افريقيا و العالمالرئيسية

الجهاديون يرسمون حدودا جديدة في أفريقيا “من سيوقف تمدد المتطرفين؟”

باتت قارة أفريقيا في السنوات الماضية تشكل مساحة التحرك الجديدة للجماعات الجهادية التي تستغل الصراعات المحلية لكي ترسخ نفسها مستفيدة من ضعف بعض الدول بدءا من منطقة الساحل والصحراء وبحيرة تشاد فالصومال مرورا بسيناء المصرية وحاليا موزمبيق. 

ويشكّل الجهاديون الذين يسيطرون منذ السبت الماضي على مدينة بالما في أقصى شمال شرق موزمبيق آخر مثال على اتجاه يضع القارة في صلب أولويات أبرز حركتين جهاديتين في العالم هما القاعدة وتنظيم داعش المتطرفَين. 

ويشير خبراء مركز صوفان الأميركي المستقل للأبحاث إلى أنه يمكن لمجموعة جهادية “أن تكسب نفوذا في المنطقة إذا كانت تتلقى دعما متزايدا من تنظيم داعش المركزي، سواء من حيث التمويل أو الخبرة التكتيكية. وإذا تمكنت من التوسع جغرافيا فستتمكن من جذب مقاتلين أجانب”. 

وفي حين تأسس تنظيم القاعدة في أفغانستان في تسعينات القرن الماضي، ظهر تنظيم داعش بين العراق وسوريا في منتصف العقد الأخير. لكنهما قاما منذ ذلك الحين بتوزيع نطاق تحركهما عبر تلقيهما مبايعة من جماعات مسلحة تحظى باستقلالية واسعة. وفي هذا المجال وكما حصل في موزمبيق فإن الدينامية أفريقية. 

ويقول خبير في الحركات الجهادية رفض الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية، لكنه ينشر تحليلاته على موقع تويتر تحت اسم “مستر كيو”، إن أفريقيا تمثل 16.5 في المئة من بيانات تبني هجمات والتي يصدرها داعش منذ يناير 2020. وهذا أقل بمعدل النصف مما يعلنه التنظيم في منطقة الشرق الأوسط أي حوالي 35 في المئة. 

لكن ما يعتبره هذا التنظيم “ولاياته” في غرب أو وسط أفريقيا وسيناء يبدو أكبر، فقد احتلت هذه المنطقة قرابة 38 من 64 صفحة من أسبوعيته الدعائية “النبأ” في الآونة الاخيرة. 

وعلى الرغم من ثماني سنوات من التدخل العسكري الفرنسي في منطقة الساحل والصحراء، لا يزال تواجد مقاتلين تابعين لتنظيمي داعش أو القاعدة قائما، ولو أنهم لا يسيطرون على أراض محدّدة، لكنهم ينشطون في المناطق الصحراوية التي لا تتواجد فيها قوات السلطة المركزية. 

وتقول المحللة في مكافحة الإرهاب بريندا غيثينغو في جوهانسبرغ “مُني تنظيما داعش والقاعدة بخسائر فادحة خلال العقد الماضي، لكن فروعهما في أفريقيا تساهم اليوم في رغبتهما في إظهار صمودهما من خلال التوسع العالمي”. 

ومع ذلك فإن “توقيع” المركزيتين الجهاديتين الكبيرتين مضلل، فلا شيء يشير إلى أن هذه العمليات موجهة من القيادة العليا وإذا تمّ افتراض تحويل الأموال في بعض الأحيان، فليست هناك في المقابل عمليات إرسال أسلحة أو تعزيزات للمقاتلين أو أوامر عسكرية من القمة. 

وحتى لو كانت هناك مجموعات تنشط من شرق القارة إلى غربها، من حركة الشباب الإسلامية الصومالية إلى الجزائر مرورا بليبيا ومنطقة الساحل مع أطماع نحو خليج غينيا، فمن غير الوارد أن يكون هناك مخطط لإقامة “ساحلستان” أو نوع من “الخلافة” كما حصل بين عامي 2014 و2019 في سوريا والعراق. 

ويقول “مستر كيو” إن فرع داعش في موزمبيق لا يوفر بالضرورة الأسلحة أو المال لكنه أكثر انتماء أيديولوجيا وتواصلا حول تنفيذ برنامج معين للتمدد والسيطرة عن مناطق معينة. 

وتعمل مجموعات كثيرة في أفريقيا على هذا النحو، أولا مبايعة بالمبدأ، ثم تواصل مركزي وحتى نصح إستراتيجي، وهذه هي الأمور التي تجمع هذه المجموعات بالقيادات العليا. لكن ليس هناك تحرك عسكري هرمي. 

وقد يكون من الخطأ أيضا رؤية هذا التوسّع في أفريقيا على أنه نتيجة إستراتيجية ناجحة. ويقول الباحث في دائرة دراسات الحرب في كينغز كوليدج في لندن توري هامينغ إنه يظهر على العكس ديناميكية مزدوجة، فمن ناحية تفرض الجماعات الإسلامية نفسها باعتبارها الأكثر فاعلية، ومن ناحية أخرى، تجد مصلحة في التقارب مع الحركات الجهادية الدولية. 

ويضيف “وبالتالي هناك نزعة للمبالغة في تقدير توسعهم في أفريقيا، إلا أنه ليس هناك أدنى شك بأن هؤلاء المتمردين المحليين اندمجوا بالشبكات العالمية”. 

ورغم كل تلك الأمور فإن هذه المجموعات تكتفي بأهداف مباشرة بعيدا عن أي رؤية عالمية، ومهما قالت العواصم الغربية، فإن الجهاديين في أفريقيا لم يبدوا أبدا رغبة في الضرب في أوروبا أو أميركا الشمالية. 

ويشير محللون بالإجماع إلى أن التأكيد بأن القوة الفرنسية المناهضة للجهاديين “برخان” تهدف إلى حماية فرنسا هي في أفضل الأحوال فرضية. كما أن قادة الجهاديين في أفريقيا غير مجهزين، على الأقل في المستقبل القريب، لشغل مناصب عليا داخل التنظيمين المركزيين. 

ويرى الخبير في شؤون القرن الأفريقي بالجامعة النرويجية ستيغ جارلي هانسن ومؤلف كتاب عن حركة الشباب الصومالية إن قادة هذه الجماعة التي تنتمي للقاعدة “لديهم جميعا أجندات محلية، ولا أرى أيا منهم قادرا على تولي منصب على صعيد القيادة العالمية للجهاديين”. 

ويعتبر زعيم القاعدة في منطقة الساحل المتحدر من الطوارق إياد أغ غالي مثالا على ذلك. ولكن في مواجهة الصعوبات العسكرية التي لاقتها جماعات “بلاد الشام” أو آسيا الجنوبية فإن “أهميتها النسبية قد ازدادت”. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق