حالة من الاحتقان السياسي يشهدها الصومال بين الحكومة والمعارضة بسبب الخلاف الدائر حول الانتخابات العامة المرتقب إجراؤها.
خبراء سياسيون اعتبروا أن الانقسام الداخلي والخوف من المجهول مع قرب انتهاء ولاية الرئيس الحالي محمد عبدالله فرماجو جعلت اللجوء إلى المجتمع الدولي خيارا وحيدا خشية إفلات الأمور والانجرار إلى أوضاع أصعب.
إلا أنهم اعتبروها “وصاية” تسبب فيها تعنت فرماجو، فيما كان الأفضل الجلوس إلى طاولة المفاوضات بأسرع وقت ممكن بين قادة الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الإقليمية الخمس، للتوصل إلى خارطة طريق توافقية.
وأشاروا إلى أن المجتمع الدولي ينتظر فقط انتهاء فترة فرماجو احتراما للصلاحيات الدستورية له وليس لأمر آخر ثم يستعد للتدخل بالوضع مباشرة لإنقاذ البلاد عبر طرح مبادرة شاملة.
وباءت 3 محاولات محلية للفشل عبر ثلاث مبادرات متعاقبة طرحها كل من رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلى، ورئيس ولاية غلمدغ أحمد عبدي كاريه قور قور، ورئيس ولاية جنوب غرب الصومال عبدالعزيز حسن محمد لفتا غرين، لحل القضايا الخلافية بين القادة الصوماليين.
وأبرز القضايا الخلافية هي لجان تنظيم الانتخابات الفيدرالية التي ترفضها المعارضة السياسية من المرشحين الرئاسيين وولايتي جوبلاند وبونتلاند وتتهمها بالانتماء لجهاز المخابرات وموظفي الخدمة المدنية وأنصار الرئيس الحالي المرشح للرئاسيات القادمة محمد عبدالله فرماجو، إضافة إلى “قضية غدو” بين فرماجو ورئيس ولاية جوبلاند أحمد مدوبي.
وغدو هي محافظة جنوبية تتبع إداريا لولاية جوبلاند وتسيطر عليها قوات حكومية منذ نحو عام لاختطاف انتخابات 16 مقعدا في البرلمان الفيدرالي المزمع إجراؤها لصالح الرئيس فرماجو.
وترفض الولاية هذا النهج حيث تطالب بسحب القوات الحكومية منها وإعادة المحافظة تحت سلطتها لإجراء الانتخابات التشريعية فيها.
يأتي ذلك في وقت تأجلت الانتخابات التشريعية العامة عن موعدها بسبب الخلافات حيث كانت مقررة في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، فيما لم يتبق من ولاية فرماجو الدستورية سوى 19 يوما وسط عدم وجود حلول صومالية تلوح في الأفق.
ويبقى العماد المنقذ للديمقراطية الهشة في الصومال “المجتمع الدولي” الذي يتكون من منظمات عالمية مثل الأمم المتحدة وإقليمية مثل الإيجاد واتحادات قارية مثل الاتحادين الأفريقي والأوروبي، إضافة إلى أمريكا وبريطانيا وعدد من دول العالم المهتمة بالشأن الصومالي.
تمهيد للتدخل
والأربعاء الماضي، دخل المجتمع الدولي على الخط، في بيان، وضع خطوطا رئيسية لعملية الانتقال السياسي في البلاد من الدعوة للحوار للتوصل إلى اتفاق مشترك بين القادة الصوماليين ووقف جميع أشكال التهديد بالعنف لتحقيق مآرب سياسية، محذرا من إجراء عملية انتخابية أحادية الجانب من جانب حكومة فرماجو.
ووقع على البيان البعثات الدبلوماسية للاتحادين الأفريقي والأوروبي، ومنظمتا إيجاد والأمم المتحدة، والولايات المتحدة، وبريطانيا ونحو 10 دول أوروبية بجانب مصر، وإثيوبيا، وكندا.
وبعد البيان بيوم، قام الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصومال، جيمس سوان، بزيارة إلى ولاية جنوب غرب الصومال.
التقى خلالها رئيس الولاية عبدالعزيز محمد حسن لفتاغرين في وقت تواترت فيه تقارير إعلامية عن قرب بدء الانتخابات التشريعية دون التوصل الى اتفاق.
وطالب سوان رئيس الولاية بالعمل من أجل التوصل لتفاهمات بين الحكومة الفيدرالية وجميع رؤساء الولايات الإقليمية ووقف كافة الاستعدادات لبدء الانتخابات.
المحلل السياسي الصومالي، عبدالرحمن عمر، قال إن تعنت فرماجو على المبادرات والحلول المحلية أعطي المجتمع الدولي دورا كبيرا في جهود تجاوز البلاد من المرحلة الانتقالية.
وأوضح عمر أن الديمقراطية الهشة في الصومال خلال العقدين الماضيين خط أحمر بالنسبة للمجتمع الدولي الذي أنفق الكثير ولا زال ينفق من أجل خلق استقرار سياسي وأمني نسبي في البلاد.
وأشار إلى أن 24 ألف جندي أجنبي يتواجدون في الصومال تتركز مهمتهم الرئيسية في حماية مكتسبات الجهود الأساسية لإعادة الدولة وحماية أمن المقار الحكومية ومحاربة الشباب الإرهابية تدفع رواتبهم من قبل المجتمع الدولي.
مبادرة شاملة
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الصومالي، محمد نور، أن دور المجتمع الدولي حاسم في العملية الانتخابية المقبلة نظرا لوصول المبادرات المحلية إلى أفق مسدود.
وأوضح أن المجتمع الدولي هو الممول الرئيسي للعملية الانتخابية حيث من المقرر أن يدفع 36 مليون دولار من أصل 40 مليون حيث تنفق الحكومة من ميزانيتها 4 مليون دولار فقط.
وأضاف أن المجتمع الدولي ينتظر فقط انتهاء فترة فرماجو احتراما للصلاحيات الدستورية له وليس لأمر آخر ثم يستعد للتدخل بالوضع مباشرة لإنقاذ البلاد عبر طرح مبادرة شاملة سيكون الجميع مجبرا على التوقيع عليها وإجراء الانتخابات بإشراف الأمم المتحدة وتأمين قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال منعا لتأثير الأطراف المتنازعة عليها.
ودعا المحللان الصوماليان إلى إنقاذ البلاد من تلك الوصاية والجلوس على طاولة المفاوضات بأسرع وقت ممكن بين قادة الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الإقليمية الخمس، للتوصل إلى خارطة طريق توافقية لتنفيذ الاتفاق السياسي حول الانتخابات المبرم بين فرماجو ورؤساء الولايات في سبتمبر/أيلول الماضي بضغط من المجتمع الدولي أيضا.
كما حذرا من فقدان الثقة الدولية على المسؤولين الصوماليين بقدرتهم على تيسير أمور البلاد والتوصل إلى تفاهمات عند بروز قضايا خلافية مصيرية مثل الانتخابات دون الحاجة بمساعدة جهود دولية.
وبحسب متابعين فإن مبعث القلق الرئيسي من الانتخابات الصومالية العامة للشعب الصومالي والمجتمع الدولي هو انتهاء فترة ولاية فرماجو دون التوصل إلى بروتوكول تنفيذي توافقي بين السياسيين ما يهدد بانزلاق البلاد إلى المجهول.