إيران وبايدن وتداعيات التفاوض
بعد 46 يوماً من الآن ستكون هناك إدارة جديدة في واشنطن، وقد عرفنا حتى اليوم معظم شخصياتها الرئيسية، وكتبت صحف العالم عن توجهاتهم.
والباب مفتوح على مصراعيه لتوقعات عديدة من الخبراء والمحللين عما ستفعله الإدارة الجديدة في ملفات تضخمت في الداخل والخارج.
بالتأكيد إن بايدن 2021 لن يشبه بايدن 2012؛ بدليل أنه بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، أعلن بلسانه أن الولايات المتحدة ستعود إلى العالم، وأن فترته لن تكون نسخة مكررة عن مرحلة أوباما. صحيح أنه كان عنصراً مهماً في تلك الإدارة، ولكنه اليوم هو الرئيس وصانع القرار ومن يشكّل ويقود فريق عمله.
فيما يخص الملف الإيراني، كانت تصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة صادمة للنظام الإيراني، وتشير إلى أن القادم من الأيام لن يكون مبهجاً لهم كما كانوا يتصورون، وأن معاناتهم بسبب سياساتهم سوف تستمر؛ فخسارة ترامب التي انتظروها بشغف اتضح أنها لا تعني عودة الأمور إلى ما كانت عليه في حقبة أوباما، حينما كان الغزل الأمريكي الإيراني في قمة ذروته.
ففي حديثه لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية طرح بايدن خطوطاً عامة حول الموقف الذي تعتزم إدارته اتخاذه إزاء إيران. ما طرحه يتمثل في: عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، وإمكانية العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، ولكن في إطار مفاوضات جديدة مع إيران لتعديل الاتفاق بحيث يتناول مسألة الصواريخ الإيرانية. وإمكانية إشراك الدول الحليفة لأمريكا في المنطقة مثل السعودية والإمارات في المفاوضات الجديدة.
نحن إذن أمام عملية تصحيح للاتفاق النووي وتوسيع لدائرة المفاوضين، بما يضمن ثبات الاتفاق وعدم الإخلال به، إذا تم التوصل إليه. كما يضمن أيضاً إمكانية توفير فرص استقرار أكبر في منطقتنا، من خلال مشاركة مباشرة في المفاوضات من قبل المتضررين من التمدد الإيراني، وبالتالي بالحصول على التعهدات والالتزامات الضرورية من طهران، بحيث يكون الإخلال بها خاضعاً للرقابة الدولية، وخاضعاً كذلك للعودة عن الاتفاق، وهو ما أكده بايدن بالقول: “إن لدى الولايات المتحدة دائماً خيار العودة إلى العقوبات إذا احتاج الأمر، وإيران تعرف ذلك”.
كيف سيكون الرد الإيراني على عرض بايدن الجديد؟ إيران التي تعيش فترة صعبة مع العجز الفاضح عن الرد على الاغتيالات، تضاف إليه الأزمة الاقتصادية الخانقة، ستجد نفسها أمام خيار القبول بشروط التفاوض الجديدة أو البقاء في العزلة المفروضة عليها، التي ستكون مرشحة للتوسع مع توقع انضمام حلفاء أمريكا الأوروبيين إلى الموقف الأمريكي، على عكس ما كان عليه الحال في عهد إدارة الرئيس ترامب.