غَيب الموت عائشة صالح محمد، المعروفة بـ” أيقونة العطاء وأم الفقراء“، فجر يوم السبت السادس من فبراير الجاري، عن عمر يناهز 80 عاما، إثر وعكة صحية مفاجئة في مدينة قرطو بولاية بونت لاند شمال شرق الصومال.
فمن هي ماما عائشة أم الفقراء؟
ولدت عائشة صالح محمد في مدينة أيل محافظ نغال عام 1936م بولاية بونت لاند الصومالية ،حيث ترعرعت وتربيت في بيئة يغلب ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻁﺎبع ﺍﻟﺨشونة وﻋﺩﻡ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﻁﻠﺒﻪ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻜﻸ، ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺩﻭﻴﺔ لها دور في صياغة حياتها الشخصية وممارسة مهنة الرعي التي ورثتها عن أجدادها، فهي مهنة يفتخر بها كثير من الصوماليين كما أنها مصدر للرزق والكسب.
عانت الراحلة ماما عائشة كثيرًا في بدايات حياتها، وتعرضت لعدد من الصدمات التي كان لها دور كبير في صقل شخصيتها وصناعتها على مواجهة الأزمات، لا سيما بعد وفاة والدها وتوليها مسؤولية تربية أخواتها الثمانية.
كان والدها الشخصية الأكثر تأثيرًا في حياتها وصاحب الكلمة العليا في تشكيل شخصيتها القوية، لم تسمح لها الظروف بالالتحاق بالمدرسة إلا أنها تعلمت مدرسة الحياة التى تعلم أشياء لا توجد في كثير من الكتب العلمية ولكنها مطوية في صفحات الزمان لا يعرفها إلا من عارك الحياة، وفهي كانت واحدة من تعلم وتخرج مدرسة الحياة .
من رحم المعاناة .. يولد الأمل ..
واستطاعت السيدة عائشة صالح تجاوز كل الصعوبات والعقبات وبرز دورها بقوة في صغر سنها ،لاسيما مجتمع الصومالي الذي يتسم ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬﻛﻮري ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻭﺍﻷﺠﺩ ، ومن هنا بدأت عن قصة كفاحها ونجاحها ، نموذجا يُحتذى به في الكفاح والإصرارعلى تحقيق النجاح، بعدما باتت من أشهر السيدات في مدينة قرطو شمال شرق الصومال.
ولقد بذلت السيدة عائشة الراحلة العطاء لمن لا عطاء له ، ووهبت المال لمن لا مال له، وأشبعت الخاوي، وأطعمت الجائع وكان بيتها في مدينة قرطو مليئة بالشبان والشابات الذين ترعرعوا بيتها المتواضع من الخارج وغاية في الأناقة من الداخل حيتث كان بيتها بمثابة جامعة صومالية تخرج منها كثير كم الصوماليين من جميع اطيافهم وانتمائهم القبيلة وانا كنت من بينهم، وعندما توفي والدي عام 2007م كنت طالبا في السنه الثانيه بالجامعه في السودان اتصلت بي وأخبرتني أنها ستتحمل مسؤوليتنا انا واثنين من اخواتي وكانت ترسلني شهريا ما احتاج من مصاريف وفي عام 2009م باعت أحد بيوتها في مقديشو وضعت المبلغ في حساب بإسمي وكنت اتصرف بها ياله من جدة رحيمة وعطوفه لاحفادها … رحم الله جدتي .. جدتي رحلت وقصة رحليلها موجعه رحم الله ثراها وجعل مثواها الجنان.
في خدمة شعبها
كرست الراحلة حياتها كلها لخدمة شعبها وكانت مدينة قرطو شمال شرق الصومال شاهد مسيرة عطائها، حيث بدأت حياتها العملية ببيع الخضار والفواكة الملابس والعطور قبل 37 عاما، لمواجهة المصاعب المادية التي واجهتها وخاصة بعد وفاة زوجها و تعرفت على بعض تجار الجملة تشتر منهم ،من ثم تبيعا أخذت تمارس التجارة في السوق المركزي بمدينة قرطو، بمهارة متزايدة، حتى شاع اسمها واشتهر في المدينة يعرفه الكبير قبل الصغير.
رغم توليها الراحلة المسؤولية بيتها و ممارسة أعماله اليومية اختارت أن تهب حياتها لخدمة لوطنها وأبنائه لقبت بأم الفقراء، حيث عملت طيلة السنوات الماضية، في الأعمال الخيرية ومنها مساعدة الفقراء، وكان قصدها البحث عن الفقراء وهذا كان يداعبها منذ طفولتها.
بيتها (بيت الجامع)
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وميّزهُ بصفات جعله بها أرقى من غيره، وأنفع منهم، فجعل من بينهم الكريم فاعل الخير، والقاضي لحوائجِ الناس، وطيّب القلب الفائض طِيبه، وكانت الراحلة عائشة صالح نمودج بذلك وهبتْ نفسها للعمل الخيري يعد اسمها رمزاً للمرأة الصومالية المكافحه من أجل خدمة الناس والسعي في حاجاتهم مُتيقنًتآ أن قلوب الناس معلقة بمن يخدمهم، ويحسن إليهم، ويكرمهم، ويسعى في مطالبهم وكان بيتوتها المتواضع مفتوح لجميع وكانت مدينة قرطو يتوافد أيامها الطلاب والعلماء من الاجل تلقى العلوم الدينية و الدنيية وكان بيت الراحلة عائشة صالح ملاذاً يأويهم واستضافتها عابر سبيل، وقد تربى علي يدها الراحلة اجيال واجيال وتتلمذ على يديها أجيال عديدة .
وكان تقديرًا لهذا الدور الإنساني الذي قامت بها عائشة صالح أن تندرج ضمن فئة نساء الأكثر تأثيرا في مدينة قرطو شمال شرق الصومال ، وقد وصفها الكثير اهالي مدينة قرطو أم الفقرا و أيقونة العطاء.
خدمتها في المحفل النبوي (مسجد النبوي في مدينة قرطو)
اشتهرت الراحلة بالحياء والورع الشديدين وكانت الرائدة في خدمة ورعاية المحفل النبوي وهو أحد أكبر مساجد في مدينة قرطوشمال شرق الصومال تتولى الطريقة القادرية الصوفية والتي تنتسب إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني وينتشر أتباعها في بلاد الشام والعراق ومصر وشرق أفريقيا.
وقد اهتمت الراحلة السيدة عائشة رحمة الله عليها اهتماماً كبيراً بالمساجد التي هي بيوت الله في الأرض،و كانت تولي أغلب اهتماماتها بعناية خدمة مسجد المحفل النبوي ( مسجد النبوي في مدينة قرطو) لتوفير سبل الراحة لمرتاديها ،فكانت تقوم جمع التبرعات لصالح مسجد المحفل كل يوم الجمعة وتخصص هذه الاموال الاعتناء بالمسجد و صرف رواتب العاملين بالمسجد وترتيب ما فيه من فرش، تخصيص المبلغ الباقي شراء احتياجات جلسة مذاكرة الاسبوعية التى كانت تعقد في كل ليلة جمعة و تشمل فيها حلقات الذكر والإنشاد الصوفي حيث تقام حلقات الذكر وإنشاد قصائد المديح واسترجاع سير مشايخ الطريقة ومناقبهم وكراماتهم أيضا،وكانت مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف احدى اكبر الاحتفالات التي تقام بشكل سنوي وفهي كانت تساهم جمع التبرعات وادارتها، ،خدمة بيوت الله والعناية بها اكثر من 25عاما .
وسعت الراحلة السيدة عائشة رحمة الله عليها إلى تشجيعهم العمل الخيري والإنساني عندما تسمع أن شخصًاما يحتاج الى مساعدة كانت من عادتها أن تلبيها نداء الواجب انساني واخلاقي وكانت الراحلة الإنسانه وهبت نفسها للعمل الخيري وإسعاد الآخرين ولو على طريق المشاركة الوجدانية وهي كانت بمثابة شعلة للأمل تضيء باستمرار.
وتلك من مناقب جدتي عائشة الخيرية رحمه الله، التى أسست دعائم الخير و العطاء وصنع رجاله، رحم الله جدتي عائشة كانت … أيقونة العطاء وأمّا للفقراء،،جدتي عاشت كريمة وماتت عزيزه وكانت بين كل ام رحيمه الله يرحمك يا جدتي ويسامحك ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة وإنا على فراقك لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون.