هل تعيد إدارة بايدن النظر في انسحاب القوات الامريكية من الصومال؟
تبنت حركة الشباب الصومالية المتطرفة هجوما استهدف الأحد فندقا في العاصمة مقديشو، وهو هجوم له دلالات كثيرة بحسب المحللين، كونه أول عمل إرهابي يحصل في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، وبعد أيام من إعلان البنتاغون أن انسحاب قواته من الصومال قد اكتمل، في واحدة من الإجراءات الأخيرة لرئاسة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وقالت إذاعة الأندلس التابعة لحركة الشباب في بيان إن “مقاتلي الجماعة اقتحموا الفندق بعد تفجير سيارة ملغومة، ونفذوا عملية استشهادية في فندق أفريك الذي يتخذه مسؤولو الحكومة الكافرة غطاء لهم”.
وبعد هذه العملية الجديدة، قفزت التساؤلات أمام المحللين حول ما إذا كان بايدن سيعيد النظر في خطط إدارة ترامب بشأن إمكانية إعادة القوات الأميركية إلى الصومال، كما فعلت مع أفغانستان، خاصة وأن أمل الكثير من الصوماليين معقود الآن على الإدارة الأميركية الجديدة لتفادي كارثة أمنية محتملة في بلدهم.
وكان قرار سحب القوات الأميركية من الصومال من أشد القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب تجاه البلد الواقع في القرن الأفريقي، وهو ما اعتبره كثيرون تقويضا لجهود استقرار البلاد وقد يغذي حركة الشباب المسلحة، حيث يأمل الشارع في إعادة الإدارة الحالية القوات الأميركية مجددا.
وقد حذر الخبراء من أن انسحاب ما يقدر بنحو 700 جندي أميركي يأتي في أسوأ وقت ممكن بالنسبة للصومال، حيث تعمل جماعة الشباب المتطرفة المرتبطة بالقاعدة على تحسين مهاراتها في صنع القنابل، وتواصل مهاجمة الأهداف العسكرية والمدنية حتى في مقديشو، ويأتي الانسحاب قبل أقل من شهر من موعد الانتخابات الرئاسية بالبلد الأفريقي.
وعبر مراقبون منذ أن أعلنت إدارة ترامب خطط الانسحاب من الصومال عن مخاوفهم بشأن قدرة الجيش الصومالي المتعثر على الصمود في وجه حركة الشباب المتشددة، خاصة وأن خطوة أخرى ستقوم بها قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم) في وقت لاحق هذا العام.
وقام الأفراد الأميركيون بتدريب ودعم القوات الصومالية، بما في ذلك قوات النخبة الخاصة، في عمليات مكافحة الإرهاب. ويتم نقلهم إلى دول أفريقية أخرى مثل كينيا وجيبوتي المجاورتين، موطن القاعدة العسكرية الأميركية الدائمة الوحيدة في أفريقيا.
ولم يحدد المتحدث باسم القيادة الأميركية في أفريقيا العقيد كريس كارنز عددهم، وإلى أين يذهبون أو ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستلغي الانسحاب، وقال قبل ثلاثة أيام من تولي بايدن منصبه، “سيكون من غير المناسب بالنسبة لنا التكهن أو الانخراط في افتراضات”، لكنه أشار إلى أن العملية تدخل مرحلتها التالية من الاشتباك الدوري مع قوات الأمن الصومالية.
وتم الإعلان عن الانسحاب في أواخر العام الماضي مع موعد نهائي في منتصف يناير، ويقول الجيش الأميركي، الذي نفذ عددا متزايدا من الضربات الجوية ضد حركة الشباب ومجموعة صغيرة من المقاتلين المرتبطين بتنظيم داعش خلال إدارة ترامب، إنه سيواصل الضغط على حركة الشباب، التي لديها ما يقدر بنحو 5 إلى 10 آلاف مقاتل.
وتعد حركة الشباب واحدة من الحركات المتطرفة المتماسكة، رغم الصعود القوي لتنظيم داعش خلال السنوات الأخيرة، ومبايعته من طرف تنظيمات جهادية كثيرة في أفريقيا، على غرار جماعة بوكو حرام النيجيرية، إلا أنها ظلت متمسكة بولائها لتنظيم القاعدة، رغم ما أصاب الأخير من وهن وضعف.
وتشير الكثير من التقييمات إلى أن القوات الصومالية ليست مستعدة لتولي المسؤولية عن أمن البلاد، خاصة وأن قوة الاتحاد الأفريقي متعددة الجنسيات والتي قوامها 19 ألف جندي ستنسحب بنهاية هذا العام.
وبرزت مخاوف أخرى بين الأوساط السياسية الصومالية بشأن زيادة نشاط داعش في جميع أنحاء الصومال، فالحكومة الاتحادية تمتلك قدرات عسكرية محدودة لاستعادة السيطرة على الأراضي من جماعة الشباب، وهي أيضا على علاقة متوترة مع الحكومة الإقليمية في جوبالاند.
وبينما تدعم إثيوبيا، التي تشارك في حرب أهلية في منطقة تكرينيا الشمالية، الحكومة الفيدرالية الصومالية، فإن كينيا تدعم الحكومة الإقليمية في جوبالاند، مما يثير المزيد من المخاوف من وقوع صراعات مماثلة تتواجه فيها الحكومات الإقليمية مع الحكومة الاتحادية.
ومع وضع مثل هذه التحديات في الحسبان، سيشكل الحضور الأميركي في الصومال تموضعا هاما لإبراز القوة ومكافحة الإرهاب، في حال قررت الولايات المتحدة الآن العودة إلى البلاد من أجل المساعدة على بسط الاستقرار، في بلد لا يزال يعاني من الفوضى الأمنية منذ ثلاثة عقود من الزمن.