حذرت الأمم المتحدة الأربعاء من أن الصومال يقترب من “منطقة لا يمكن التنبؤ بها” في حال عدم اتفاق قادته السياسيين بشكل عاجل على كيفية المضي قدما لإجراء انتخابات تأخر تنظيمها.
وكان من المقرر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية غير مباشرة قبل الثامن من فبراير القادم، لكن العملية تعطلت وسط خلافات بين الحكومة المركزية المدعومة من جهات أجنبية في مقديشو، والولايات الفدرالية.
وقال موفد الأمم المتحدة الخاص للصومال جيمس سوان إنه “من غير الواقعي” في هذه المرحلة توقع حصول انتخابات في موعدها، فيما تأخر إجراء عدد من الخطوات الرئيسية، موضحا أن الاهتمام يتركز الآن على كسر الجمود السياسي، والتوصل لتوافق يجنب مزيدا من عدم الاستقرار في بلد ضعيف يعاني أصلا أعمال عنف قبلية وتمرد دام.
ويتمسك الرئيس محمد عبدالله فرماجو وحكومته بإجراء الانتخابات في خطوة أحادية الجانب، وسط اعتراضات من قبل ولايتي جوبالاند وبونتلاند، إضافة إلى المعارضة السياسية من المرشحين الرئاسيين، ما يجعل الصومال أمام أسوأ السيناريوهات المتمثلة في انقسام يهدد استقرار البلاد.
وقال الممثل الخاص للأمم المتحدة خلال مؤتمر صحافي افتراضي في مقديشو الأربعاء “اعتقد أن هناك قلقا من أن يأخذنا تجاوز الثامن من فبراير من دون اتفاق واضح، إلى منطقة لا يمكن التنبؤ بها”.
وأضاف “نحن نسعى … لتشجيع كل فرصة من جانب القيادة الصومالية للتغلب على تلك الخلافات، والتحرك في الأيام القادمة كي يمكن التوصل لأجوبة، لحلول، قبل الثامن من فبراير بكثير”.
وكان فرماجو وقادة الأقاليم الخمسة في الصومال، توصلوا في 17 سبتمبر إلى اتفاقية تم التخلي بموجبها عن نظام انتخابي عبر الاقتراع العام الذي يمنح صوتا لكل ناخب، مع عرض مسار مشترك نحو الانتخابات.
وتعهدت الصومال تنظيم أول انتخابات ديموقراطية عبر الاقتراع العام منذ 1969، بدلا من نظام غير مباشر معقد يختار فيه مندوبون خاصون النواب الذين يختارون بدورهم الرئيس. لكن الخلافات السياسية عطلت العملية المتعددة المراحل.
وعقب ذلك أعلنت لجنة الانتخابات أن الاستحقاق الرئاسي سيجرى في فبراير المقبل فيما كان من المقرر أن تجرى انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة السفلى بالبرلمان) في الفترة من 7 حتى 14 يناير 2021، بينما لم تحدد موعد انتخابات مجلس الشعب بعد (الغرفة العليا).
ويُنتخب مجلس الشيوخ (51 عضوا) من قبل برلمانات الولايات الخمس عبر 11 مركز اقتراع على مستوى البلاد، بينما يُنتخب أعضاء مجلس الشعب (275 عضوا)، والذي لم يحدد بعد موعد إجراء انتخاباته، من قبل حوالي 30 ألف ناخب قبلي (يتم اختيارهم من القبائل).
وانقضت مهل نهائية حاسمة لتشكيل لجان انتخابات ولإجراء انتخابات غير مباشرة لأعضاء مجلسي البرلمان الذين بدورهم يختارون الرئيس. ولم يبقَ من ولاية فرماجو الدستورية سوى 12 يوما ما يجعل مصير الانتخابات الصومالية مجهولا، حيث لا تكفي المدة المتبقية لإجراء انتخابات تستوجب استعدادات ضرورية.
وقال الممثل الأممي إنه يجهل كم ستستغرق العملية، لكنه أشار إلى أن المجتمع الدولي يعارض آلية موازية أو بديلة خارج ما تم الاتفاق عليه في 17 سبتمبر، مؤكدا بذل كل الجهود لإجراء حوار لكن المأزق مستمر والوقت ينفد.
وقال “أعتقد أنه على نطاق أوسع ومع الأسف، هناك جو سائد من عدم الثقة بين كثيرين في أعلى هرم القيادة السياسية في الصومال. والتحدي بدرجة ما يتعلق بكيفية التغلب على انعدام الثقة ذلك في هذا الوقت”.
وكانت الأمم المتحدة قد وصفت الاعلان عن نظام انتخابي عام في الصومال بعد عقود من الحرب وعدم الاستقرار بأنه “انجاز تاريخي” على طريق إرساء الديموقراطية والسلام بعد عقود من الحرب وأعمال العنف في الدولة الواقعة بالقرن الإفريقي.
لكن المراقبين شككوا في فرص تطبيق هذا الإصلاح بالنظر إلى التوترات السياسية ولمشكلات فنية مثل تسجيل الناخبين إضافة إلى التحديات الأمنية التي يطرحها وجود حركة الشباب المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتسيطر الحكومة الفدرالية الضعيفة على قسم من أراضي الصومال وتعتمد على دعم قوة حفظ سلام للتصدي لتمرد حركة الشباب.
والأحد، حذرت واشنطن الرئيس الصومالي من مغبة إجراء انتخابات أحادية الجانب تضع مصير البلاد في المجهول.
وقالت السفارة الأميركية في بيان شديد اللهجة “لن نقبل انتخابات أحادية، ولن نقبل انتخابات موازية، ولن نقبل العنف بسبب الانتخابات”.