دعوة إلى النقد الموضوعي للمناضلين والأبطال الصوماليين
أرى على صفحات الفيسبوك هذه الأيام مجموعة من الكتاب يكيلون المديح لثورة الدراويش واصفين إياها بكل ما يخطر في بال المتلقي من صفات الأبطال والمجاهدين والمناضلين والمحررين، و و… ويغضّون الطرف عن كثير من تجاوزاتها اللا أخلاقية، وإن اضطروا إلى ذكرها يكتفون بإشارات خاطفة؛ لينتقلوا سريعا إلى ترداد محاسنها وثنائهم المفرط لها -أحيانا- من جديد، وآخرين ينعتونها بنعوت شنيعة، مثل: المتوحشين الهمجيين، والقتلة، والساديين المتلذذين بتعذيب الناس، والمتاجرين باسم الدين والنضال الذين استحلوا أموال الناس ودماءهم بالباطل، وغيرها…ولكل منهما أدلّته التي لا يقتنع بها الطرف الآخر، بل يعتبرها لا تستحق النظر إليها…
وإذا كان الحال كذلك، أليس من الأجدر أن نفتح قنوات الحوار بدل التراشق بالاتهامات؛ لنصل إلى مشتركات تراثية، أو تقاربات مفهومية، من خلال إعادة قراءة التاريخ بشكل جماعي تحاوري مبني على الحقائق والبحث الموضوعي، بعيد عما يعتبره البعض عواطف، وتلفيقات، انفردت بتسجيلها مجموعة بعينها، وسوقتها على أنه تاريخ مشترك، ما يستفز الطرف الآخر ويدفعه إلى الرّفض والازدراء.
أعرف أن البعض سيقول لي أنت تثير البلبلة بهذا الطرح وتشكك بالمسلمات التاريخية، وأنه من المستحيل الجمع بين هذين الرأيين واستخلاصهما بنتائج متفق عليها، وعليه، فإن ما سطرته في هذا المنشور ما هو إلا زيادة التشويش وضعضعة ثقة البعض تجاه قضيتهم، وتاريخهم المجيد.
أعرف ذلك تماما، ولكن أقول إن لم نحاول التقريب بين وجهات نظرنا حول قضايانا المصيرية ومآثرنا التاريخية ورموزنا القومية ومعالمنا الوطنية فلن يكون لنا تاريخ مشترك، ولا رأي عام موحد، وسنبقى متخاصمين تجاه تراثنا القريب ناهيك عن البعيد
وأما عن كيف يتم ذلك، فأقول: نبدأ بالنقد الذات ونقبل تعدد الروايات التاريخية ونتجنب النظرة الانتقالية لنقل الوقائع مهما كان مصدرها، ونقرأ الأحداث في سياقها التاريخي، ونحللها تحليلا موضوعيا استقرائيا.
هذا – في رأيي- يقودنا إلى الاقتراب من الحقيقة وتقليل هوة الخلاف، إن لم نقدر على ردمه ووأده نهائيا.