افريقيا و العالم

من هو زعيم بوكو حرام المنتحر؟

متعطش للدماء، “يستمتع بالقتل”، لا يبالي إن كان ضحاياه من العسكريين أم المدنيين الأبرياء، هو زعيم جماعة “بوكو حرام” التي تنشط في شمال شرق نيجريا، أبو بكر شكوي، الذي أعلن “داعش”، الأحد، “انتحاره” منذ نحو أسبوعين، خشية وقوعه في قبضة منافسيه وسط تبادل لإطلاق النار بين التنظيمين.

قتل شكوي في فترة قريبة من تاريخ 18 مايو، بعد قيامه بتفجير عبوة ناسفة من قبل عناصر “داعش”، حسبما قال شخص يزعم أنه زعيم “تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا”، أبو مصعب البرناوي، في تسجيل صوتي كشف عنه الأحد. 

ولم تؤكد حركة “بوكو حرام” مقتل زعيمها. 

وأشار تنظيم “داعش” إلى أن زعيم الجماعة لقي حتفه في مناطق يسيطر عليها في غابة سامبيسا حيث طوق مقاتلوه منزل زعيمها التاريخي. 

تولى شكوي قيادة “بوكو حرام”، في عام 2010، بعد وفاة مؤسسها، محمد يوسف، الذي كان حينها في قبضة الشرطة. 

نال الزعيم الجديد شهرة واسعة، في عام 2014 بعد اختطاف الجماعة نحو 276 تلميذة في بلدة شيبوك، في عملية أدت إلى استياء دولي وبروز حركات احتجاجية حول العالم، وقد فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على جماعته بعدها. 

بعد أقل من عامين على تولي مقاليد الجماعة، صنفت الولايات المتحدة شكوي إرهابيا عالميا بعد نحو شهر من استهداف جماعته مبنى صحيفة نيجيرية في أبوجا وتهديدها في بيان مصور بمزيد من الهجمات على وسائل الإعلام المحلية والدولية، بما في ذلك إذاعة “صوت أميركا”. ورصدت واشنطن أيضا مكافأة سبعة ملايين دولار للقبض عليه. 

رحلة التشدد 

وُلد شكوي، وهو من عرقية الكانوري، في ولاية يوبي في شمال نيجيريا، في تاريخ غير محدد، لمزارعين فقيرين هاجرا من النيجر المجاورة. 

بعد أن تعلم أصول الدين الإسلامي واعتنق “الوهابية” المتشددة، أصبح الشاب شكوي واعظا محليا. وفي عام 1990، انتقل إلى مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، في شمال شرق البلاد، لدراسة علوم الشريعة، وفق تقرير لوكالة فرانس برس. 

غريما كاوديما، التي تسكن في المدينة كانت قد ذكرت في مقابلة أجريت معها، في 2012، إنه “كان زميلا هادئا يتبادل المزاح مع الناس في الحي. وكان يتمتع بشعبية”. 

وقال ساكن محلي آخر يدعى، بوتاري غوني، إنه تزوج من ابنة معلمة، توفيت لاحقا أثناء الولادة، وهذه الحادثة بحسب البعض مهدت لحدوث مشكلات نفسية له في المستقبل. 

بدأ شكوي طريقه نحو التشدد بعد التسجيل في برنامج الدراسات الإسلامية العليا في كلية بورنو الحكومية للدراسات القانونية والإسلامية. 

هناك التقى مامان نور، الذي أصبح فيما بعد العقل المدبر لتفجير أغسطس 2011 لمكاتب الأمم المتحدة في العاصمة أبوجا، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصا. ومن خلال نور، تعرف على محمد يوسف، مؤسس الجماعة. 

كايام بولاما، التي كانت طالبة في ذلك الوقت تقول إنه كان شخصا “بسيطا ولا يبالي في البداية” لكنه “بعد فترة وجيزة من تعرفه على يوسف، بدأ يتصرف بشكل صارخ ومتشدد، ويبتعد عن الطلاب الآخرين ويصحب زملائه من أعضاء الطائفة”. 

بعد أن قُتل يوسف، في عام 2009 خلال حملة عسكرية على الجماعة، اختفى الأفراد الباقين لفترة وجيزة، ثم تولى القائد الجديد زمام الأمور. 

تحت قيادة شكوي، حولت “بوكو حرام” مساحات شاسعة من شمال شرق نيجيريا إلى منطقة محظورة، وأعلنت “الخلافة” في مدينة بورنو في عام 2014. 

كان هجوم كبير شنته القوات النيجيرية، في عام 2015، بدعم من جنود من الكاميرون وتشاد والنيجر قد أدى إلى طرد مسلحي الجماعة من معظم المنطقة التي كانوا يسيطرون عليها، لكنها عادت للظهور وواصلت عملياتها. 

“عنيد ويستمتع بالقتل” 

في دعايته المختلفة عبر مقاطع الفيديو، يظهر شكوي بعيون جامحة تحتفل بأعمال العنف المروعة. في مقطع فيديو شهير تم تداوله على نطاق واسع، يقول قائد الجماعة: “أنا أستمتع بالقتل… بالطريقة ذاتها التي استمتع بها بذبح الدجاج والكباش”. 

يرفض البعض الرأي القائل بأنه يعاني من مرض نفسي. جاكوب زين، الباحث في مؤسسة جيمس تاون ومقرها واشنطن قال لوكالة فرانس برس “من الواضح أنه ماهر لأنه استطاع أن يكون قائدا لفترة طويلة”. 

وأضاف: “إنه زئبقي، سريع الغضب، متطرف، وعنيد”، فهو لأكثر من 10 سنوات “لم يتغير، وظل ثابتا، ولم يظهر رغبة في التنازل”. 

انقسام الجماعة 

وبسبب أسلوبه وتكتيكاته الوحشية، بما في ذلك استخدام النساء والأطفال الانتحاريين، انقسمت الجماعة، في عام 2016. 

حتى أن تنظيم “داعش” نبذه لتطرفه الشديد، وفقا لما ذكرته فرانس برس. 

يقول الباحث في “كرايسز غروب”، فينسينت فوشير، إن شكوي اعتبر المدنيين المسلمين الذين لم يعلنوا الولاء لجماعته “أهدافا مشروعة”، وأثار “استعداء العديد من القادة الآخرين ممن انتقدوا تخزينه للأموال والأسلحة ورفضه تقاسم الغنائم مع من لا يحبهم أو يثق بهم”. 

في عام 2016، هجر كبار قادة “بوكو حرام” الذين اختلفوا معه معقل الجماعة في غابة سامبيسا واتجهوا غربا نحو غابة الأغارنو. 

وبعد بضعة أشهر، تم الاعتراف رسميا بزعيم فصيلهم الجديد، حبيب يوسف، نجل محمد يوسف، من قبل داعش. 

والمجموعتان تقاتلان الجيش النيجيري وتدور اشتباكات بينهما للسيطرة على المنطقة. وفي السنوات الأخيرة تصاعدت قوة تنظيم “داعش” في غرب أفريقيا وسيطر على المزيد من الأراضي وشن هجمات أكثر تطورا. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق