كتابات راي

النشر العربي.. و«مفاجأة الصومال»

استوقفني تقرير حديث صادر عن اتحاد الناشرين العرب، حول حركة النشر في الوطن العربي بين عامي 2015 و2019 وهي فترة شديدة الحساسية، حيث جاءت في أعقاب اضطرابات شهدتها عدة دول عربية، وكانت الثقافة هي المتضرر الأكبر من تبعاتها وآثارها المدمرة. 

وتضّمن التقرير الذي جاء على شكل كتاب، أرقاماً ذات دلالة بالغة عن النشر في الدول العربية، وبينما لم يكن مفاجئاً تصدّر مصر بطبيعة الحال لقائمة أكثر الدول العربية نشراً بين عامي 2015 و2019 بواقع أكثر من 115 ألف عنوان، إلا أن التوقف قليلاً عند بقية القائمة يمكن أن يعطي انطباعاً أولياً، ولكنه مفاجئ عن طبيعة التحولات في المشهد الثقافي العربي خلال السنوات الأخيرة. 

وفي القائمة التي تحل مصر على رأسها محافظةً على مكانتها الثقافية، تأتي العراق ثانياً متغلبة على أزماتها الداخلية لتنتصر مجدداً للثقافة والكتاب، بعدد يفوق الأربعين ألف عنوان صدرت في السنوات الخمس التي يغطيها التقرير، متفوقة على بيروت التي غالبت كل أزماتها لتحل في المركز الثالث، مع عدد عناوين بلغ أكثر من 38 ألفاً. 

ولا عجب في تصدر القاهرة وبغداد وبيروت لقائمة الأكثر طباعة للكتب، فهذه النتيجة متوافقة إلى حد كبير مع مقولة ثقافية شهيرة كان يتردد صداها في الأوساط الثقافية العربية، وهي: «القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ» في إشارة حينها إلى مثلث الثقل الثقافي العربي التقليدي الذي يعد الكتاب وحركة النشر أحد أبرز أركانه. 

ولكن التقرير لم يخل من المؤشرات الخارجة عن المألوف، والتي تشير إلى تحولات جديدة ولافتة في المشهد الثقافي العربي، حيث يتصاعد دور دول عربية أخرى ظلت خارج مركز الثقل الثقافي العربي التقليدي، وبدأت تنافس بقوة وتسجل حضورها في هذا المضمار، حيث حلت المملكة العربية السعودية في المركز الرابع في قائمة أكثر الدول العربية نشراً للكتب بين عامي 2015 و2019 بعدد عناوين يوفق العشرين ألفاً، لكن إليكم المفاجأة الأكبر في هذا التقرير، والمتمثلة في عدد الكتب التي أصدرتها دولة أنهكتها الحرب، وهي الصومال، التي تفوقت على دول عربية مستقرة وأخرى مكرسة ثقافياً، حيث أصدرت الصومال خلال هذه السنوات أكثر من ستة آلاف عنوان، وتأسست فيها حوالي خمسين داراً للنشر، كما أنها تستورد -بحسب التقرير- كتباً في العام بقيمة 5.7 مليون دولار. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق