يعيش الصومال مشهد سياسي مرتبك، على إثر الخلافات المتجددة بشأن الانتخابات القادمة، حيث تتهم المعارضة الرئيس الصومالي المنتهية ولايته بالتمسك بالسلطة وعدم الرغبة في السير في الطريق الديمقراطي.
ويترقب الصوماليون ما سوف يسفر عنه المؤتمر التشاوري المرتقب في 15 فبراير/شباط الحالي، حيث إن أي فشل جديد قد يضع البلاد على حافة الهاوية في ظل قيام حركة الشباب باستغلال الوضع القائم وقيامها بعدد من التفجيرات في العاصمة مقديشو. فهل ينجح قادة البلاد في تجاوز الأزمة؟
يقول رئيس مركز مقديشو للدراسات عبد الرحمن إبراهيم عبدي، “بعد أن وصلت المفاوضات بين الحكومة الفيدرالية والحكومات الولائية حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى طريق مسدود وفشل مؤتمر طوسمريب الأخير، أعتقد أن الوضع بات جد خطير، وصار الباب مفتوحا لكل الاحتمالات”.
وأضاف، “هناك مخاوف حقيقية من أن تخرج الأوضاع عن نطاق السيطرة وتقع البلاد في منحدر يصعب الخروج منه، لكن رغم قتامة الأوضاع إلا أن هناك أمل في أن تكلل الجهود المحلية والخارجية بالنجاح وتتوصل الأطراف السياسية إلى حل للأزمة الانتخابية خلال الأيام المقبلة، وخصوصا بعد دعوة الرئيس محمد عبد الله فرماجو إلى عقد مؤتمر في مدينة جروي شرق البلاد، ومطالبة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية جميع الأطراف بضبط النفس، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يقوض الوضع الأمني الهش في البلاد”.
وتابع عبدي: “وعلى هذا الأساس يتوقع أن تتوصل الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية إلى حل للقضايا المختلف عليها والتي تعيق بدء إجراءات العملية الانتخابية، وأبرزها الخلاف حول إقليم غدو، والقائمين على عملية انتخاب أعضاء الأقاليم الشمالية (صومالاند)، وأعتقد أن الوسطاء سوف يطرحون خلال الأيام المقبلة مبادرة شاملة تدعو إلى إعادة النظر في اتفاق١٢ سبتمبر/أيلول الماضي بين الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية، وتغيير بعض بنوده”.
وتوقع عبدي :”أن ينص هذا المقترح على بندين رئيسيين، الأول هو إجراء الانتخابات التشريعية في مقديشو وعواصم الولايات، بدلا من إجرائها في مدينتين من مدن الولايات الإقليمية، والهدف من ذلك هو حل النزاع بين الحكومة وولاية جوبالاند بشأن إدارة مدينة جربهاري عاصمة إقليم غدو، والتي تم الاتفاق عليه سابقا، والبند الثاني يتناول تحديد من يتولى تنظيم انتخابات أعضاء صومالاند، ويتوقع أن تقترح المبادرة، أن تتقاسم الحكومة والمعارضة أعضاء ولاية صومالاند بالتساوي”.
وأشار رئيس مركز مقديشو إلى أن، “مقترح تقاسم الحكومة والمعارضة أعضاء صومالاند قد يكون الأقرب للواقع ويشكل فرصة مهمة لحل النزاع وإنقاذ البلاد من نكسة جديدة، وتفويت الفرصة على حركة الشباب التي ضاعفت عملياتها خلال الشهور الماضية، الأمر الذي تسبب في قلق كبير لدى الشعب إزاء الأزمة السياسية وتداعياتها السلبية على الأمن، ولا شك أن تنظيم الشباب سيستغل الأزمة ويحاول تأجيجها وضرب الاستقرار، مستغلا انشغال المسؤولين الأمنين في الأزمة السياسية”.
المشهد السياسي
من جانبه أشار عبدي حاشي عبد الله رئيس مجلس الشيوخ بالبرلمان الفيدرالي المنتهية ولايته إلى تأييده لدعوة ولاية بونتلاند إلى عقد المؤتمر التشاوري في 15 فبراير/شباط الحالي في العاصمة مقديشو، ومشاركة أصحاب المصلحة السياسية والمنظمات المدنية بحضور ممثلي المجتمع الدولي.
وأضاف حاشي في بيان صحفي إلى أن انتهاء ولايتي البرلمان الفيدرالي والرئيس والفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات، وعدم مشاركة جميع أصحاب المصلحة السياسية في المشاورات أربك المشهد السياسي وقاد البلاد إلى عدم اليقين.
وحث عبدي حاشي، الجميع على الحفاظ على الأمن والاستقرار وتجنب كل ما يضر بالسلام، مشيرا إلى تأييده لكل قرار يهدف إلى إنقاذ البلاد يصدره المرشحون أو الولايات الإقليمية أو المنظمات المدنية أو المجتمع الدولي.
اجتماع مرتقب
وأصدر تحالف المجتمع المدني الصومالي بيانا الجمعة رحب فيه بال عن المحادثات المستقبلية بين قيادة الحكومة الفيدرالية وقادة الولايات في 15 من شهر فبراير/شباط الحالي، ودعا إلى عقد المشاورات في العاصمة مقديشو وإعطائه دورا فيها.
وورد في البيان “نعتقد أن العوائق التي تحول دون تنفيذ اتفاقية 17 سبتمبر/أيلول 2020، أدت إلى ضياع الفرص والوقت الثمين من قبل رؤساء الحكومة الفيدرالية وقادة الولايات، مما أدى إلى تأجيل الانتخابات”.
اتحاد المرشحين الرئاسيين
وأعرب مجلس اتحاد المرشحين الرئاسيين المعارض في بيان أصدره الأربعاء الماضي، عن قلقه من عدم اليقين في مرحلة الانتقال السياسي الذي تشهده البلاد مع انتهاء ولاية مؤسسات الدولة، وغياب اتفاق سياسي بين الأطراف المعنية بالانتخابات.
ودعا الاتحاد إلى عقد اجتماع عاجل لمناقشة تنفيذ الاتفاقية بشأن الانتخابات المبرمة في 17 سبتمبر 2020، مشيرا إلى ترحيبه بدعوة ولايتي بونتلاند وجوبالاند ورئيس مجلس الشيوخ إلى عقد المؤتمر التشاوري في مقديشو وتوسعيه ومشاركة المجتمع الدولي فيه كمراقب.
وأكد البيان أن محمد عبد الله فرماجو انتهت ولايته، ويحق له المشاركة في المؤتمر كمرشح من المرشحين الرئاسيين إذا لم يتنازل عن الترشح.
ودعا اتحاد المرشحين في النهاية الشعب الصومالي إلى الهدوء واحترام النظام والقانون، محذرا من فرض مسئولين انتهت ولايتهم على الشعب.
الاستقرار الهش
وكشفت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الصومال يوم الخميس الماضي، “بأن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال، جيمس سوان أجرى مكالمات مع وزراء خارجية أربع دول في شرق إفريقيا تساهم بقوات في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال لمعرفة آرائهم بشأن الانتخابات التي تعرض الخلافات بشأنها استقرار الصومال الهش للخطر”.
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة عن تقديره البالغ للفرصة التي أتيحت له الأسبوع الماضي لإجراء مكالمات مع وزراء خارجية جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا للاستماع إلى آرائهم في هذا الوقت الحرج بالنسبة للصومال والمنطقة.
ويأتي هذا بعد أيام قليلة من إحاطة قدمها سوان إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي دعا بعد استماعه للتقرير بشأن التطورات في الصومال قادة البلاد على المستوى الفيدرالي والإقليمي إلى استئناف الحوار “بشكل عاجل”.
وطالب أعضاء مجلس الأمن قادة الصومال إلى العمل معا لصالح الشعب الصومالي والتوصل إلى توافق في الآراء بشأن ترتيبات انتخابات شاملة وإجرائها في أقرب وقت.
وكانت الرئاسة الصومالية ووزارة الإعلام بالحكومة الفيدرالية قد أعلنتا في وقت سابق من الأسبوع الماضي أن اجتماع 15 فبراير/شباط المرتقب سيعقد في غروي، عاصمة ولاية بونتلاند لكن الولاية ردت بأن مقديشو، كونها عاصمة البلاد، هي المكان الأنسب لمثل هذه المحادثات.
ودعمت جوبالاند موقف بونتلاند، وكذلك رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان الفيدرالي المنتهية ولايته والكيانات السياسية المعارضة.
ويشهد الصومال، منذ عقود، صراعا داميا بين حركة الشباب وقوات الحكومة المركزية. وتهدف حركة الشباب للسيطرة على الدولة الواقعة في منطقة القرن الإفريقي، وحكمها وفقا لتفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية. كما تشن القوات الأمريكية غارات تستهدف مواقع الحركة بالتنسيق مع الحكومة الصومالية.