الرئيسيةالمجتمع الصومالي

الجريمة التي أغرقت الصومال في الحزن.. الإرهاب يقتل فرحة عروسين في مقديشو

الصومال اليوم – مقديشو  

“أبي أنا في خطر”.. كانت تلك هي آخر كلمات يسمعها علي عمر من ابنته فرحية، بعد أن ضرب تفجير انتحاري الفندق الذي كانت تقضي فيه “شهر العسل” مع زوجها في الشارع المؤدي إلى مطار مقديشو الدولي. 

بعد ثوان من التفجير الذي وقع الأحد 31 يناير، باتت شبكة الاتصالات الهاتفية مشغولة ومتقطعة، بسبب ضغط المكالمات على أمل الاطمئنان بين الأسر والأصدقاء، كما هي العادة. 

وهو ما دفع والد فرحية وأفرادا من عائلته للتوجه إلى موقع التفجير، بحثا عن العروسين اللذين كانا من بين العالقين في الفندق. 

أعمدة دخان وكتلة لهب تحتلان موقع الفندق ومحيطه، لتحجبا أنظار والد العروس والعشرات من المواطنين الذين أسرعوا إلى المكان بحثا عن أقارب أو أصدقاء كانوا في “فندق الموت”. 

, الجريمة التي أغرقت الصومال في الحزن.. الإرهاب يقتل فرحة عروسين في مقديشو

بينما يترقب مع العشرات، التفاصيل على بعد أمتار من موقع التفجير، لا تفارق عبارة “أبي أنا في خطر” ذهن والدها، بل وتدخله في حالة يرفض معها الالتزام بتعليمات قوات أمنية طوقت المكان. 

يقول عمر “فقدت التوازن، وارتعشت يداي، بعد سماع دوي الانفجار، عندها تلقيت مكالمة من ابنتي التي قالت لي فيها: أبي أنا في خطر، وانقطع التواصل، وسط سماع تبادل إطلاق نار كثيف”. 

ويضيف “توجهت إلى موقع التفجير حيث كان الفندق، ليس للبحث عنهما فقط، بل كي أضحي بنفسي من أجلهما، لولا السلطات الأمنية التي منعتني من الاقتراب من الموقع، فشعرت بالصدمة، متسائلا: ماذا حدث؟ هل سيموتان؟ وكيف؟”. 

قبل أسبوعين، عاد العريس فهد عبدالرحمن من هولندا، ليتزوج من فرحية التي عادت من السعودية قبل ثلاث سنوات. 

وكانت فرحية تعمل في صالون تجميل بحي “حمروين” وسط مقديشو، للمساعدة في سد احتياجات أسرتها. 

وبعد الانتهاء من حفل الزفاف، ذهب العروسان لقضاء فترة شهر العسل في أحد فنادق العاصمة. 

, الجريمة التي أغرقت الصومال في الحزن.. الإرهاب يقتل فرحة عروسين في مقديشو

وقبل أسبوع، انتقلا من فندق إلى آخر، بحثا عن فندق آمن وملائم، وأخيرا وقع اختيارهما على فندق “أفريك”، في الشارع المؤدي إلى مطار مقديشو الدولي. 

ويقول أحمد علي، شقيق العروس “صهري فهد حجز في فندق أفريك، وفضله من بين 4 فنادق زرناها، لكننا لم ندرك أن تلك الفاجعة كانت بانتظارهما في هذا الفندق الكائن في منطقة مؤمَّنة نوعا ما مقارنة بالفنادق الأخرى”. 

وعلى بعد أمتار من الفندق، يقف والد العروس، ثم يندفع فجأة نحو كل من هو آت من موقع التفجير، لعلّه يجد أخبارا مفرحة عن العروسين، لكن لا أحد يعلم ما يجري داخل الفندق. 

إرهاب يقتل الفرح 

يصوب عينيه نحو الطابق الثالث، حيث كان يقيم العروسان، لكن لا شيء يتحرك. يزداد إحباطه كلما سمع دوي انفجارات داخل الفندق، حيث يبدو أن المهاجمين كانوا يستخدمون قنابل يدوية. 

وكلما تحركت سيارة إسعاف، يهرع إليها عمر ويوقفها برهة، ليرى إن كان العروسان بين الجرحى. 

ينتقل الأب من مستشفى إلى آخر، بحثا عن العروسين بين الجرحى، ثم يعود إلى موقع التفجير خالي الوفاض. 

وبينما ينشغل بالبحث، تواصل أسرة العريس، التي تعيش في هولندا، التواصل مع والد فرحية والأقارب لمعرفة مصير ابنها. 

ومع منتصف الليل بالتوقيت المحلي، يعلن المتحدث باسم الشرطة، صديق آدم، خلال مؤتمر صحافي، انتهاء العملية ومقتل المهاجمين، والسماح للطواقم الطبية بنقل الجثث والجرحى إلى مستشفى المدينة (حكومي). 

ويقول الأب “تصريحات الشرطة نزلت علي كالصاعقة، وكدت أفقد وعي، فهرعت خلف سيارات الإسعاف إلى أن وصلت إلى المستشفى”. 

ويضيف “التحقت بطابور الانتظار مع 8 أشخاص كانوا يبحثون عن ذويهم أمام غرفة الجثث في المستشفى، وأنا في حالة من اليأس والصدمة”. 

ويتابع “بدأت الممرضة تدعونا فردا فردا حتى وصل دوري، فتقدمت بخطى ثقيلة نحو الغرفة، وإذا بهما العروسان وقد غطى الدم وجهيهما بالكامل”. 

ويوضح “نحو أكثر من 10 طلقات بدت على جسديهما وكأنها المستهدفان من الهجوم، لتقول الممرضة تلقائيا إنهما شهدا حالة نزيف كبير، نتيجة استهدافهما في الجزء العلوي من جسمهما”. 

ويتساءل والد العروس “أي ذنب اقترفا، ليطلقوا عليهما وابلا من النار بهذه الطريقة الهمجية واللاإنسانية؟”. 

وفي منطقة “الجزيرة”، على بعد 15 كلم جنوبي مقديشو، ووسط أجواء من الحزن الشديد، يودع العشرات من المواطنين جثماني العروسين فرحية وفهد إلى مثواهما الأخير. 

وهو يلقي نظرة وداع على الجثمانين، يقول عبدالقادر نور، أحد الأقارب، إن “فرحية وزوجها فهد كانا في ريعان شبابهما، ولم يستحقا أن يتركا العالم بهذه الطريقة.. كانا سندا لعائلتيهما ورحيلهما سيبقى في ذكرياتنا لحين تأتي العدالة”. 

وإضافة إلى فرحية وفهد، أسفر التفجير الانتحاري، الذي تبنته حركة “الشباب” الإرهابية، عن مقتل 10 آخرين، إلى جانب إصابة العشرات بجروح متفاوتة. 

ومنذ سنوات، يخوض الصومال حربا ضد حركة “الشباب” الإرهابية، التي تأسست مطلع 2004، وهي ذراع مسلحة تتبع لتنظيم “القاعدة” فكريا، وتبنت هجمات إرهابية عديدة أودت بحياة المئات من مدنيين وعناصر عسكرية وأمنية. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق