الصومال اليوم

ارتفاع رسوم الترشح تقوض طموح شباب الصومال بدخول البرلمان

الصومال اليوم – مقديشو 

يشكل قرار زيادة رسوم الترشح للانتخابات البرلمانية في الصومال معضلة جديدة أمام الشباب الطامحين إلى دخول البرلمان، بالرغم من حديث الحكومة عن استعدادها لتمهيد الطريق أمامهم في استحقاق تم تأجيله للمرة الثالثة. 

وهذا العام ارتفعت رسوم الترشح لعضوية البرلمان، بمجلسيه الشعب والشيوخ، بنسبة 50 في المئة، وهو ما أغضب شبابا سبق وأن أعلنوا عن نيتهم للترشح.  

واعتبر هؤلاء أن زيادة التكاليف تمثل محاولة ضمنية لحرمان الشباب من خوض السباق الانتخابي، قصد الإبقاء على أعضاء من الحرس القديم (من النواب السابقين). 

وبالرغم من أن الحكومة لم توضح أسباب زيادة رسوم الترشح للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، إلا أن الحصول على أموال للمساعدة في تسيير العملية الانتخابية هو أحد الدوافع. 

في ظل خلافات مستمرة، لا يوجد حتى الآن سقف زمني محدد لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في الصومال 

قال محمد علي آدم، مرشح محتمل للانتخابات البرلمانية “أيا كانت الدوافع، فإن قرار رفع رسوم الترشح للانتخابات التشريعية يعني تقويض طموح الشباب لتحقيق تمثيل سياسي في السلطات التشريعية”. وأضاف آدم أن رسوم الترشح المعلنة لا تتناسب مع دخل المواطن الصومالي، فالمواطن العادي لا يمكنه تحمل تلك التكاليف الباهظة، داعيا المنتدى الوطني إلى التشاور للعدول عن ذلك القرار. 

وأقر المنتدى، مؤخرا، رسوم الترشح في الانتخابات التشريعية المقبلة، بحيث تبلغ 20 ألف دولار لمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية بالبرلمان)، و10 آلاف دولار لمجلس الشعب، بينما كانت 10 آلاف لمجلس الشيوخ و5 آلاف لمجلس الشعب في انتخابات 2016. 

وقال عبدالجبار عبدالله، المتحدث باسم لجنة الانتخابات “نتفهم قلق الشباب الذين يسعون إلى الترشح، من زيادة كلفة الترشح، لكن قرار الزيادة أو الخفض في رسوم الترشح ليس من اختصاصاتنا”. وأردف أن “المنتدى الوطني للتشاور، المكون من الحكومة ورؤساء الأقاليم الفيدرالية، هو الطرف الوحيد القادر على تحديد تكاليف الترشح في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”. 

وبالرغم من تتعدد دوافع المرشحين الشباب لخوض غمار العمل السياسي، عبر بوابة الانتخابات البرلمانية، فإن القاسم المشترك هو الرغبة في ضخ روح شبابية في المناصب القيادية. وقالت أفراح محمد، مرشحة محتملة، إن الدور الذي أعطته الحكومة الحالية للشباب هو الذي دفعها إلى الترشح للانتخابات البرلمانية رغبة في المساعدة على انتشال الصومال من المأزق السياسي الحالي. 

وقد بدأ البلد الواقع في منطقة القرن الأفريقي يتعافى من حرب أهلية اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية عام 1991، خلفت له ديونا تُقدر بـ5.3 مليار دولار. وأضافت محمد أن المرحلة السياسية الحالية تتطلب روحا شبابية متسلحة بالأفكار، وليس من يتسلحون بالأسلحة والمال السياسي ليحتفظوا بمناصبهم. وتابعت “نسعى إلى تغيير النمط السياسي التقليدي في المناصب القيادية، ولاسيما التشريعية.. السياسيون التقليديون قدموا ما بوسعهم للبلاد، وعليهم الآن تقدير دور الشباب”. 

وحسب تقديرات غير رسمية، يمثل الشباب نسبة ضئيلة في المناصب القيادية بالصومال، مقارنة بنسبتهم البالغة 70 في المئة من عدد السكان، الذي يبلغ نحو 11.7 مليون نسمة. وحول أسباب اهتمام بعض الشباب بلعب دور سياسي، قال عبدالقادر عثمان، رئيس حزب هلدور، إن آلية الانتخابات المباشرة، التي كانت من المزمع إجراء الانتخابات على أساسها، أغرت الشباب. 

وأضاف “لكن الآلية الجديدة، التي سيلعب فيها شيوخ القبائل، دورا بارزا مع تكاليف التسجيل (الترشح) الباهظة قد تقلل حظوظ الشباب”. وتابع “المجتمع الصومالي يحاول فك الارتباط مع السياسيين القدامى لصالح الشباب، الذين يحملون معاناة المواطن نفسها من البطالة وتردي الأوضاع الأمنية”. 

وفي 17 سبتمبر الماضي، اتفقت الحكومة مع رؤساء الأقاليم الفيدرالية على إجراء انتخابات غير مباشرة، أي ليست عبر الاقتراع الشعبي المباشر. 

وكان الكثيرون في الصومال يأملون في طي صفحة نظام المحاصصة القبلية المعمول به حاليا، والقائم على توزيع مقاعد البرلمان على القبائل بنظام “الكوتة” (محاصصة)، بحيث تختار كل قبيلة من يمثلها، ثم ينتخب البرلمان رئيس البلاد. وتتنوع مصادر الأموال، التي يعتمد عليها الشباب لتمويل حملاتهم الانتخابية المقبلة، فمنهم من يجمع تبرعات ومنهم من يعتمد على دعم الأصدقاء. 

قال يوسف عالم، مرشح محتمل، إنه كغيره من المرشحين الشباب، بدأ حملته في وقت سابق عبر اجتماعات مع أعيان قبيلته والشريحة التي سيمثلها في هذا المنصب البرلماني. وأضاف أنه بالرغم من أن المال السياسي أقل تأثيرا في الانتخابات المقبلة مقارنة بسابقاتها، إلا أنه يحاول جمع تبرعات من أصدقائه وغيرهم. 

وحول تحدي السياسيين التقليديين في الانتخابات المقبلة، قال عالم إن المجتمع الصومالي بات أكثر وعيا من الانتخابات السابقة وصار لا ينخدع بالوعود السياسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وتركز حملات الشباب الانتخابية على المطاعم والمقاهي، على أمل تعبئة وحشد الرأي العام لمرحلة ما بعد السياسيين التقليديين، الذين احتكروا المناصب التشريعية طيلة العقود الماضية. 

وفي ظل خلافات مستمرة، لا يوجد حتى الآن سقف زمني محدد لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في الصومال، فآخر تاريخ أعلنته لجنة الانتخابات كان 7 يناير الماضي، لكن الاستحقاق تأجل للمرة الثالثة. 

ويعود التأجيل إلى ملفات خلافية عالقة بين الحكومة من جهة ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى حول إجراءات الانتخابات البرلمانية والرئاسية، من بينها تشكيل اللجان المشرفة على العملية الانتخابية. 

ويتألف مجلس الشيوخ الفيدرالي من 51 عضوا، يتم انتخابهم من جانب برلمانات الأقاليم الفيدرالية الخمسة، عبر 11 مركز اقتراع. بينما يضم مجلس الشعب 275 عضوا، يتم انتخابهم من طرف حوالي 30 ألف ناخب قبلي. 

Exit mobile version