الصومال 2021.. أزمات متتالية ورئيس منتهي الصلاحية يبحث عن شرعية
عاش الصومال خلال 2021 أحداثا مريرة على المستوى السياسي، أبرزها تشبث الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو بكرسي السلطة.
فرماجو أصبح مصدرا لإثارة فوضى كادت تحرق البلاد، لولا جهود الإنقاذ التي قادها رئيس الوزراء محمد حسين روبلي، الذي أصبح خلال العام الجاري الشخصية السياسية الوحيدة التي نالت ثقة جميع الأطراف السياسية.
وبمخالفته للدستور والقانون سجل فرماجو اسمه في التاريخ السياسي للصومال كأول رئيس يستمر في السلطة بلا تفويض، قرابة عام كامل؛ حيث فشل في إيصال البلاد إلى الانتخابات، وحارب النظام السياسي (النظام الفيدرالي) القائم منذ أكثر من عقدين من الزمن.
بعد رحيله سيترك فرماجو وراءه تركة ستثقل كاهل الحكومة القادمة لو تجاوزت البلاد المعترك الحالي بسلام دون الانزلاق إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس، في بلد هش سياسيا، ولا يملك مؤسسات إنقاذ قوية.
فقد أصبح فرماجو أول رئيس صومالي جاء عبر الانتخابات لكنه فشل في الحفاظ على ثقافة تداول سلمي للسلطة، ليسطر اسمه كأول رئيس لا يلعب دورا قياديا في اقتراع عام في ولايته بسبب فقدان ثقة الأطراف السياسية، وفشله في حشد مسار توافقي.
التشبث بالكرسي
واصل فرماجو كتابة تاريخه الخاص في انتهاك الدستور، وكانت البداية في أبريل/نيسان حيث مدد فرماجو ولايته لمدة عامين عبر البرلمان، ووقع مشروع قانون التمديد، كأول رئيس يقدم على هذه الخطوة غير القانونية، واستخدم الأجهزة الأمنية للدفاع عن التمديد، ورفض الاحتجاجات السلمية، مما أثار اشتباكات دامية في العاصمة رفضا للخطوة.
وفي سبيل دفاعه عن التمديد هاجمت القوات الموالية لفرماجو زعماء سياسيين من بينهم الرئيس السابق حسن شيخ محمود، وزعيم حزب “ودجر” المعارض عبدالرحمن عبدالشكور، لكن تلك الجهود باءت بالفشل، ولم يتمكن من تمرير الأجندة الخطرة على بناء الدولة الصومالية الهشة.
وبعد فشل التمديد، أضحى فرماجو مجبرا على تسليم مسؤوليات قيادة الانتخابات، وأمن البلاد لرئيس الوزراء، كما أبعده البرلمان عن المشاركة بالمفاوضات السياسية حول إنهاء الخلافات بشأن مسار عملية الانتخابات العامة في 27 مايو/أيار بمقديشو، وشارك في حفل إعلان الاتفاق دون أن يكون له حق التوقيع، حيث وقع على الاتفاق رئيس الوزراء محمد حسين روبلي، ورؤساء الولايات الخمس، وعمدة العاصمة مقديشو.
ولم تقف مخططات فرماجو عند تمديد ولايته فقط، فقد عمل على التدخل في شئون الحكومة، وخلال أغسطس/آب الماضي، أصدر مرسوما يأمر بعدم إبرام اتفاقيات دولية، إلا أن رئيس الوزراء رفض هذه الخطوة واعتبرها تدخلا سافرا بعمل الحكومة، لافتا إلى أن الدستور يفوض مجلس الوزراء بإبرام الاتفاقيات الدولية، والمجلس هو المسؤول عن البلاد في المرحلة الانتقالية ولا دور للرئيس.
لم يكتف فرماجو عن إثارة العراقيل والخلافات السياسية، ففي سبتمبر/أيلول الماضي أعلن سحب جميع صلاحيات رئيس الحكومة وتعليقها، وأصدر توجيهات بقيادة العملية الانتخابية، وذلك على خلفية خلاف بشأن جهاز المخابرات بعد إطاحة روبلي بفهد ياسين؛ رجل فرماجو بالجهاز الأمني.
سيناريوهات إخراج فرماجو
وفي الوقت الذي يواصل فرماجو التشبث بالسلطة، يشير مراقبون إلى صعوبة إخراج فرماجو من القصر، محذرين من أن الصومال سيدفع ثمنا باهظا في سبيل ذلك.
المحلل السياسي الصومالي يوسف صالح يقول: إن “فرماجو لا يعتزم الخروج بشكل سلمي من القصر، وتسليم السلطة إلى الرئيس الذي سيتم انتخابه .
ويعتقد يوسف صالح أن هناك سيناريوهين لإخراج فرماجو، أولهما سيطرة قوات حفظ السلام الأفريقية على الوضع، وإخراجه بالقوة بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، ما لم يكن هو الفائز.
إلا أن المحلل الصومالي يحذر من أن فوز فرماجو يشكل خطورة كبيرة على الدولة الصومالية، حيث إن الوضع لن يتحمل استمرار الرجل في هوايته المفضلة في تخريب النظام السياسي، واستخدام سلاح الدولة ضد الخصوم.
ويرى يوسف أنه في حال لم تسيطر القوات الأفريقية على الوضع، سيزعم فرماجو الفوز بالانتخابات ويرفض تسليم السلطة، وينصب نفسه رئيسا شرعيا، وهذا يعرض الصومال لخطر الانزلاق للحرب الأهلية .
وأشار يوسف إلى أنه من الضروري استعداد الصوماليين لتطورات غير مألوفة منذ إعادة تأسيس الدولة على النظام الفيدرالي عام 2000، لأن فرماجو سيخير الصوماليين إما قبوله كرئيس أو زج البلاد إلى صراع مسلح على السلطة.