تضاف أزمة أطفال الشوارع إلى سلسلة الأزمات التي يعيشها الشعب الصومالي، وتنتشر الظاهرة في العاصمة مقديشو، في ظل غياب مبادرات رسمية.
وبدأت مغتربة صومالية، نهاية عام 2020، إطلاق مبادرة لتحسين وضع هؤلاء الأطفال الذين تقدر أعدادهم بالآلاف رغم غياب أرقام رسمية دقيقة، وأنشأت سراط محمد نور الملقبة بـ”مامو أوغاسو” مركزا لرعاية وتأهيل أطفال الشوارع يحمل اسمها في مقديشو.
وعاشت سراط محمد نور في بريطانيا خلال العقدين الماضيين قبل أن تعود إلى مقديشو وتراقب الوضع المأساوي الذي يعيشه هؤلاء الأطفال لتطلق مبادرتها في محاولة منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وقالت “سراط”، “هذه المبادرة تهدف إلى إعادة إدماج هؤلاء الأطفال مجددا في المجتمع، وأحاول بلورة المبادرة لتأميمها ولوضع سياسات على المستوى الوطني”.
وتضيف: “انتشار الظاهرة يعود إلى عدد من العوامل أبرزها الفقر المدقع والصراعات التي أفقدت عددا من أبناء الشوارع أحد والديهما ما يعرضهم لخطر فقدان دفء حضانة الوالد ويتجهون نحو الأزقة وأرصفة الطرقات”.
البحث عن حياة أفضل
سراط محمد نور كانت تستخدم أساليب مختلفة لجلب الأطفال إلى المركز مثل ذهاب أماكن تجمعهم وسط مقديشو وتوفير الغذاء والملابس أثناء الظروف القاسية وعرضها عليهم لتقديم رعاية قبل أن يصبح مركزها مشهورا ومعروفا لدى أطفال الشوارع الذين يأتوا إليه الآن طوعا بحثا عن حياة أفضل.
الجوع، والقهر، وإدمان المخدرات والتعرض لعنف جسدي وسوء أدب وامتهان السرقة تلك هي صورة حياة أطفال المركز كما يروون قبل انضمامهم إليه، ودفعهم إلى ذلك التسرب من التعليم، وفقدان الوالدين بسن مبكرة.
محمد عبدالنور ابن الـ 14 ربيعا يتلقى عمليات رعاية وتأهيل في مركز “مامو أوغاسو للتأهيل” يروي رحلته نحو الشارع: “كانت أسرتي تنتقل ما بين مخيمات النزوح في مقديشو، وتوفيت أمي بينما فقد أبي بعد سفره إلى اليمن بحسب جدتي، وكنت أعيش مع جدتي، ذهبت ذات يوم إلى مديرية حمرويني وشاهدت أطفالا يتواجدون في أرصفة الشوارع، بدأت تتبعهم وعلموني تعاطي المخدرات وهكذا تحولت حياتي إلى طفل شارع حتى أنقذني هذا المركز”.
طفل يدعى طاهر محمد عبدالله، 15 عاما، يروي لنا قصته مع الشارع وكيف شكل المركز مخرجا منقذا له: “كنت أنام في الشارع، وإذا لم أجد ما آكله كنت آخذ من الآخرين تحت تهديد السكين الذي كنت أستخدمه كسلاح كما كنت ألجأ إلى السرقة للبحث عن لقمة عيش، وفي أحد الأيام التقيت مع ماما سراط واشترت لي طعاما، فطلبت مني أن أتبعها فترددت بعض الشيء ثم تبعتها والحمد لله اليوم أجد هنا التعليم وثلاث وجبات يوميا”.
برد قارس وعنف مستمر
ويقول “طاهر”: “حياة الشارع قطعة من الجحيم برد قارس وعنف مستمر من هم أكبر منك سنا وأكثر من ذلك بكثير من صنوف القهر لا تستطيع التحمل إليه، أدعوا الله كل يوم أن يجزي ماما سراط خيرا”.
وتقول “سراط” إن مركزها يضم نحو 100 طفل يتلقون تعليما دينيا لتحسين تعاملهم مع الآخرين وتعليم القراءة والكتابة لمحو الأمية عنهم عن عقول هؤلاء الأطفال كما يساهم الأطفال الذين يختتمون البرامج التأهيلية مساعدة الآخرين من جوانب عديدة مثل طهي وإعداد الطعام والتوعية بأن حياتهم ستصبح أفضل إذا التزموا توجيهات المركز.
وتقول “سراط” إن مركزها يضم نحو 100 طفل يتلقون تعليما دينيا لتحسين تعاملهم مع الآخرين وتعليم القراءة والكتابة لمحو الأمية عنهم عن عقول هؤلاء الأطفال كما يساهم الأطفال الذين يختتمون البرامج التأهيلية مساعدة الآخرين من جوانب عديدة مثل طهي وإعداد الطعام والتوعية بأن حياتهم ستصبح أفضل إذا التزموا توجيهات المركز.
يوسف عبدالرحمن، مربي، في المركز ويقدم دروس دينية يقول: “من الصعب التعامل مع الأطفال خلال الأيام الأولى لهم في المركز لا يستطيعون استيعاب الدروس لإدمان أغلبهم المخدرات فترة لكنهم يتحسنون تدريجيا، وتتحول طبائعهم إلى سليمة ويقدرون فهم الدروس بشكل جيد شيئا فشيئا”.
وتواجه المبادرة نقصا في الموارد حيث صرفت “سراط” كل ما لديها والتبرعات التي تحصلها من بعض معارفها، وتناشد الحكومة الصومالية وجميع المنظمات الإغاثية المساهمة في إنقاذ الأطفال ونشر الإنسانية في ربوع البلاد.
بحسب “سراط” تركز المبادرة في رسالتها للأطفال غرس قيم حب الدين والوطن والخلق الحسن كما تقوم على نشر العمل الخيري وتشجيع زملائهم الذين لا زالوا يعيشون في الشوارع للاستفادة من هذه المبادرة.
وبعد استكمال علميات الرعاية والتأهيل يحاول المركز إعادة الأطفال إلى أسرهم وتقديم التوصيات اللازمة لهم للحيلولة دون الرجوع إلى الحياة السابقة.