نصّ خطاب رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري في منتدى هيرتج حول الانتخابات والحكم الرشيد والديمقراطية في الصومال
بسم الله الرحمن الرحيم…
القادة، وجميع الضيوف الكرام ، أحييكم أولا بتحية الإسلام وهي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في البداية أقدم الشكر إلى دولة بونت لاند، قيادة وشعبا، بترحيبنا بحفاوة الإستقبال وكرم الضيافة الممزوجة بالتقاليد الصومالية الأصيلة.
إن سكان بونت لاند نجحوا، وانتصروا، واصبحوا نموذجا للآخرين وذلك عندما تتوحد قادة، وشيوخ العشائر،والشعب، يستطيعون إنتاج محاسن الدولة الجميلة،وهي السسب الرئيسي الذي ذلّل التقاء مآت الصوماليين هنا،والقادمين من الداخل، ومختلف مناطق العالم.
هذا الشكر بعد الله، للشعب العاشق للأمن والسلام وهو شعب بونت لاند، وقادته، وعلى رأسهم رئيس دولة بونت لاند السيد سعيد عبدالله دني
كما أقدم الشكر إلى إدارة معهد هيرتيج للأبحاث والذين أرسلوا اليّ ورقة الدعوة لمشاركة منتدى تبادل الأفكار،واصبح االمعهد منذ تأسيسه مخزنا للأفكار الذي يملكه الشعب الصومالي.وقد لعب المعهد دورا محوريا في تنمية البحوث العلمية المتصلة بقضايا المجتمع، والسياسية والأمن.
وتجدر الإشارة إلى أننا جميعا نقدم الشكر إلى المثقفين الذين بذلوا جهودا كبيرة لتأسيس معهد هيرتج للأبحاث، ونستفيد منها جميعا، ومنهم عبدالرحمن يوسف عينتي، وعبدالرشيد خليف حاشي.
وحددت إدارة معهد هيرتج للأبحاث موضوع الحوار وفي مخيلتهم أو إيمانهم بأن المشاركين يأتون في وقت انطلقت الانتخابات العامة في البلاد.أو أنها في منتصف الطريق، ولكن لسوء الحظ لم يحدث هذا،ومعضلة الانتخابات لم تجد حلا ،ولم يتم وضع أطر وحلول لإدارة المرحلة الإنتقالية الحالية الحسّاسة،ويجب إيجاد حل توافقي لمسألة الانتخابات وإجرءا انتخابات حرة ونزيهة،وإذا لم يحدث هذا فلا يستبعد أن نتفاعل مع عقبات وتحديات، وهي اكثر تأثيرا في المشهد من التحديات الحالية التي نناقشها الان.
أما بعد، فإن موضوع المنتدى اليوم الذي ينظمه معهد هريتج للأبحاث هو: كيف يمكن إنهاء الفترة الإنتقالية في 2025م ؟ مع التركيز في القضايا الأمنية، ومراجعة الدستور، وإجراء انتخابات عامة بمشاركة جميع الصوماليين في حلول 2025م،وتأسيس نظام فدرالي فعّال.
وفهمي للموضوع هو : كيف يمكن تجاوز هذ التقاطع المضطرب؟ ويقف الوطن في تقاطع مصيري،والذي يربط بين المراحل السابقة واللاحقة،وطريقة إدارتنا في إدارة تجاوز المرحلة الإنتقالية المصيرية هي ترجمة لمصير وطننا، وحلم وآمال الشعب الصومالي خاصة فئة الشباب.
إن قطع هذا التقاطع يوصلنا إلى طريق الدولة القوية، وإذا لم يتم تجاوز هذا التقاطع فلا يستبعد أن ندور في حلقة مفرغة خلال ثلاثين عاما القادمة.
ولو رجعنا إلى الدولة ومفهومها، فتتحدد في أن يشعر المواطن الصومالي الدولة في أمنه، وحصوله العدل، وتوفير المعيشية، والتعليم،والصحة،وهمومه، ومستقبله،ولكي تقدم الدولة الخدمات لكي يوصل إلى هذا الشعور فلابد أن تكون للدولة ميزانية كافية تستيطع أن تقدم الخدمات العامة إلى الشعب.
وإن كنّا نناقش الآن مصير الأمة، ولكن أريد أن ننظر من جانب آخر ،وهي أن ميزانية الدولة الصومالية أقل من ميزانة بعض الدول التي تصرفها إلى مدرسة تعليمية، أو مسشتفى عام،واليوم وأنا أنطلق من خبرتي المبنيّة على إعادة هكيلة اقتصاد الوطن ،ورحلة إعفاء الديون عن الصومال،أشارك رأيي معكم وهو أنه لا يمكن تنمية الاقتصاد والذي يساهم في توفير احتياجات المواطن إذا لم يتم الإجابة عن الموضوعات المطروحة في المنتدى.
وعلى سبيل المثال: استيفاء الشروط لإعفاء الديون عن الصومال منحتنا من أن نستعيد التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية العاملة في الاقتصاد،مثل صندوق النقد الدولي،والبنك الدولي، وبنوك التنمية، وهيئة الإتمان والإستثمار الدولية،وهيئة الأستثمار الدولية، وهيئة التطوير الدولية.
ولهذا فإن السؤآل المطروحة الآن هي : هل إعادة التّفاعل مع الهيئات الدولية العاملة في القطاع المالي تمكّننا من جلب ملايين الدولارات إلى الوطن لتنمية اقتصاد الصومال بصورة واسعة، طالما استوفينا شروط تلك المنظمات والهيئات الدولية.
الجواب لا.
ولكن ما هي العقبة الكأداة التي تحول دون تحقيق ذلك،والجواب هي أن يعثر الأجوبة المناسبة للموضوعات المطروحات في المنتدى. وسبب آخر وهو وجود شروط أخرى يجب إيجاد الإجابة لها لحل الأزمات التي تعيق تنمية اقتصاد الصومال.
ولكن ما هي تلك الشروط؟
هل يوجد في الصومال استقرار سياسي وبطريقة شرعية، ودون إراقة دماء،ويمكن استشراف المستقبل،وتقييمه لعشرات السنين القادمة لإستثمار ملايين الدولارات في الوطن
هل يوجد في الوطن استقرار أمني،واستقرار مجتمعي والذي يشجع المستثمرين في استثمار مشاريع بارزة
هل يوجد في الوطن، قضاء عاجل يكمن الإحتكام إليه إذا واجهت المستثمرين تحديات وعقبات
هل يوجد في الوطن هيئات مالية، وبنوك تستطيع التفاعل مع المؤسسات المالية والبنوك الدولية
الأجوبة عن تلك الأسئلة هي الحلول عن القضايا المطروحة في المنتدى،وهذا يعني أن إعادة بناء الاقتصاد الصومالي، وتنفيذ نظام الدولة اجتمعا في تقاطع واحد والذي يجب تجاوزه ولهذا فما هي القضايا المتبقية لنا لنعبر هذا التقاطع؟ وما هي الموضوعات المتبقية من المنتدى أيضا؟
قضايا مراجعة الدستور،وإنهائه
لنفهم جميعا من أن الصومال انتقل من المرحلة الإنتقالية إثر مصادقة الدستور الإنتقالي بطريقة دستورية من النظام المركزي إلى النظام الفدرالي،وهي إنزال سلطات الدولة والخدمات العامة من الأعلى إلى الأسفل، في وقت لا يوجد هيئات ومؤسسات دولية صومالية قوية وفاعلة،ولم يتم وضع دستور فدرالي مكتمل من قبل، وعرضه على الإستفتاء الشعبي ،وكذلك لم تكن القوانين والشروع، السياسيات العامة التي ترشد الدولة في المرحلة الجديدة جاهزة،ونجم عن هذا قضايا كبري قائمة الآن والتي تحتاج إلى حل سياسي توافقي لبباء الدولة التي تتباين الأفكار حولها.
تباين الأفكار حول القضايا الكبرى التي تحتاج إلى حل مثل مراجعة الدستور وإنهائه لم تحل بعد، وفي كل مرة يتم دفع الأمور إلى الوراء، وهذا هو سبب عدم عبورنا من هذا التقاطع لمدة عشرة سنوات الماضية،وبالتالي ما هي النقاط المتبقية من الدستور والتي تحتاج إلى حل
المادة التاسعة من الدستور، المرتبط مع إيجاد حل لمقام مدينة مقديشوالعاصمة
وهي المادة 44 من الدستور الإنتقالي المتصلة بإيجاد حل حول توزيع الخيرات الطبيعية للوطن
وهي المادة 47 المتصلة بنظام الأحزاب، وإجراء الانتخابات العامة المتفقة عليها.
المادة 48 وهي هكيل الدولة
والمادة 49، وهي الولايات الفدرالية، والإحصائيات
والمادة 51 وهي العلاقة والتعاون ما بين جمهورية الصومال الفدرالية،والولايات الفدرالية
والمادة 54 وهي فصل السلطات، وتحديد المسؤوليات والواجبات فيمابينهم
والمادة 105 سلطة القضاء ومسؤولياته وقوته
والمادة 122 وهي النظام المالي الفدرالي،وبدونه لا يمكن تنمية الاقتصاد إلا إذا تم إيجاد توافق سياسي حوله
وكذلك من الأهمية بمكان مراجعة الدستور بفهم عميق حول سلطات ومسؤليات الهيئات التنفيذية،والتشريعية لإيجاد استقرار سياسي الذي يحتاجه الوطن، كل تلك القضايا لا تزال باقية ولم تجد حلا، ولكن هل مشكلتنا هي عدم التعليم والثقافة؟
الجواب لا!
وهل يوجد نقص في عدد الكوادر المدربة المحترفين؟ الجواب لا! لماذا لم يتم إيجاد حل لهذا، الحل يكمن في إيجاد توافق سياسي فقط.
تأسيس نظام فدرالي
القضية الثانية التي طرحها الإخوة هي تأسيس نظام فدرالي فعّال،ولتطوير النظام الفدرالي المتفق عليه، وأنه نظام جديد في الوطن ولكن معمول به في 28 دولة في العالم، ويعيش فيها اكثر من 40% من سكان العالم،وأنه نظام قرر الصوماليون أخذه والعمل به، ولابد من استكماله النقاط التالية لتفعيل النظام الفدرالي في الوطن.
ولكن ما هي تلك النقاط؟
تقوية الولايات الفدرالية، وهي أساس لتطبيق النظام الفدرالي في الصومال
تطوير الهيئات والمؤسسات الفدرالية المسؤولة عن تطوير النظام الفدرالي
استكمال القوانين والأنظمة والشروع،والسياسات العامة والتي تعتبر الأعمدة لتأسيس هيكل ونظام دولي فدرالي ، والقابلة للتنفيذ، وكان من المفترض إعداده قبل انتقال الوطن إلى النظام الفدرالي.
أما النظام الفدرالي الذي نتحدث عنه الآن لابد أن يحل ثلاثة أمور وهي:-
التقريب ما بين الشعب والحكومة
حماية الوحدة الوطنية الصومالية
اختيار نظام دولي، يواكب الظروف المحيطة بالوطن.
وكذلك فإن تطلعات وآمال النظام الفدرالي في الصومال لابد أن يقوم على النقاط التالية وهي:-
بناء مجتمع موحد سياسيا، واقتصاديا
تحقيق الحكم الرشيد والنظام الديمقراطي
تحقيق سلام دائم في الصومال
الأعمال التي ذكرتها سابقا، يمكن إنجازها وتجاوزها بالتعاون والعمل معا خلال السنوات الأربعة القادمة
إيجاد صومالي ديمقراطي
القضية الثالثة:وهي إيجاد صومالي فدرالي ديمقراطي، يتمع بالأمن والأستقرار والإزدهار،وهي مفصلة في الدستور الإنتقالي الصومالي،وكذلك خطة الدولة للتنمية والتي تحدد أن إرادة الشعب الصومالي هي العمود الفقري في تأسيس دولة صومالية ديمقراطية، كما تشير المادة الأولى من الدستور.
ولكي ينتقل الصومال من النظام السياسي القائم على المحاصصة العشائرية وهي 4.5 وتطوير نظام عصري دولي في الوطن لا بد من استكمال القوانين والأنظمة، والهيئات المسؤولة عن تنظيم الانتخابات.
ولكن من هم؟
إيجاد قانون الانتخابات المتفق عليه
قانون الأحزاب المتفق عليه أيضا
قانون الجنسية
قانون تسجيل المواطنين
تقوية لجنة الانتخابات المستقلة
تأسيس الهيئات الأخرى المتصلة بالإنتخابات والتي لها أهمية خاصة، ومنها، هيئة حقوق الإنسان، هيئة مكافحة الفساد المتفق عليها،مجلس القضاء المتفق عليه،يسبقه الاتفاق على شكل النظام العدلي الذي يأخذه الوطن،والمحكمة الدستورية
القضية الأمنية. وهي ختام الكلمة
إيجاد الأمن ليس فقط استخدام القوة العسكرية،ولتحقيق الأمن والسلام لابد من وجود نظام عادل، وتأسيس حكم رشيد، ونظام اقتصادي، وخلق فرص عمل، وهيئات دولية تعمل بطريقة شفافة،وتحمي لحمة المواطنين، ومحاربة الفساد.
ومن الأهمية بمكان أن نفهم أيضا، أن الفقر،والخلافات السياسية، والخلافات ببين المجتمع من أسباب عدم الاستقرار الأمن في الوطن، وبرغم أن الجهود الكبيرة مركزة في محاربة الإرهاب، إلا أن تأسيس جيش صومالي قوي، ومتفق عليه يستطيع الدفاع عن أمن الوطن لا بد من التوافق السياسي حول السياسات المتصلة باعداد هذا الجيش، وطرق إدارته.
ولتحقيق الأمن في الصومال لا بد من مباشرة الجيش الموحّد في جميع مناطق البلاد، ووفق خطة أمنية وطنية شرعية،ومتفقة عليها، وكذلك من الأهمية بمكان وجود التعاون والعمل معا ما بين الحكومة الفدرالية الصومالية، والدول الأعضاء في الحكومة الفدرالية.
وكذلك إيجاد أموال كافية لتأسيس جيش صومالي قوي قادر على أداء مسؤولياته وواجباته، مع توفير المعدات الخاصة للجيش، وأشير هنا إلى عدم تأسيس جيش صومالي ذات قدارت ومهارات عالية دون توفير الأموال.
أيها الإخوة
إن وطننا يتمتع بخيرات كثيرة،وشباب مستعدون لتطوير وطنهم،ولكن يحتاجون أن يخلق لهم فرص المشاركة في تأسيس نظام دولي عصري، يواكب الأمم المتقدمة.
وإذا لم يتجاوز الوطن هذا التقاطع ونحن متفقون وموحدون، يثق بعضهم على بعض،ويتعاونون فيما بنيهم، سيصعب علينا أن نقنع العالم بأننا مجتمع متماسك وموحّد،وله هدف واحد،وإرادة مشترك،و التعايش السلمي، يبغون التقدم، والتنمية.
أما التقاطع الذي عرفناه، وكذلك الطرق المحيطة به الذي لو سلكنها لأوصلنا إلى طريق الدولة والإزدهار والذي يتساوي فيها الجميع، ويشاركون فيها.
والآن لم يبق للصوماليين إلا أن يتكافتوا، ويوحّدوا صفوفهم،وأن يتخلوا عن مصالحهم الشخصية، ويفتحوا قلوبهم مع البعض،ويدركوا حجم الأعمال الماثلة أمامهم خلال السنوات الأربعة الماضية،والعمل الجاد على أهداف بعيدة المدى، وبدأ الدرس لعصرنة الوطن، وإنقاذ مسقبل أطفالنا
شكرا لكم..