كانت فترة النظام العسكري في الصومال أطول فترة حكمها نظام واحد، ولم يكن هناك تبادل للسلطة ولكنها كانت مرحلة البناء في أغلب المرافق الحيوية، ونجحت حتى في بناء العقل الجمعي للشعب وقولبتهم بقالب العسكري المسيطر!.
وأغلب الساسة اليوم تخرجوا من المدارس والجامعات في ذلك العهد، وما تزال مخيلتهم تحتفظ بطريقة الحكم التي كانت سائدة في ذلك العصر وما فيها من سيطرة وهيبة الحاكم الممجد دائما، ومايزال بعضهم يصدع دماغنا ليل نهار بفترة الاستبداد الذي يجب ألا نعود إليه!!
ولكن الحقيقة تؤكد أن هؤلاء مازالوا يحنون إلى ذلك العهد وبدون استثناء، والسبب يعود إلى أن الإنسان بطبيعته يحب السيطرة ولاسيما الإنسان الصومالي البدوي، الذي يؤمن الحكمة الجاهلية القديمة: “لنا الصدر دون العالمين أو القبر”؛ لذلك فإن المجموعة الحاكمة حاليا أخذت تربيتها السياسية وفهمها للطريقة المثلى للحكم من ذلك العهد عن طريق الاقتداء وترسخ في عقلهم الباطن أن الصومال تحتاج إلى حاكم مسيطر ذو شارة عسكرية مستبد في قراراته، ولذلك لا أحد منهم يهتم بالدستور وبمكانة مجلس الشعب.
وعليه من السهل التخلص من أعضاء المجلس وإقالة رئيسه أو مطارته من بيته، أو قتل حراسه ومهاجمة مقر البرلمان اذا اقتضى الأمر!
ورغم ذلك فنحن مازلنا نسمع ممن يكرر على أسماعنا بأن الرئيس الحالي شخصية مستبدة!!!، ولا شك أن هذه النغمة المتكررة لا تعدو أن تكون شعارا انتخابيا، ولكن الحقيقة تقول أن الجميع يحمل في قرارة نفسه هذه الشخصية المستبدة ويحاول تطبيها في أرض الواقع كل حسب مقدرته، فتجد منهم من استطاع إعادة شعارات المرحلة بهدوء وطبقها بهدوء حتى تنفست بعض المجموعات المهمشة ووجدت نفسها من جديدبينما الآخرون يطبقونها بالسيطرة الاغتيالات، وعليه لا فرق بينهم وإن أحس البعض استعادة الوطنية المفقودة ولو بالشعارات ومخالفة العقد الاجتماعي! إلا أن الجميع مايزال يحن إلى الماضي (المجيد) حسب تصوراتهم للحكم!!!.
وإلا فماذا يعني حب هؤلاء المسؤولين للزي العسكري عند المصائب مع أنهم لم ينتسبوا إلى الجيش يوما ما؟
ومن المؤكد أن تربيتنا السياسية وحنيننا إلى العسكرة السياسية يسيطر في مخيالنا الجمعي، وكلنا يحب السيطرة أو يحب التملق لمن غلب!، والإنسان ابن بيئته.
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم