استراتجية بايدن: العقوبات لمواجهة الإرهاب في أفريقيا
بدأت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في الكشف عن استراتيجيتها تجاه الإرهاب في أفريقيا بالتركيز على الحصار المالي بدل خطط لهجمات أو تدخل مباشر لمساعدة الدول التي تقاوم التيارات الإسلامية المتشددة.
وأدرجت الولايات المتحدة الجمعة خمسة أشخاص وصفوا بأنهم من قادة الجماعات الجهادية في أفريقيا ضمن قائمة “الإرهابيين العالميين”، وفق ما ذكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان.
واعتبر خبراء في الجماعات الإسلامية المتشددة أن إدارة بايدن اختارت أن تحافظ على ثابت رئيسي في سياساتها الخارجية وهو تجنب أيّ معارك مباشرة مع جماعات متشددة أو ميليشيات، لافتين إلى أن هذا المسار يزيد من جرأة المتشددين على المجازفة ويشجعهم على المغامرة والسيطرة على مواقع جديدة في وجود حكومات ضعيفة في أفريقيا.
وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن العقوبات المالية تأثيرها ضعيف في المدى القريب، كما أن الجماعات المتشددة تتقن المناورة، وهي تعتمد طرقا متعددة في الحصول على التمويل وتوفير الأسلحة واستقطاب المقاتلين، ما يجعل من العقوبات أمرا غير فعال.
وترسل الخطط الأميركية القائمة على العقوبات رسائل سلبية إلى الدول التي تقاتل الجهاديين في أفريقيا، وكذلك إلى حلفاء آخرين مثل فرنسا التي سعت خلال السنوات الأخيرة لتحقيق مكاسب في غرب أفريقيا، لكنها بدأت بالتراجع وتفكر في الانسحاب على أن توكل لدول المنطقة مهمة محاربة الجهاديين.
وشدد الخبراء على ضرورة ألا تضع أفريقيا آمالها على إدارة بايدن لمكافحة الإرهاب، وأن الخيار المتبقي هو أن الحرب على الإرهاب يجب أن تقودها الدول الأفريقية بنفسها وعدم الاعتماد على التعاون الدولي، لافتين إلى أن بايدن سيستمر في سياسة سلفه دونالد ترامب القائمة على الانسحاب من الأزمات.
وفي ديسمبر 2020 أمر ترامب بانسحاب القوات الأميركية من الصومال، والذي اكتمل في يناير 2021 عندما انتقلت إلى كينيا، على الرغم من أن القيادة الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” حذّرت من صمود حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة وقدرتها على التكيّف مع مواجهة العمليات الأميركية لمكافحة الإرهاب.
ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض، حدّ بايدن من استخدام الطائرات المسيّرة ضدّ الجماعات الجهادية خارج ساحات الحرب التي تُشارك فيها الولايات المتحدة بشكل رسمي. وإلى الآن تكتفي القوات الأميركية بتنفيذ ضربات محدودة في الصومال من دون أن تتسع إلى دول أخرى تعيش أوضاعا صعبة في حربها مع الجهاديين مثل نيجيريا.
وفي غياب دعم دولي توسعت أنشطة الجماعات الجهادية في القارة ونجحت في بناء تحالفات عرقية وقبيلة ومع شبكات الجريمة المنظمة ما مكنها من توفير التمويل الكافي لأنشطتها.
وأمام توسع نفوذ الجهاديين في أفريقيا حث خبراء ومسؤولون سابقون إدارة بايدن على مراجعة استراتيجيتها القائمة على المراقبة والتدخل المحدود.
وفي مايو الماضي كتب ماثيو ليفيت وهو مدير برنامج راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن “سواء أكان تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية أم الجماعات الأخرى في أفريقيا تشكل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة اليوم أم لا، فإن أفريقيا أصبحت بؤرة إرهابية سريعة النمو”.
وحذر ليفيت حينها من “الانتظار إلى أن ينتشر هذا التهديد الإرهابي ويشكل فجأة تهديدا مباشرا للولايات المتحدة، قبل اتخاذ قرار الانخراط بشكل نشط للمساعدة في مكافحة الإرهاب في أفريقيا”.
وعلى رأس قادة المتشددين الذين صدرت تجاههم عقوبات أميركية نجد بونوماد ماشود عمر الذي “يرأس الشؤون العسكرية والعلاقات الخارجية” لتنظيم داعش في موزمبيق، وسيدان أغ هيتا “القائد المسؤول عن منطقة كيدال في مالي” ضمن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
بالإضافة إلى سالم ولد بريمات وهو “قيادي بارز في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وأمير منطقة موبتي في مالي. كما أنه يشرف على جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في بوركينا فاسو”.
والاثنان الآخران هما المسؤولان في حركة الشباب الصومالية علي محمد راج “المتحدث باسم حركة الشباب، وهو قيادي بارز” وعبدالقادر محمد عبدالقادر.
وقال وزير الخارجية الأميركي إنه يتعين الآن “تجميد جميع ممتلكات هؤلاء الأفراد ومصالحهم وإبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة عنها”.
وأضاف أن “أيّ مؤسسة مالية أجنبية تسهّل عن قصد تعاملات مالية ضخمة أو تقدم خدمات مالية كبيرة لمن تم ذكرهم” قد تتعرض لعقوبات.
وتسعى الولايات المتحدة لـ”تعطيل وسائل تمويل” تنظيم داعش في موزمبيق وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وحركة الشباب “للحد من قدراتهم على تنفيذ المزيد من الهجمات ضد المدنيين”، بحسب البيان.