الانتخابات الرئاسيةالرئيسية

الولايات الصومالية تنهي أطماع فرماجو

قلبت الولايات الصومالية الطاولة على رئيس البلاد محمد عبدالله فرماجو، وفرضت نظام الاقتراع غير المباشر (بنظام 4.5 العشائري) في الانتخابات المقبلة ـ المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل ـ الذي يرفضه فرماجو بسبب أطماعه في التمديد لمدة عامين وتأجيل الانتخابات حتى تستمر وصاية قطر على الصومال.

وكان عُقد مؤتمر “طوسمريب 3” ما بين 15-19 من الشهر الجاري بين فرماجو ورؤساء كل من ولايات غلمدغ أحمد عبدي كاريه قور قور، وهيرشبيلي محمد عبدي واري، وجنوب غرب الصومال عبدالعزيز حسن محمد لفتاغرين، إضافة إلى عمدة مقديشو عمر محمود فلش، الذي شارك ممثلا عن سكان العاصمة الذين لم يحصلوا بعد على حقهم الدستوري في التمثيل السياسي.

المؤتمر المنقوص من ولايتي جوبلاند وبونتلاند اللتين قاطعتا؛ احتجاجا على غياب حكومة رسمية ستنفذ ما يتم الاتفاق عليه وعدم وجود ضمانات دولية تضع حدا لغطرسة فرماجو، خرج باتفاق المشاركين على إجراء الاقتراع غير المباشر في الانتخابات وإجرائها في موعدها.

واتفقوا على كون عدد المقترعين في الانتخابات التشريعية القادمة نحو 90 ألف ناخب حيث سينتخب كل مقعد برلماني “في مجلس الشعب (الغرفة السفلى للبرلمان الفيدرالي/ 275 مقعدا) نحو 301 شخص من العشيرة التي سيمثلها.

بينما السيناتور الواحد في مجلس الشيوخ (الغرفة العليا للبرلمان الفيدرالي/54 مقعدا) سينتخبه نحو 80 شخصا من برلمانات الولايات الإقليمية مادام هو المجلس الممثل بالولايات في الحكومة الفيدرالية، حيث سيختار أعضاء المجلسين بدورهم رئيس البلاد الذي سيقود الصومال في السنوات الأربع المقبلة.

وتهدف زيادة عدد الناخبين إلى تقليص ظاهرة شراء الأصوات في الانتخابات التشريعية التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من العملية الانتخابية بالصومال خلال العقدين الماضيين، والاقتراب نحو تحقيق النموذج العالمي في الانتخابات الذي يصوت به الشعوب على من يمثلهم في المناصب السياسية.

واتفقوا أيضا على تحديد 4 دوائر انتخابية في كل من الولايات الخمسة وإدارة مفوضية الانتخابات الصومالية المستقلة العملية الانتخابية بالتعاون مع الولايات والعشائر ومنظمات المجتمع المدني، والسماح بتحويل المقاعد البرلمانية إلى مناطق أكثر أمانا في حال تعذر انتخاب المقعد من دائرة انتخابه الأصلية لأسباب أمنية.

وأكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة حل شكوى ولايتي بونتلاند وجوبلاند، وطرح الاتفاق السياسي أمام مجلس الشعب الصومالي للمصادقة عليه لاكتساب صبغة قانونية.

كما قدموا شكرهم لحكومة ولاية غلمدغ وشعبها بحسن استضافتهم وكذلك الشكر للمجتمع الدولي الذي يقف إلى جانب الصومال بدعم متواصل لا ينقطع بكل النواحي.

وشهدت بنود الاتفاق الذي خرج به مؤتمر “طوسمريب 3” ترحيبا حذرا من كبرى الأحزاب المعارضة في الصومال ومرشحين رئاسيين في الانتخابات المقبلة، حيث وجهت تلك الجهات رسائل لفرماجو تطلب منه العمل على ضم ولايتي جوبلاند وبونتلاند للاتفاق.

ووفق مراقبون فإن عدم تنفيذ هذه المطالب يعني سعي فرماجو إلى إدخال البلاد في دوامة من الأزمات السياسية والأمنية والدستورية.

وقال منتدى الأحزاب الوطني الصومالي المعارض، في بيان، السبت الماضي، إن الاتفاق حول نظام الانتخابات بين فرماجو وبعض رؤساء الولايات الإقليمية خطوة للأمام.

وأضاف أن الاتفاق بحاجة إلى استكمال وإشراك جميع أطياف العملية السياسية في البلاد، ويضر غياب ولايتي جوبلاند وبونتلاند بشرعيته، حيث يعصف بالتوافق المطلوب حول ملف الانتخابات ويعرض وحدة البلاد للخطر ما لم يتم استماع آراء الولايتين.

بدوره، أصدر حزب “ودجر” المعارض، السبت أيضاً، بيانا أكد فيه أن الاتفاق غير مكتمل في ظل غياب ولايتين، داعيا إلى ضرورة إشراك جميع الفاعلين السياسين بأي اتفاق حول العملية الانتخابية.

وأوضح أن فرماجو فشل في إيصال البلاد إلى انتخابات شعبية عامة على موعدها، منوها إلى ضرورة تشكيل لجنتين هما لجنة انتخابات مشتركة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية ولجنة النزاهة ومكافحة لفساد في الاستحقاق الانتخابي الحالي.

من جانبه، رحب المرشح الرئاسي وزعيم حزب “سهن” المعارض، عبدالكريم حسين غوليد، عبر موقع “فيسبوك” بالاتفاق، قائلا إنه يوجه البلاد إلى انتخابات تواكب ظروف البلاد وتجرى على موعدها.

وأشار إلى أنه لا يمكن أن ينفذ الاتفاق دون موفقة ولايتي جوبلاند وبونتلاند، مؤكدا أن الصومال بحاجة اليوم إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى.

وقال مراقبون إن تدخل القوى الدولية في الملف الصومالي بجدية من شأنه احتواء الفوضى السياسية -مرحليا- والتي يسعى إليها فرماجو، كما أن هذا التدخل أوقف بشكل رسمي أطماع التمديد لدى الأخير، رغم أنه لازال يتاجر بالوقت القليل الذي تبقي من فترة المؤسسات الدستورية الفيدرالية البرلمان 4 أشهر أما الرئاسة 5 أشهر .

تحديات ثلاثة

واعتبر مراقبون أن الاتفاق أرغم فرماجو على نظام انتخابي يمكن إجراؤه في الموعد المقرر للانتخابات، مما يحطم أطماعه من التمديد وتأجيل الانتخابات أمام وعي الصوماليين، كا يعكس واقعية المجتمع الدولي الذي يضبط السياسة الصومالية، لكنهم أكدوا أن هذا الاتفاق يواجه العديد من التحديات.

أبرز هذه التحديات تتمثل في عدم مشاركة ولايتي جوبلاند وبونتلاند في المؤتمر، حيث إن التوافق مطلوب في المرحلة الحساسة التي يمر بها، وأن الولايتين لهما تأثير كبير على صنع القرار الصومالي بثقلهما السياسي والمناطقي.

وكذلك غياب حكومة صومالية رسمية يعد من أبرز التحديات التي تواجه هذا الاتفاق، إذ لم يعين الرئيس الصومالي رئيس وزراء جديد خلفا لــ”حسن علي خيري” بعد الإطاحة بالأخير في 25 يوليو/تموز الجاري عبر البرلمان بتعاون بين فرماجو ورئيس مجلس الشعب في أعقاب موقفه غير المطابق لرغبة فرماجو في الانتخابات المقبلة.

أما التحدي الثالث فيتمثل في الضبابية التي تسود مستقبل الحوار السياسي في الصومال، حيث لا يوجد موعد محدد لاجتماع قادم بين الأطراف السياسية في البلاد للنقاش حول مستجدات الوضع الذي يحمل ملفات ساخنة بأي لحظة.

مسار طوسمريب

وتشكل مسار طوسمريب للحوار السياسي في بداية يوليو/تموز المنصرم، على خلفية خلافات حادة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية على نظام الانتخابات الصومالية التشريعية المقرر عقدها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل والرئاسية في فبراير/شباط 2021.

وفي المؤتمر الأول للمسار، اجتمع رؤساء الولايات الإقليمية بشكل خاص ما بين 11-12 يوليو/تموز ، واتفقوا توحيد موقفهم حيال الانتخابات وإجرائها في موعدها ودعوة الرئيس فرماجو إلى المشاركة في جولة ثانية من المفاوضات السياسية لتحديد نظام الانتخابات.

وانعقد المؤتمر الثاني للمسار، بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية ما بين 18-22 يوليو/تموز الماضي.

واتفق الطرفان على إجراء الانتخابات بموعدها والاجتماع في جولة ثالثة 15 أغسطس/آب الجاري لتحديد نظام الانتخابات لكن ولايتي جوبلاند وبونتلاند قاطعتا المؤتمر بسبب مستجدات الوضع السياسي التي أضرت بمسيرة المشاورات الرامية للوصول إلى صيغة مشتركة في الانتخابات وأبرزها عزل البرلمان رئيس وزراء الحكومة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق