وقع صباح اليوم السبت تفجير انتحاري استهدف نُقطة تفتيش أمني بالقُرب من القصر الرئاسي في العاصمة الصومالية مقديشيو؛ وأسفر التفجير عن مقتل شخصين على الأقل، وإصابة 3 أشخاص آخرين بجروح مُتفاوتة. وتضُم المنطقة الأمنية التي شهدت التفجير الانتحاري إلى جانب القصر الرئاسي بعض المؤسسات الحكومية بينها وزارة الداخلية الصومالية ومقر البرلمان.
لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن، إلا أن السُلطات الحكومية عادة ما تتهم حركة الشباب الإرهابية بالوقوف وراء مثل هذه التفجيرات؛ إذ تبنت الحركة سلسلة من الهجمات الدامية خلال الأسابيع الأخيرة؛ أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والمُصابين.
وتأتى حركة الشباب الصومالية على رأس خارطة التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، فهي تُشكل التحدي الأمني الرئيس في الصومال، في ظل تصاعد نشاطها الإرهابي في الداخل الصومالي، فضلًا عن تمددها في المُحيط الإقليمي.
الصومال.. أزمات بنيوية
تأتى هذه الهجمات الإرهابية في ظل الأزمة السياسية والأوضاع الأمنية الهشة التي يعيشها الصومال، حيثُ يعيش الصومال حاليًا أزمة سياسية بسبب الخلافات بين المُعارضة والحكومة الصومالية حول أسلوب الإدارة في البلاد.
وازداد الوضع سوءًا مع إعلان قادة المُعارضة الصومالية أنهم سيتوقفون عن الاعتراف بالرئيس “محمد عبد الله فرماجو” بعد انتهاء مُدة ولايته رسميًا يوم الأحد الماضي، دون التوصل إلى اتفاق مُحدد حول تنظيم الانتخابات.
وقد أجريت مُؤخرًا مجموعة من المفاوضات للتوصل إلى حل للأزمة، إلا ان هذه المُفاوضات باءت بالفشل بسبب تعنت ” فرماجو” الذي يُصر على التمسك بمنصبة، على الرغم من انتهاء مُدة ولايته دستوريًا؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقم الازمة.
وتأتى الأوضاع الأمنية المُتدهورة في الصومال لتُزيد المشهد السياسي تعقيدًا، حيثُ يقع الصومال ضمن قائمة الدول العشر الأكثر تأثُرًا بالإرهاب عالميًا في مُؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020 الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، في ظل تنامى نشاط عدد من الجماعات الإرهابية بها، وعلى رأسها حركة الشباب المُجاهدين، حيثُ أشار التقرير إلى مسؤولية الحركة عن 88% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب بالصومال في عام 2019 ولا تزال الحركة تحتفظ بالسيطرة على أكثر من 20% من البلاد.
وزاد من صعوبة الوضع الأمني في الصومال، إعلان الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” في ديسمبر العام الماضي انسحاب القوات الامريكية الموجودة بالصومال، والتي تُمثل حجر الزاوية في جهود البنتاجون العالمية لمُحاربة إرهاب حركة الشباب الصومالية.
استثمار الأزمة
استغلت الحركة الأزمة السياسة المُتفاقمة والأوضاع الأمنية المتردية في الصومال، وقامت بشن المزيد من هجماتها الإرهابية ضد المدنيين والشركات والمؤسسات الحكومية، فضلًا عن الاغتيالات المستهدفة لشخصيات حكومية بارزة، ويُمكن الاستدلال على ذلك من خلال مُتابعة العمليات الإرهابية التي شنتها الحركة في الصومال مع بداية عام 2021، وذلك على النحو التالي:
في 2 يناير 2021: أعلنت حركة الشباب الصومالية مسؤوليتها عن هجوم انتحاري في الصومال في منطقة لفلولي جنوب العاصمة مقديشيو، أسفر عن مصرع 5 أشخاص، وإصابة 14 آخرين.
في 10 يناير 2021: شنت الحركة هجومًا مُسلحًا على قاعدة قوات حفظ السلام الأفريقية وسط الصومال؛ أسفر الهجوم عن مقتل ضابط وإصابة 3 جنود.
في 17 يناير 2021: قُتل 6 جنود صوماليين في هجوم نفذته الحركة ضد موكب رئيس بلدية شبيلي السفلى جنوب الصومال.
في 25 يناير 2021: شنت عناصر الحركة هجمات مسلحة على مراكز عسكرية للقوات الأوغندية والصومالية في مدينة جنالي وبلدتي بوفو وبريري بولاية شبيلي السفلى جنوب الصومال.
في 27 يناير 2021: قُتل 10 عسكريين وأُصيب آخرون في هجوم مُسلح نفذه مسلحون من حركة الشباب الصومالية جنوب الصومال.
في 31 يناير 2021: قُتل 17 في هجوم مسلح للحركة على فندق أفريك وسط العاصمة الصومالية مقديشيو
في 7 فبراير 2021: قُتل ما لا يقل عن 13 من أفراد قوات الامن الصومالية في تفجير قافلة تابعة لوحدات الاستخبارات الإقليمية في ولاية جالمودوج بالصومال، وأعلنت الحركة مسؤوليتها عن الهجوم.
في ضوء ما سبق، يُمكن القول إن تصاعد الهجمات العسكرية الدامية التي تنفذها حركة الشباب الصومالية يأتي كترجمة لمساعي الحركة للاستفادة من الأزمات البنيوية التي يشهدها الصومال والاستثمار فيها، وهو ما يترتب علية تعميق الأزمات السياسية التي تشهدها البلاد، خصوصًا في ظل غياب الدولة الوطنية، فضلاً عن زيادة هشاشة الوضع الأمني بها.