قبل أربع سنوات كان سكان العاصمة مقديشو يرقصون ابتهاجا بانتخاب محمد عبدالله فرماجو، رئيسا للبلاد، قبل أن تتغير أبعاد الصورة اليوم.
وما بين السابع من فبراير/شباط 2017 والثامن من الشهر نفسه 2021، تبدلت خيوط اللعبة السياسية وأضحى رئيس الأمس عدو اليوم.
وانتهت اليوم الإثنين الثامن من فبراير، ولاية الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، بعد أربع سنوات صنع فيها الرجل وحاشيته الأمنية معادلة خراب أدخلت البلاد في مشهد سياسي بالغ التعقيد ومفتوح على كل السيناريوهات المخيفة، بحسب مراقبون سياسيون صوماليون.
مشهدٌ قال السياسيون انه ولدت من بين أحشائه قناعة لدى الصوماليين، يوم تلو الآخر، أن فرماجو يدفع بالبلاد نحو الهاوية بتمسكه بتمديد فترة حكمه.
ومع انقضاء العهدة الرئاسية، شهدت العاصمة مقديشو إطلاق نار كثيف في الهواء، احتفالا بانتهاء ولاية الرئيس.
احتفالات جرت على وقع حراك سياسي في العاصمة لمناقشة خارطة طريق ترسم مستقبل البلاد، بعد انتهاء مدة الولاية الرئاسية لفرماجو، ومن قبله ولاية البرلمان الفيدرالي بغرفتيه الشيوخ والشعب.
ليس رئيسا
المعارضة الصومالية المتمثلة في اتحاد مرشحي الرئاسة، أعلنت من جهتها، عدم اعترافها بفرماجو، اعتبارا من اليوم الذي صادف انتهاء ولايته.
وقال قادة المعارضة، في بيان لهم وصل “الصومال اليوم” نسخة منه، إنه “اعتبارا من 8 فبراير/شباط 2021، لن يعترف مجلس مرشحي المعارضة بفرماجو رئيسا”.
بل وأكدوا “عدم قبول المجلس بأي شكل من الأشكال تمديد الولاية عبر الضغط، والقمع وتأجيل الانتخابات”.
وبناء على ذلك، أوصى اتحاد مرشحي الرئاسة بـ”إنشاء مجلس وطني انتقالي يتألف من رؤساء مجلسي البرلمان (الشعب والشيوخ)، ورؤساء الولايات، وممثلين عن اتحاد المرشحين والمجتمع المدني”.
وتتمثل آلية المجلس الانتقالي في انتخاب واحد من أعضائه رئيسا يقود المرحلة الانتقالية.
وفي هذا السياق، دعا الاتحاد، رئيس مجلس الشعب محمد مرسل شيخ عبدالرحمن، توجيه دعوة رسمية إلى رؤساء الولايات لعقد اجتماع للعمل على صيغة توافقية شاملة.
كما طالب بإصدار جدول زمني للانتخابات في أسرع وقت ممكن دون تأخير بعد الاجتماع المذكور.
واتحاد مرشحي الرئاسة يعد أكبر وأقوى كتلة معارضة في الصومال، ويضم نحو ١٤ شخصا بينهم رؤساء سابقون ورؤساء حكومات وولايات ووزراء سابقون.
وتأسس الاتحاد في ٢١ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لإجهاض جهود فرماجو الساعية لاختطاف الانتخابات.
ضياع الفرصة الأخيرة
وكان أمام فرماجو فرصة أخيرة في التوصل لتوافق سياسي يحفظ ماء وجهه أمام أبناء شعبه، وذلك خلال مفاوضات “طوسمريب”.
ومع انهيار المفاوضات السبت، في تعثر أعاد أزمة الانتخابات إلى مربعها الأول، حاول فرماجو التملص من مسؤولية فشله، راميا الكرة بملعب الولايات الإقليمية المناهضة لأجندته المشبوهة، في وقت تشير فيه جل المؤشرات إلى أن الرجل يناور من أجل التمديد لولايته الرئاسية التي تنتهي بعد يومين.
تهربٌ تمثل في تصريحات أدلى بها وزير الإعلام، الناطق باسم الحكومة الصومالية، عثمان دبي، في مؤتمر صحفي زعم فيه أن الرئيس فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلى “قدما تنازلات كبيرة لتسوية الأمور، لكن لم يتمكنا من إقناع بعض الولايات بالمضي قدما في مسار عملية الانتخابات”.
وكان المؤتمر التشاوري الذي عقد في مدينة “طوسمريب”، وسط البلاد، بمشاركة القيادة الفيدرالية وقادة الأقاليم، آخر فرصة لحل الخلافات المستعصية في الانتخابات الفيدرالية القادمة إلا أنه انتهى بالفشل الأمر الذي أدخل البلاد لنفق مجهول.
وطيلة الفترة الماضية، تمسك فرماجو بإجراء انتخابات تعتمد على الصوت الواحد للناخب الواحد، الذي يمكّن من خلاله تمديد فترة حكمه لمدة تتراوح بين عام وعامين، لكن المعارضة الصومالية من الولايات والأحزاب رفضت تلك الخطة كليا.