على الرغم من أن الكاتب الراحل الشيخ عبد الرحمن حسين سمتر أبو حمزة السالف الذكر في الحلقة السابقة مِن أكثر مَن تناول الأزمة الصومالية- كما سيأتي في الحلقات القادمة إن شاء الله – غير أنّ أهلنا واصلوا السير على الدرب لإبراز أزمتنا العصرية وتوصيفها قدر المستطاع.
فقد ناقش السيد عبدي جامع آدم خلفيات النزاع في الصومال عن طريق كتابه: ( خلفيات النزاعات القبلية في الصومال)، وتناول المؤلف تاريخ الصراع الصومالي- الصومالي بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991م ، وقسم كتابه إلى ثلاثة فصول . الفصل الأول: تحدث عن جغرافية بلاد الصومال وتاريخها القديم وعلاقتها التاريخية مع الحضارات القديمة حتى فيما بعد ظهور الإسلام إلى العصر الحديث. كما تناول تركيبة المجتمع الصومالي ، وعاداته وتقاليده وتقسيماته. أما في الفصل الثاني يتناول الحركات السياسية الصومالية والانعكاسات القبلية ، وأسهب في هذا الفصل الحديث عن حركة الجهاد الإسلامي ضد الأحباش وخلفائهم البرتغاليين ، ثم تحدث عن دور ثورة الدراويش في الحرب ضد الاستعمار الإنجليزي وتاريخ نضالهم ، ثم تناول النضال السياسي الصومالي ضد الاستعمار الأوربي ( الإيطالي والبريطاني ) في الصومال، وتاريخ تطور حزب وحدة الشباب وكفاحه في الحرية والاستقلال منذ أن كان ناديا حتى تحول إلى حزب سياسي يقود زمام أمور البلاد بعد الاستقلال. تحدث الكاتب أيضا عن ثورة 21 أكتوبر التي قامت عام 1969م بقيادة اللواء محمد سيادي بري ، وأوجز تاريخ الثورة وانجازاتها، ومواقف القبائل الصومالية منها ، حتى سقوطها. واختتم هذا الفصل بالحديث عن أبرز الأحداث في عهد الرئيس محمد سياد بري على طريقة سؤال وجواب ، وكذلك الأحداث بعد سقوطه أيضا على قالب سؤال وجواب . وفي الفصل الثالث عالج الكاتب موضوع القبائل الصومالية وأثرها في الحرب الأهلية ، وقدّم أخيرا بعض النصائح حول الأزمة الصومالية العصرية وسبل حلّها . ولا شك أن المؤلف حاول أن يسجل بعض المعلومات التاريخية المتعلقة بالصومال ، ولكن يظهر عند تقديمه الأحداث الصومالية بأنه ينظرها بمنظور قبلي لا كمنظور باحث وكاتب يحاول الوصول إلى الحقيقة، بل يظهر بأنه منحاز إلى فئة معينة مما يقلل قيمة الكتاب والجهد الكبير الذي بذله خلال كتابته وعرضه الأحداث المهمة والتي أغلبها عاصرها المؤلف. ومهما كان الأمر فالكتاب لا يخلو من معلومات مفيدة للباحث الصومالي. والكتاب طبع في إسلام أباد في باكستان في عام 1993م ، ويقع في 80 صفحة.
الجذير بالذكر أنّ بعض الباحثين اهتموا أزمة انهيار الدولة الصومالية وما أعقبها من الحرب الأهلية وتأثيرها على جوانب معينة للحياة كالجانب التعليمي والتربوي مثل ما قام به الباحث أحمد معلم محمود في بحثه ( أثر الحرب الأهلية على التعليم الابتدائي الأهلي في الصومال – مقديشو)، وهي عبارة رسالة ماجستير غير منشورة، من معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2009م. والباحثة التربوية الأستاذة صفية شيخ علي ياسين عبر بحثها ” أبرز الآثار النفسية والتربوية للحرب الأهلية على الأطفال في الصومال في الفترة 1991-2001م” هذه الدراسة عبارة عن رسالة ماجستير غير منشورة 2002م من جامعة إفريقيا العالمية في الخرطوم بالسودان.
ومن الباحثين من تناول الأزمة الصومالية في بُعدها السياسي، كما فعل الدكتور عبد القادر معلم محمد جيدي في بحثه ( أزمة الصومال: إشكالية الدولة وآفاق إعادة البناء)، ويعالج الدكتور في هذا البحث إشكالية الأزمة الدولية في الصومال المعاصر سياساً وإمكانية حلها، ويحاول تقديم تفسير لأزمة الدولة في الصومال وأزمة السلطة وتداولها. – وقد أنجز الدكتور عبد القادر كتاباً آخر تحت عنوان ( إشكالية تداول السلطة وأثرها على بناء الدولة في الصومال)، وهذا الكتاب عبارة عن دراسة أكاديمية لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسة من كلية التجارة والاقتصاد والعلوم الاجتماعية بجامعة النيلين بالخرطوم في السودان .والموضوع الذي يتناوله الدكتور هنا ليس في الحقيقة أمراً هيناً، بل يعتبر التداول السلمي للسلطة من أخطر الموضوعات في مجال العلوم السياسة، ويسمى في بعض الدول بالتناوب وهو عملية فتح مجال السلطة أمام الجميع في الإدارة وتدبير للقوى التي رسمها الجمهور لإدارة الدولة وهو الحق الذي يقرره المواطنون بالإرادة الحرة والمعبر عنها في الانتخابات، وهي واحدة من مقومات النظام الشورى والديمقراطية بالإضافة إلى الدستور ، حرية الرأي والتعبير، التعددية السياسية والنظام التمثيلي المحلي والوطني .وتحت هذا المفهوم تقدم الكاتب ببحث نظري يعالج مشكلة تداول السلطة، علما أن هذا العمل الثقافي والإنتاج العلمي ما هو إلا نتيجة من جهد وبحث عميق قام بها الدكتور في تلك المرحلة الصعبة التي كان يمر بها الوطن الصومالي من حروب وتفكك، وعدم الاستقرار.
وللمرحوم شريف صالح محمد علي جهد مشكور حاول من خلاله جمع معلومات لها علاقة بالنواحي السياسية في قالب مذكرات سماه : ( ملحمة البرلمانيين الأحرار: ) وهي يوميات تاريخية سجلها المؤلف في فترة حساسة من تاريخ المجتمع الصومالي الذي يعاني شحاً كبيرا في توثيق أحداثه بالرغم من أهميتها لضبط تدهور أوضاع الصومال خاصة والمنطقة عامة.
ومن هؤلاء أيضا: اللواء علي إسماعيل محمد الذي وضع كتاب ( الصومال والحركات الوطنية والأطماع الدولية وأهمية وحدة الصف الوطني). وللباحث أنور أحمد ميو معلم يوسف بحث سماه ( أثر الأزمة السياسية على التيار الإسلامي في الصومال )، والأخير عبارة عن بحث أكاديمي نال صاحبه بدرجة الماجستير في الدراسات الإفريقية من قسم العلوم السياسية من مركز البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة إفريقيا العالمية في السودان عام 2010م.
وبعض البحوث والكتب تتبعت مؤتمرات المصالحة وجهود تحقيق الأمن والسلام مثل ما أنتج الشيخ جامع عمر عيسى في كتابه ” جمهورية جيبوتي ودورها في حل الأزمة الصومالية”، والسيد محمد سالم الصوفي في (جيبوتي والمصالحة الصومالية: قراءة في الدور الاقليمي وجهود التنمية في عهد الرئيس اسماعيل عمر جيلي). والدكتور محمد شيخ أحمد علي في بحثه ” مساعي السلام في الصومال ما بين 1990هـ و1997م ” علما أنّ المؤلف نال عبر هذا الكتاب درجة الماجستير العلمية من جامعة إفريقيا العالمية ، مركز البحوث والدراسات الإفريقية. وممن أدلى بدلوه الرجل المخلص وصاحب كلمة العربية الدكتور عبد الرحيم حاج يحيى في كتابه ( المصالحة الصومالية وإدمان الفشل).
وبما أن سبب الأزمة الصومالية قد يمكن تشخيصها بمنظور قبلي عصبي فإن كثيرا من الباحثين لم يهملوا الحديث عن هذا الموضوع مثلما عمل الأستاذ حسن شيخ عبد الله في كتابه (دور القبيلة في الصراع السياسي وعلاقتها ببناء الدولة في الصومال من وجهة نظر التحليل) وهي عبارة عن رسالة علمية نال الباحث من خلالها درجة الماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة. والسيد عبدي جامع آدن له كتاب ( خلفيات النزاعات القبلية في الصومال) ويتناول هذا الكتاب تاريخ الصراع الصومالي الصومالي بعد انهيار الحكومة الصومالية عام 1991م. وللدكتور محمد نور جعل ( القبلية وأثرها على النزاع في الصومال)، وهو بحث علمي حصل المؤلف به الدبلوم العالي في عام 1999م. وكتاب الأستاذ محمود يوسف بحث علمي ميسوم بـ (القبلية و أثرها في السياسة الصومالية فى الفترة 1990 – 1997م)، وهو بحث نال به صاحبه درجة الماجستير من مركز البحوث والدراسات الإفريقية التابع لجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم في السودان وذلك في سنة 1999م.
وللحديث بقية