غارديان: الصراع في إقليم تيغراي غيّر إثيوبيا للأبد
قالت صحيفة غارديان (The Guardian) البريطانية إن لاجئين فروا من إقليم تيغراي (شمالي إثيوبيا) إلى السودان المجاور؛ إثر اندلاع القتال بين القوات الحكومية وعناصر الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي؛ لم يعودوا يفكرون مطلقا في العودة إلى ديارهم، بعد أن تسبب النزاع المسلح في تغيير بلدهم “بشكل جذري”.
ونقلت الصحيفة -في تقرير لمراسلها إيمانويل أكنووتو- عن أحد اللاجئين الذين قدموا من مدينة الحمرة في تيغراي (ويدعى برهان هافتو) إلى مخيم حمداييت في الطرف السوداني من الحدود قوله إن “الصراع المسلح غيّر إثيوبيا بشكل دائم، وبالنسبة للعديد من اللاجئين الشباب في المخيمات فقد انتهى أي أمل حقيقي في العودة”.
وأضاف هافتو -وهو مدرس جغرافيا فرّ من المنطقة بعد تصاعد القتال- “أنا لا أرى مستقبلي في تيغراي.. مستقبلي ربما يكون في السودان أو في مكان ما بالخارج، كل متعلقاتي ذهبت، تبخرت، ليس لدي أمل في تيغراي؛ لقد تغيرت تماما”.
وروى هافتو (31 عاما) كيف تمكن من الفرار من مدينته -تاركا زوجته المدرسة وابنته ذات 5 سنوات- قائلا “كنت أختبئ في المنزل لمدة أسبوع، لم أكن أرغب في المغادرة، ولكن بعد ذلك اضطررت للذهاب. كانوا يقتلون ويقتلون؛ كان الأمر لا يطاق”.
أمر “غير راقعي”
وعن ظروفه المعيشية الحالية وقبل اندلاع الصراع، قال هافتو “كنت غنيا، ليس بسبب المال ولكن بسبب السعادة. لم أدرك حتى كيف كانت الأشياء جيدة بالنسبة لي. الآن لم أعد أملك شيئا، إلا قميصا أصفر وبنطالا من “الجينز” وزوجا من الأحذية الرياضية، أغسلها كل يوم وأرتديها في اليوم التالي”.
وذكر هافتو أنه حتى قبل أن يأمر رئيس الوزراء الإثيوبي -الحائز على جائزة نوبل للسلام- آبي أحمد بشن هجوم عسكري على تيغراي في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان الصراع يبدو وشيكا بعد أسابيع من تصاعد التوترات، لكن عندما بدأت العمليات وخلفت العديد من القتلى والجرحى؛ بدا الأمر كأنه “غير واقعي”.
يشار إلى أن أكثر من 45 ألف لاجئ فروا من منطقة تيغراي خلال الشهر الماضي، مع اندلاع هذا النزاع المرير والدموي في المنطقة، وينتظر كثيرون أن تنقشع سحابة الصراع على أمل العودة إلى ديارهم، في حين أصبح كل أمل آخرين التقاط متعلقاتهم التي تركوها على عجل.
كما تتزايد المخاوف -كما تضيف الصحيفة- على مصير نحو 100 ألف لاجئ إريتري في شمال تيغراي، يعيشون في مخيمات ومناطق يُقال إنها شهدت قتالا عنيفا، كما حذرت الأمم المتحدة من أن الإمدادات الغذائية آخذة في التراجع؛ مما يعرض كثيرين لخطر المجاعة.
استمرار القتال
ورغم أن آبي أحمد أعلن الأسبوع الماضي تحقيق النصر في المنطقة، بعد دخول القوات الإثيوبية ميكيلي عاصمة الإقليم، فإن تقارير أكدت استمرار القتال، وذكرت الأمم المتحدة أن النزاع المسلح امتد إلى أجزاء أخرى في تيغراي.
وقالت الصحيفة إن هذا الصراع المثير للجدل -الذي أكد رئيس الوزراء الإثيوبي في البداية أنه يستهدف فقط الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بدعوى “مهاجمتها قواعد للجيش الإثيوبي وتقويضها استقرار البلاد”- تطور على ما يبدو إلى موجة من العنف العرقي.
وحسب منظمة العفو الدولية، فقد قُتل عدد كبير من المدنيين، قُدّر بالمئات، بالسكاكين والمناجل في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وقال شهود عيان إن القوات الموالية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي هي المسؤولة رغم أن المنظمة قالت إنها لا تستطيع تأكيد هذه التقارير بشكل مستقل.
كما يؤكد كثيرون في مخيمات اللجوء أنهم فروا من الهجمات والانتهاكات التي ارتكبتها القوات الإثيوبية ضد المدنيين، والفظائع واسعة النطاق التي ارتكبتها جماعة “فانو”، وهي مليشيا عرقية أمهرية يقال إنها تعمل بالتنسيق مع الجيش الإثيوبي.