تعيش مدينة “حدر” الصومالية على وقع أزمة إنسانية حادة إثر حصار وتجويع فرضته مليشيات حركة الشباب الإرهابية عليها منذ عشر سنوات.
و”حدر” مدينة صومالية تقع في محافظة بكول بولاية جنوب غرب الصومال، وهي واحدة من ست مدن تشكل المحافظة جفرافيا، إضافة إلى أنها عاصمة المحافظة.
وخرج سكان المدينة في مظاهرات واحتجاجات عارمة، الأسبوع الماضي، مطالبين الحكومة الصومالية برفع الحصار الذي فرضته حركة “الشباب” الإرهابية الذي تطور نحو تجويع السكان وإحراق الشاحنات التي كانت تنقل البضائع والمواد الغذائية الأساسية إلى المدينة.
ويقول حسن محمد يوسف، الذي يعمل حمالا في حدر: “نعاني من حصار شديد من قبل الشباب الإرهابية بعد رفضنا دفع إتاوات يطلبونها منا باسم الزكاة”.
ويضيف حسن: “أسلوب التجويع الجماعي لسكان المدينة أضحى الورقة الوحيدة بيد هؤلاء الإرهابيين محاولين كسر إرادتنا”.
وتابع: “لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نمول بأيدنا مشاريع الموت التي تخصصتها حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة”.
ويتهم “حسن” الحكومة الصومالية وولاية جنوب غرب الصومال بالقصور في مساعدة السكان ورفع معاناتهم من إرهاب حركة “الشباب” قائلا: “لا يهتمون سوى بالقضايا السياسية”.
ويعتبر حسن أن القضايا الأمنية أمر مهم قائلا: “يجب أن يأخذ الشأن الأمني حيزا جيدا بمثل هذا التوقيت”، مشيرا إلى أن القوات الحكومية المتواجدة في المدينة تستورد احتياجاتها الغذائية عبر الجو، ومن يعاني هو السكان والتجار الذي ليس لديهم قدرة للقيام بذلك.
ويضيف: “حكومة فرماجو توجه قدرات عسكرية وأمنية لمناطق آمنة كل يوم لأغراض سياسية، ولا تلتفت للوضع الصعب الذي نعيشه”، داعيا الشعب الصومالي إلى المساهمة بالضغط على حكومة فرماجو لرفع الحصار فورا.
وحسب مصادر محلية، قامت مليشيات حركة الشباب الإرهابية مؤخرا بإحراق نحو 17 شاحنة تحمل أطنانا من المواد الغذائية في غضون أقل من ثلاثة أشهر، وتعود ملكية تلك الشاحنات لتجار بالمدينة، ما أدى إلى نقص شديد في المواد الغذائية الأساسية وغلاء فاحش في الأسعار.
وفي حال توفر المواد الغذائية فإن أسعارها تصل لأرقام باهظة، حسب سكان محليين، حيث وصل سعر 50 كجم من السكر لنحو 80 دولارا أمريكيا، في حين يكون سعره العادي في الأسواق الصومالي أقل من 30 دولارا أمريكيا.
وفي 16 يناير/كانون الثاني الجاري وصل رئيس ولاية جنوب غرب الصومال عبدالعزيز حسن محمد لفتاغرين المدينة في محاولة لتخفيف معاناة السكان من ندرة المواد الغذائية.
وتعهد “لفتاغرين” بعدم السفر من المدينة حتى يتم رفع الحصار بشكل كامل عنها، وأطلق نداء عاجلا إلى الشعب الصومالي ومنظمات المساعدات الدولية لإنقاذ المدينة من مجاعة وشيكة، داعيا الحكومة الصومالية إلى التركيز على توجيه العمليات العسكرية نحو رفع الحصار عن المدينة.
واستجابة لنداء الاستغاثة العاجل وصلت أولى الشحنات الغذائية عبر طائرات خاصة محملة بنحو 26 طن من المواد الغذائية، وتعهدت شركة الطيران الخاصة بنقل مساعدات الشعب الصومالي من أنحاء البلاد لإيصالها إلى مدينة حدر.
ويعود حصار المدينة إلى خلاف بين قيادات عليا من تنظيم حركة الشباب الإرهابية في عام 2011 استمرت نحو ثلاث سنوات، وأسفرت تلك الخلافات عن انشقاق نائب قائد التنظيم السابق مختار روبو عام (2013) المعتقل حاليا لدى الحكومة الصومالية قبل مقتل زعيم التنظيم أحمد عبدي غوداني بغارة جوية أمريكية في سبتمبر 2014.
وتمركز القيادي المنشق في مسقط رأسه بمدينة حدر مع عدد من عناصر موالين أسهم بشكل كبير في الدفاع عن المدينة من الحركة الإرهابية فأصبحوا هدفا لحركة الشباب بعد الإنشقاق وإعلان التمرد الصريح.
ومنذ ذلك الحين فرضت “الشباب” حصارا خانقا على المدينة لكنها لم تنجح في اقتحامهارغم عدة محاولات، واستمر الوضع حتى بعد تسليم روبو نفسه للحكومة الصومالية عام 2017 الى الآن.
ودخلت القوات الصومالية والإفريقية المدينة عبر عملية عسكرية بعناصر محدودة ما أدى إلى مطالبة التنظيم الإرهابي من السكان دفع إتاوات من البضائع والمواد وأنشطتهم التجارية، ورفض السكان ذلك ولجأوا إلى التعاون مع القوات الحكومية المحدودة لتأمين البضائع من المليشيات المحاصرة بالمدنية عند دخولها برا.
لكن الجماعة الإرهابية اتبعت أساليب قاسية منها حرق جميع الشحنات التي تحمل البضائع والمواد الغذائية لرجال أعمال المدينة الذين اختاروا التعاون مع القوات الحكومية من الدفع للإرهابيين، وألقت حركة الشباب بثقلها على المدينة لتجويع السكان.