بدت الساحة الصومالية خالية أمام موجة هجمات “حركة الشباب” الإرهابية التي استغلت انسحاب القوات الأمريكية وصراعات الساسة في البلاد.
ورأى خبراء أمنيون صوماليون أن الخروقات الأمنية في الفترة الأخيرة تعود لجملة من الأسباب التي تهدف الحركة الإرهابية المرتبطة بالقاعدة لاستغلالها من أجل تحقيق جملة من الأهداف.
ووفق الخبراء يعيش الصومال حالة من الانسداد السياسي، والتوهان في ضوء فشل الرئيس عبدالله فرماجو في قيادة البلاد لانتخابات نيابية ورئاسية قبل انقضاء مدته الدستورية والدخول في بؤرة توتر الفراغ الدستوري.
وأوائل الشهر الجاري انتهت المدة الدستورية لولاية فرماجو ما دفع المعارضة لاعتباره رئيس البلاد السابق، رافضين قيادته مرحلة انتقالية لإجراء الانتخابات.
ورافق الانسداد السياسي انسحابا أمريكيا من البلد الذي يعاني ويلات الإرهاب منذ أكثر من عقدين.
الصدمة الأمريكية
ومثل قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الصومال صدمة في الأوساط الأمنية والقطاع العسكري، إذ لعبت تلك القوات دورا مشرفا في محاربة الإرهاب وتنفيذ عمليات استباقية وغارات جوية متواصلة وتوفير تقارير استخباراتية للقوات الخاصة التي دربتها ومولتها واشنطن منذ عام 2014.
كما مثلت تلك القوات الأمريكية صمام أمان يمنع من استخدام هذه القوة الصومالية الخاصة في الصراعات السياسية.
وتتهم المعارضة فرماجو بانتهاز كل فرصة متاحة للزج بالقوات المسلحة في أتون الصراعات السياسية لتحقيق أهدافه وتكريس وجوده في السلطة.
ويقول المحلل الأمني الصومالي عبدالشكور علي إن الهجمات الإرهابية المتزايدة تنم عن رغبة حركة الشباب في تأكيد حضورها على الساحة واستعراض عضلاتها في ظل الانسحاب الأمريكي.
وأشار إلى أن هذا الانسحاب أثر بدوره على خطط عمليات مكافحة الإرهاب بعد أن تسلم فرماجو قيادة القوات الخاصة، ما أدى إلى تراجع العمليات العسكرية الاستباقية وأعطى الإرهابيين فرصة التخطيط لشن تلك الهجمات.
وأوضح المحلل الأمني الصومالي أن انشغال القادة الأمنيين بمصير البلاد السياسي في ظل حالة الانقسام البادي والفراغ الدستوري المترتب عليه أربك الحسابات وترك ثغرات واضحة في الجدار الأمني بدأت الحركة الإرهابية في استغلالها.
من جانبه، يعتقد المحلل السياسي الصومالي محمد نور أن الصراع السياسي فرض أدوارا جديدة على الجيش وحرف بوصلته باتجاه الصراع الداخلي، مدللا على ذلك بنشوب مواجهات عسكرية مباشرة بين القوات الحكومية الفيدرالية وقوات ولاية جوبلاند إثر خلاف سياسي حول محافظة غدو بين فرماجو ورئيس الولاية أحمد مدوبي.
ويشير نور إلى التصعيد غير مسبوق والشامل من قبل حركة الشباب نتيجة تفهم قيادة التنظيم الإرهابي للفرص الكامنة في استغلال الوضع السياسي المرتبك.
الاستثمار في الفوضى
ويترك الوضع الأمني الهش الذي خلقه نظام فرماجو فرصة لحركة الشباب الإرهابية في فرض سطوتها في عملية يرى مراقبون أنه يعاد استثمارها من قبل السلطات لتأجيل الاستحقاقات الانتخابية.
ويشير الخبير الأمني عبدالشكور علي لما عده “صفقات مشبوهة مع جهات رسمية فاقدة للشرعية الدستورية” أدت لاغتيالات في صفوف أبرز القادة الأمنيين.
وبحسب مسح ميداني تأكد أن الجيش الصومالي وقوات الولايات الإقليمية الصومالية نفذت منذ بداية العام الجاري 28 عملية ضد الشباب الإرهابية بواقع 17 و11 في شهري يناير وفبراير على الترتيب.
لكن تلك العمليات عكست غياب التنسيق بين الجيش الوطني وقوات الولايات الإقليمية.
وتركزت العمليات الأمنية ضد الحركة الإرهابية في ثلاث ولايات موالية لحكومة فرماجو غلمدغ، هيرشبيلى وجنوب غرب الصومال ما يظهر جليا انعكاس الخلافات السياسية.
ورغم هذا لم تكن هناك عمليات مشتركة في ظل غياب التنسيق بين القوات ما تسبب في تراجع العمليات وفقدان فاعليتها على الصعيد الميداني.
وتشير الأرقام لضعف الفاعلية الهجومية للجيش الصومالي الذي تمكن في يناير/كانون الثاني الماضي من قتل 222 في 17 عملية أمنية فيما نجحت عملية واحدة للقوات الأوغندية العاملة ضمن القوات الأفريقية لحفظ السلام في الصومال في القضاء على 189 إرهابيا.