تصريحات سابقة لقيادات بالمعارضة.

ويخوض الصومال حربا منذ سنوات ضد حركة “الشباب” التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريا تنظيم “القاعدة”، وتبنت العديد من التفجيرات التي أودت بحياة المئات.

** المهمة المستحيلة

وفي هذا الصدد، يرى عبدالكريم حسين جوليد، رئيس حزب “سهن”، أحد أكبر الأحزاب السياسية في البلاد، أن “الآلية التي ستتتبع لإجراء الانتخابات المقبلة قد تتطلب توافقا بين الحكومة والقوى السياسية، باعتبارها أمرًا مصيريا يحدد مستقبل البلاد في السنوات الأربعة المقبلة”.

ويضيف عبدالكريم، أن “المؤشرات والاعتبارات الراهنة لا تسمح بإجراءات انتخابات شعبية ونشر دوائر انتخابية في جميع الأقاليم الصومالية، مع وجود تهديدات أمنية وأخرى اقتصادية إلى جانب ضيق الوقت حيث لا تفصل عنا موعد الانتخابات سوى شهور قليلة، وهو ما يجعل عقد انتخابات شعبية مستحيلة في هذا التوقيت”.

وحول البدائل المتاحة، يشير أن “الانتخابات غير المباشرة هي البديل الوحيد في المرحلة المقبلة، لكن بمشاركة أوسع عن الانتخابات السابقة وقريبة من الانتخابات الشعبية”.

ويوضح عبدالكريم أن نية الحكومة حول تنظيم انتخابات شعبية “لا يمكن أن يقرأ بمعزل عن سعيها لتمديد فترة رئاسية لمدة عامين على الأقل بذريعة تحقيق هذا الحدث السياسي لأول مرة في البلاد، وهو ما قد يتسبب في سيناريو واحد وهو حدوث فراغ دستوري ما قد يعصف بمكتسبات مسيرة بناء الدولة الصومالية”.

** انتخابات شعبية فرصة لولاية ثانية

بدوره، يقول سعيد علي، المحلل السياسي في “مركز سهن للدراسات”، إن “المشكلة لا تكمن في إجراء انتخابات وفق الدستور وقانون الانتخابات، بل في الطريقة أو آلية الانتخابات التي يمكن تطبيقها، وهذا ما يعزز ثغرة الخلافات في المعادلة السياسية بالبلاد”.

ويعتبر أن “تشبث الحكومة بإجراءا انتخابات شعبية رغم معارضة القوى السياسية، هدفه إنهاء حقبة الثقافة السياسية التقليدية السائدة التي تمنع إعادة انتخاب رئيس لولاية ثانية، كما جرت العادة في الانتخابات غير المباشرة التي شهدته البلاد في الحكومات السابقة”.

ووفق سعيد، فإن “دعاة الانتخابات غير المباشرة أي الأحزاب السياسية الطامحة لكرسي الرئاسة، تعلم أن الفرص تكون غير متساوية بينهم وبين الحكومة في حال إجراء انتخابات شعبية تدير مجراها الإدارة الحالية”.

وقد تضيق أنشطة الأحزاب وقنوات الاتصال بينها وبين الناخبين، أو قد تواجه عراقيل والتي سترجح كفة السلطة الحالية في الفوز بالسباق”، وفق المحلل السياسي.

انتخابات غير مباشرة هو نظام المحاصصة القبلية، حيث ينتخب ممثلون يتم اختيارهم على أساس المحاصصة القبلية أعضاء البرلمان بمجلسيه الشعب والشيوخ لينتخبوا بدورهم رئيس البلاد في السنوات الأربعة المقبلة.

ومع السيناريوهات سالفة الذكر، والجدل الدائر في الصومال، تتجه الأنظار إلى المجتمع الدولي الذي له تأثير في المعادلة السياسية بالبلاد.

وباتت الحكومة الصومالية، مع تلك الضغوط، مطالبة بضرورة تحديد موقفها حيال آلية الانتخابات المقبلة والطريقة التي ستجرى بها وما إذا كان هناك تأجيل أم لا.

ومؤخرا، دعت السفارة الأمريكية في مقديشو، الحكومة الصومالية إلى عقد مفاوضات مع رؤساء الأقاليم الفيدرالية في البلاد من أجل إنهاء الخلافات بينهما وإجراء انتخابات شاملة في أجواء آمنة ومستقرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق