الدفاع والامنالرئيسية

تداعيات الانسحاب الأمريكي من الصومال.. تحديات وسيناريوهات

يواجه الصومال تحديات أمنية جمة بعد الانسحاب الفعلي الكامل للقوات الأمريكية من البلاد، وهو ما يفرض تحركات مختلفة للتعامل معها. 

فالانسحاب الأمريكي، في هذا التوقيت، يشكل تحديا أمنيا خطيرا ويضع استقرار الصومال على المحك، بعد عقدين من جهود دولية ومحلية لاستعادة الحكومة في البلد الهش عافيتها.  

وتشكل هذه الخطوة تحديا لحكومة مقديشو، وانتصارا لعناصر حركة الشباب الإرهابية، بمثابة دفاع لمواصلة والعنف والتشدد. 

ويرى محللون أمنيون صوماليون أن سيناريوهات معالجة الوضع بالنسبة للحكومة متوفرة، يجب أن ترتكز عل احتواء هذه المخاطر. 

زيارات طمأنة 

رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلى مطلع الشهر الجاري أجرى زيارة إلى قاعدة باليدوغلى الجوية بمحافظة شبيلى السفلى جنوبي البلاد التي تتمركز فيها القوات الصومالية الخاصة المدربة أمريكيا وتعرف باسم “دنب”. 

وهدفت هذه الزيارة إلى طمأنة القوات التي تتركز مهمتها الأساسية في محاربة مليشيات الشباب الإرهابية منذ عام 2014. 

وتفقد روبلي خطط العمليات العسكرية التي تستهدف مليشيات الشباب، وأكد على استعداد الحكومة تقديم كافة أشكال الدعم لرفع معنوياتهم بعد خروج الطواقم العسكرية الأمريكية التي كانت تتولى مسؤولية تدريبهم وإدارتهم. 

وأيضا تقدم بالشكر للجنود الأمريكيين على ما قدموه للصومال في الحرب على الإرهاب طيلة 13 سنة الماضية من التواجد العسكري الأمريكي. 

وبعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية في منتصف الشهر الجاري، قام قائد أفركوم الجنرال ستيفن تاونسيند بزيارة إلى مقديشو، التقى خلالها وزير الدفاع الصومالي حسن حسين حاجي وقائد القوات الصومالية الجنرال أدوا يوسف راغي. 

وأكد المسؤول العسكري الأمريكي التزام واشنطن مواصلة الحرب على الإرهاب وتعزيز العمليات العسكرية، خاصة الضربات الجوية التي تستهدف القيادات والأنشطة الخطيرة ومراكز القوة لتنظيم الشباب الإرهابي. 

تصعيد ورد حاسم 

ومنذ أن تم انسحاب القوات الأمريكية بالكامل قبل أسبوع، صعدت حركة الشباب الإرهابية هجماتها، عبر السيطرة على عدد من البلدات في جنوبي ووسط البلاد، إلا أن الجيش الصومالي استعاد بعضها. 

ولجأت حركة الشباب الإرهابية إلى شن هجمات متتالية على قواعد القوات الصومالية والإفريقية المشتركة، فضلا عن اعتماد الاغتيالات منهجا لها، عبر عناصرها النائمة داخل المدن الرئيسية خاصة في مقديشو. 

ولم تتوان القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”، في الرد على رسائل التصعيد الأمني من مليشيات الشباب الإرهابية بشكل حاسم، مما بعث برسائل إيجابية حول الدور الذي ستلعبه حتى بعد خروج قواتها من الصومال. 

وتعزيزا للالتزام الذي قطعته الولايات الأمريكية المتحدة بعدم تضرر انسحابها من الصومال وإعادة التموضع بدول الجوار الحرب على الإرهاب، نفذت القوات الأمريكية خلال الشهر الجاري فقط 5 عمليات جوية ضد الشباب بـ7 غارات، أدت إلى مقتل 12 إرهابيا من بينهم قيادات رفيعة، وإصابة عنصر واحد وتدمير 9 مجمعات من بينهم إذاعات بحسب ما رصدته “العين الإخبارية” من موقع أفريكوم. 

سيناريوهات الاحتواء 

ويبدو أن الحكومة الصومالية منهكة في الشأن السياسي أكثر من الأمني، لذا يصعب على المراقب أن يقرأ ويتتبع السيناريوهات التي أعدتها حكومة مقديشو لمواجهة الفراغ الأمني الذي تركه انسحاب القوات الأمريكية من الصومال. 

ومع مرور نحو أسبوع، لم تعلن الحكومة الصومالية حتى الآن استراتيجية أمنية للتعامل مع الوضع الراهن، لكن ثمة تحركات على الصعيد الأمني يمكن قراءتها في إطار التعامل مع هذا الشأن منها. 

فقد أعلنت الحكومة البريطانية استكمال تدريب 500 جندي صومالي، بهدف الحرب على الإرهاب في الفترة من 16 سبتمبر/أيلول وحتى ديسمبر/كانون الأول 2020. 

 ويرى مراقبون أمنيون، أن هذا التدريب يعد رسالة ضمنية للصومال بأننا مستعدون تدريب القوات الخاصة بعد الخروج الأمريكي، لكن ثمة تساؤلات صعبة على قدرة الصومال إعطاء رخصة التدريب لبريطانيا؟ وهل الولايات المتحدة مستعدة للتخلي عن أفضل فيلق عسكري بتدريب وتمويل واشنطن خلال 6 سنوات مضت في الجيش الصومالي لصالح بريطانيا؟. 

وكذلك أعلنت ولاية غلمدغ قبل أيام، إطلاق حملة عسكرية على تنظيم حركة الشباب الإرهابية، بعد تصاعد أنشطتها الإرهابية في المناطق التابعة للولاية وسط الصومال. 

وأرسلت ولاية جنوب غرب الصومال طلبا رسميا للحكومة الفيدرالية في مقديشو، للمساعدة في رفع حصار فرضته الشباب الإرهابية عن مدينة حدر بمحافظة بكول، التي توشك على أزمة إنسانية إثر نقص بالمواد الغذائية. 

ولم تستجب الحكومة المركزية لمطالب بعض الولايات، ولم تعلق على البيان البريطاني بتدريب القوات الصومالية، ما يجعل موقف الحكومة غامضا حتى الآن. 

لكن خبراء صوماليين اقترحوا السيناريوهات المثلى للتعامل مع الوضع الأمني في البلاد، بعد انسحاب القوات الأمريكية من الصومال. 

ويقول المحلل الأمني الصومالي عبدالشكور على، إنه يجب “إعادة تنشيط الدور العسكري لقوات بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال (أميصوم)، أكثر من أي وقت مضى، بهدف التغلب على الصدمة التي خلفها القرار الأمريكي”. 

وأضاف عبدالشكور أن “(أميصوم) لم تقم بأدوارها الأساسية خلال السنوات الأربع الماضية، المتمثلة في إطلاق عمليات عسكرية لتطهير المدن الاستراتيجية من مليشيات الشباب”. 

ويقترح المحلل الصومالي الأمني ضرورة إطلاق الحكومة المركزية حملات عسكرية واسعة في جميع أنحاء البلاد، وتقديم كافة أشكال الدعم للولايات الإقليمية في الحرب على الإرهاب، بغض النظر عن الخلافات السياسية، لإثبات المليشيات الإرهابية بأن الحكومة قادرة على الوقوف بوجهها دون قوات أمريكية. 

أما المحلل السياسي الصومالي محمد نور، فيرى أن حل أزمة الانتخابات العامة بين الحكومة والولايات الإقليمية والمرشحين الرئاسيين بأسرع وقت ممكن، يساعد في تركيز الجهود على محاربة الإرهاب. 

وقال نور إن “الاستقرار السياسي ركيزة للاستقرار الأمني، وأن الأوضاع الآن معرضة للانفلات بشكل جزئي في كل موسم انتخابي، ما يجعل هذا الموسم أمرا استثنائيا خصوصا على وقع الانسحاب الأمريكي من الصومال”. 

وأوصى حكومة مقديشو بوجوب إبقاء وضع القوات المدربة أمريكيا “دنب” على ما هو عليه بمعزل الاستقطاب ودون استخدامها في الأجندات السياسية، وفي حال تعرضت هذه القوة للسقوط بهذا المأزق، ستكون “فرصة ذهبية للإرهاب”. 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق