من هو رئيسي القادم؟
شكل هذا السؤال حجر الزاوية لجميع الصراعات المرئية والغير المرئية في الساحة الصومالية لمدة ثلاث السنوات الأخيرة، لكن كمواطن عادي ليس لديه توجه سياسي، ويحاول أن يجيب على هذا السؤال، يجب عليه أولاً أن يعلم بالحقيقة المؤلمة بأن لا صوت له، وأن رأيه لا يصنع فرقاً في تنصيب فعلان من عدمه، ومع هذا نُصبر المواطن على خيبة الأمل هذه بأن الهُتاف والابتهاج والانشراح والتهليل والسرور والغبطة الذي يظهره بعد التنصيب هي ما يُضفي على الفائز شرعِية الشارع ، وتمرر له بطاقة المرور إلى أمال الشعب، وتُعطي الرئيس القادم البساط السحري بأن يسير بثقة إلى قصر الرئاسي ، لذلك حتى لا يذهب صوتي وصوتك في هواء عبثاً دعنا نُلقي نظرة على الخيارات المطروحة:
أولاً: الوجوه القديمة هي من حكمت ، ورأينا حُسنها من سيئها، بل نحن من طالبنا سابقاً بتنحيها ، وحتى لا يُلدغ المؤمن من حجره مرتين، فلنتعهد بأن العاطفة لا تُجدي نفعاً وبأن مصلحة الوطن فوق الجميع ،لذلك نتجنب التصفيق الحاد لهم، ونظهر لهم بأننا لم ننسى ، ولا تُغرينا استبدال الشعارات القديمة بأخرى عصرية ، فنحن لسنا جمهوراً تحت الطلب ، ولسنا مختبراً لتقبل تجاربهم السياسية، لذلك لنستمع لهم جيداً ، ولنتفطن للمعاني خلف الكلمات، ونلاحقهم بالأسئلة الذكية، وإذا لزم الأمر لنحضر لهم جهازاً لكشف صدق النوايا.
ثانياً: الوجوه الحالية: قبل أن نتخذ قرارا علينا أن نتذكر بأن عضلات الدولة بين يديهم ، مع ذلك لندحض الخوف و نتشجع ونرفع الشعار (بالإمكان أفضل مما كان)، وبهذه الروح المقاتلة نُعيد قراءة الأحداث التي مضت بعيون مفتوحة، ونبحث من بين خطاباتهم أجوبة مقنعة ، فلنتعهد “أنا وأنت” بأن لا نقبل أي تبرير سواء الوثائق المؤكدة، وأن لا نستمع للخطابات الثورية العاطفية، فلتكن عقولنا يقظة، ومشاعرنا محايدة، وفي حالة فوزهم مرة أخرى فالنوم المبكر في تلك الليلة من تمام العافية.
ثالثاً: الوجوه الجديدة: تنقسم الوجوه الجديدة إلى وجوده مؤلفة في الشأن السياسي الصومالي لكنها جديدة في السباق الرئاسي أو قد حاولت من قبل وفشلت، ووجوه جديدة كلياً في الحياة السياسية وعلى الشعب الصومالي. يجمع بين تلك الوجوه كلها بأن خطابهم يتأرجح بين خطاب السطحي الفقير الذي لا يحمل رؤية ولا استراتيجيات واضحة ، وما زال يصر على تقديم الوعود العامة، والخطاب النخبوي الذي لم يصل إلينا بشكل السليم ، فهم إلى الآن عناصر مجهولة ،فتواصلهم مع الجماهير ضعيف ، ويعتمدون على الآلات اعلامية غير كافية، مع ذلك الانفتاح عليهم بحذر هو الطريق الأسلم لتعرف على كفاءاتهم الشخصية، فربما الخير يكمُن في المجهول.
أخيراً على عاتقي وعاتقك وعاتق الملايين من الشعب الصومالي طموح وأمال ورغبات، فالخلال السنوات الماضية توقفت البلاد عند نقطة الانتخابات الرئاسية، فتعطلت كل الجهود وتعرقلت التنمية، لذلك لا هتاف بعد اليوم ، ولننتظر “الفائز” بعيون حذرةً متفحصة تجنباً للمزالق الخفية.