استمرار الحرب بين القاعدة داعش في غرب أفريقيا
منذ مطلع العام 2020، لم تتوقف محاولات تنظيم داعش لتجاوز خطوط القاعدة في مالي والاقتراب من ساحل المحيط الأطلسي. وفي كل الحالات، تمكّن فرع القاعدة من دفع داعش للتراجع إلى حدود مالي مع بوركينا فاسو والنيجر، وهو الخط الوهمي الذي لطالما عرَّفه تنظيم القاعدة على أنه الحدود الفاصلة بين الجماعتين.
وبما أننا لا زلنا في موسم الأمطار في غرب أفريقيا، حيث من المفترض أن تشهد المنطقة انخفاضا في الهجمات التي يشنها الإرهابيون، لكن العكس هو الذي يحدث، إذ زادت الهجمات في مالي نتيجة الاشتباكات بين “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة وفرع تنظيم داعش، المعروف باسم تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”.
وفي 3 أغسطس/ آب الجاري، هاجمت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قوة الدرك في بلدة سانداري، الواقعة على بعد 80 كيلومتراً فقط من موريتانيا و200 كيلومتر من السنغال. ولم تعتد القاعدة على تنفيذ هجمات بهذه الطريقة في هذه المنطقة بالذات، على الرغم من وجودها فيها. لقد بدا الأمر أشبه باستعراض للقوة من قبل فرع تنظيم القاعدة “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، لإثبات الوجود والأحقية في السيطرة على الحدود مع موريتانيا والسنغال كمناطق نفوذ، وبالتالي طرد تنظيم داعش منها.
وفي هذه الأثناء، تفيد الأنباء الواردة من المنطقة هذه الأيام بإطلاق تنظيم داعش حملةً واسعة لتصفية أعضائه السابقين الذين انضموا “لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين” أو لمجرد مغادرتهم التنظيم. ويؤشر ذلك إلى وجود بعض الاضطرابات داخل تنظيم داعش بالمنطقة، ربما بسبب محادثات السلام التي تجريها “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، الموالية لتنظيم القاعدة في ما يسمى “بلاد المغرب الإسلامي”، والتي يمكن أن تنتهي باستقرار شمال مالي. ومن المهم التذكير هنا أن تنظيم القاعدة في المنطقة يعارض هذه المحادثات التي يخوضها فرعه مع الحكومة المالية.
وإذا توجهنا إلى الجنوب، وبالتحديد إلى نيجيريا، فقد أفادت وسائل إعلام نيجيرية بوقوع مذبحة، في السادس من الشهر الجاري، راح ضحيتها أكثر من 20 شخصا في زانغون كاتاف بولاية كادونا الواقعة على بعد 100 كيلومتر شمال شرق العاصمة أبوجا. وأشارت السلطات، مبدئياً، بأصابع الاتهام إلى عصابات الفولاني، التي تنفذ بين الفينة والأخرى، هجمات ضد المزارعين في المنطقة. وكان تنظيم القاعدة قد تبنّى من خلال فرعه، “جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان”، المعروفة باسم أنصارو، هجوماً تتطابق بياناته تماماً مع ما قدمته الحكومة النيجيرية.
ويأتي ذلك بالتزامن مع العدوان الذي تعرض له درك سانداري قبل ثلاثة أيام في مالي بالقرب من حدود موريتانيا والسنغال، وهو ما قد يشير إلى نوايا الجماعات المنتسبة للقاعدة في غرب أفريقيا في التمدد غرباً في مالي وشرق نيجيريا، بعد موسم الأمطار، على عكس تنظيم داعش الذي اختار الاقتراب من ساحل المحيط الأطلسي في ساحل العاج وغانا وبنين وتوغو.