الصومال اليوم

أزمة الانتخابات الصومالية: مسارات التسوية وسيناريوهات المحتملة

يطل شبح الفراغ الدستوري على الصومال في ظل استمرار أزمة الإستحقاق الانتخابي الذي كان من المقرر أن يبدأ منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ويزاد الصخب السياسي والإعلامي المحذر من هذا الفراغ وتداعياته على الإستقرار الأمني الهش في الصومال والإنجازات المحرزة خلال الأعوام الماضية.

لقد انتهت المدة القانونية للبرلمان الفيدرالي في 27 كانون الأول / ديسمبر الجاري، وتنتهي ولاية رئيس الجمهورية في 8 شباط/فبراير المقبل ولا يلوح لحد الآن في الأفق أي بوادر حقيقية لإنفراج وشيك رغم تعدد مسارات التسوية الأمر الذي يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة وخطيرة.

خلفية الأزمة وأبزر النقاط الخلافية

في  17 أيلول/سبتمبر  الماضي، اتفق الرئيس محمد عبد الله فرماجو ورؤساء 5 حكومات ولائية بالإضافة إلى عمدة بلدية مقديشو بعد مسار سياسي طويل وشاق بدأ من مدينة طوسمريب على أن تجري الانتخابات العامة بنظام الاقتراع غير المباشر والمعروف داخليا بنظام (المحاصصة القبلية 4.5 ) وانطلاق اجراء الانتخابات البرلمانية  في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020  ، والرئاسية  في شباط/ فبراير 2021،  وتخصيص مركزين إثنين في كل ولاية من ولايات الخمسة ، بونت لاند،  جلمدغ، هيرشبيلي، جنوب غرب الصومال، جوبالاند لإجراء  اقتراع المقاعد البرلمانية.

واتفقت القادة أيضا على أن تعيّن الحكومة المركزية لجنة تدير شؤون الانتخابات بالتعاون مع مفوضيات انتخابية تشكلها الحكومات الولائية وأن يتم انتخاب أعضاء مجلس الشعب من قبل 101 مندوبا من العشائر ومنظمات المجتمع المدني بينما ينتخب برلمانات الحكومات الولائية أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 54 عضوا.

وصادق البرلمان الاتحادي بغرفتيه الشيوخ والشعب هذا الاتفاق في 26 أيلول/ سبتمبر الماضي وصوت لصالحه 252 نائبا من أصل 255 نائبا حضروا في تلك الجلسة.

رغم اتفاق قادة الحكومة الفيدرالية والحكومات الإقليمية على النظام الإنتخابي، وجدول مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الا أنه وبعد نحو أربعة أشهر مازالت المشكلة عالقة وأن الأطراف السياسية الصومالية مختلفون على طريق تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. فالحكومة الفيدرالية مصرة على أنها  هي الجهة المسؤولة عن تنظيم الانتخابات وتنفيذ العملية الإنتخابية، وعيّن رئيس الوزراء محمد حسين روبلي في 5 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ودون التشاور مع الشركاء الآخرين،  أعضاء لجنة الانتخابات التي تتولى الإشراف على سير العملية الإنتخابية،  كما شكل رئيس الوزراء لجنة أخرى تتكون من 21 عضوا تعمل على  حل  الخلافات  في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأكد رئيس الوزراء روبلي في تصريح صحفي  أن تعيين أعضاء هاتين اللجنتين يأتي تطبيقا لمخرجات المؤتمر التشاوري حول الانتخابات بين الرئيس فرماجو ورؤساء الأقاليم الفيدرالية  في شهر أيلول/سبتمبر  الماضي.

أثارت اللجنة الإنتخابية التي شكلت الحكومة الفيدرالية جدلا واسعا لدى أوساط المجتمع الصومالي ، وقوبلت برفض شديد وحازم من بين معظم المرشحين للإنتخابات الرئاسية، ونظموا مظاهرات احتجاجا على ضم أشخاص مقربين من الرئيس فرماجو وآخرين يعملون في السلك الحكومي والأمني في اللجنة، وطالبوا بحلها وتشكيل لجنة أخرى بديلة ومحايدة تحظى بتوافق كافة الأطراف.

وكذلك رفضت حكومتا جوبا لاند وبونت لاند التعاون مع اللجنتين المعينتين من قبل الحكومة الفيدرالية، ولم ترشحا حتى الآن أعضائهما في اللجنتين بحسب ما ينص عليه الاتفاق الذي جرى بين الحكومة ورؤساء الولاية الخمسة في مقديشو في 17 أيلول/سبتمبر الماضي خلافا لما فعلته الولايات الثلاثة الأخرى المؤيدة للحكومة الفيدرالية؛ جنوب غرب الصومال، جلمدغ، هيرشبيلي. وتتهم ولايتا جوبالاند، الحكومة الفدرالية بعرقلة المسار الإنتخابي وفرض سياسة الأمر الواقع على بقية المكونات السياسية بغية إعادة إنتخاب الرئيس محمد عبد الله فرماجو في الانتخابات الرئاسية.

 رهانات الحكومة وقوى المعارضة

وفق مصدر حكومي أن الحكومة الفيدرالية تسابق الزمن وأنها ماضية في اجراءات العملية الإنتخابية وتسعى إلى بدء  انتخابات أعضاء مجلس الشيوخ في عدد من الولايات الإقليمية في غضون أيام قليلة وقبل نهاية كانون الأول/ ديسمبر الجاري أو على أقصى حد  مطلع كانون الثاني/ يناير المقبل وخصوصا  بعد أن باتت زيارة رئيس الوزراء محمد حسين روبلي إلى ولاية بونت لاند ومحاولاته لإقناع قيادات الولاية إلى دعم المسار الانتخابي الحكومي بالفشل، وأضاف المصدر أن الحكومة حذرة من أن تقع  في الفخ الذي تنصب لها قوى المعارضة، مشيرا إلى تلقي أعضاء بعض برلمانات الولايات دعوة إلى الانعقاد لإنتخاب أعضاء  مجلس الشيوخ.

هذا والجدير بالإشارة إلى أنه كان من المقرر أن ينتخب أعضاء غرفتي البرلمان (الشعب والشيوخ) في الفترة ما بين 1 و27 كانون الأول / ديسمبر الجاري، وأن تجرى انتخابات رئيسي مجلس الشيوخ والشعب ونائبيهما والإنتخابات الرئاسية في الفترة ما بين 1 كانون الثاني /يناير و8  شباط / فبراير  2021.

لقد دعا رئيس الوزراء روبلي خلال مؤتمر “منتدى شراكة الصومال الدولي السنوي”، لمناقشة قضايا الأمن والانتخابات ومراجعة الدستور والإصلاح الاقتصادي المنعقد بمقديشو في السابع من الشهر الجاري إلى عقد اجتماع الحكومة وقادة الولايات الإقليمة في مقديشو لبحث أزمة الانتخابات غير أن هذه الدعوة لم تجد آذانا صاغية وأن أحدا لا يعبأ بها كثيرا.

وفي المقابل تتخذ قوى المعارضة للحكومة الفيدرالية بما فيها بعض الولايات الإقليمية اجراءات تصعيدية احتجاجا على المسار الانتخابي، وتراهن على الزمن ولا ترغب في الانخراط في مفاوضات مع الحكومة من موقع الضعف طمعا في فقدان الحكومة شرعيتها بعد إنتهاء فترة ولاية الرئيس فرماجو وانعقاد اجتماع عام يبحث عن مستقل العملية السياسية في البلاد، ودون هينمة الحكومة الفيدرالية.

مسارات التسوية

 أولا: مؤتمر جرووي وفرص التسوية

تبدأ ، اليوم  الأربعاء، في مدينة جرووي عاصمة ولاية بونت لاند  أعمال ملتقى حواري تشارك فيه وفود الحكومة الفيدرالية برئاسة نائب رئيس الوزراء، مهدي محمد جوليد،  ورؤساء ولايات جوبالاند ، وجلمدغ ، وبونت لاند بالإضافة إلى أبرز المرشحين للإنتخابات الرئاسية ، ويناقش الملتقى  الذي قد يمثل الفرصة   الأخيرة لحل الأزمة الإنتخابية قبل انتهاء الولاية القانونية للرئيس محمد عبد الله فرماجو،   آخر التطورات السياسية والأمنية في البلاد، والخيارات المتاحة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها وفي أجواء توافقية، ويتوقع أن تتركز المناقشات  على سبل ايجاد حل توافقي لقضايا مثيرة للجدل أبررها  لجنة الإنتخابات، وملف محافظة جدو،  ولجنة انتخابات أعضاء الأقاليم الشمالية في البرلمان الفيدرالي.

في موازاة ذلك، يتوقع أن تشهد مدينة جرووي لقاءات واجتماعات مكثفة بين الحكومة المركزية والحكومات الاقليمية من جهة، والحكومات الاقليمية وخاصة ولايات بونت لاند وجوبالاند وجلمدغ والمرشحيين للسباق الرئاسي من ناحية أخرى لبلورة رؤية مشتركة لإنهاء الخلافات واجراء الانتخابات في ظل وئام وتوافق الا أن سقف التوقعات بنحاج تلك الجهود يبقى منخفضا نظرا لحجم التوتر بين الحكومة المركزية وقوى المعارضة.

ينعقد الملتقى الحواري في جرووي الذي ينظمه مركز هيريتج للدراسات ومقره بمقديشو في ظرف سياسي استثنائي، وأن فرص حدوث اختراق كبير في الملفات العالقة محدودة، فكل طرف من الأطراف المشاركة في الاجتماع متمسك بمواقفه ويمضي قدما في مخططاته، وأن غياب رئيس ولاية جنوب غرب الصومال عبد العزيز لفتا غرين الذي سافر قبل أيام إلى تركيا، ورئيس ولاية هيرشبيلي علي عبد الله حسين غودلاوي من الإجتماع بالإضافة إلى تدني مستوى مشاركة الحكومة الفيدرالية دليل على أن هناك أطرافا أخرى غير مرتاحة بما يجري في جرووي.

ثانيا: وساطة منظمات المجتمع المدني

قامت قيادات من منظمات المجتمع المدني في العاصمة مقديشو،  خلال الأيام القليلة الماضية،  العديد من الوساطات لتسوية الخلافات بين الحكومة والمعارضة حول تنفيذ العملية  الإنتخابية ، وأجرت  قبل أيام لقائين منفصلين مع رئيس الوزراء محمد حسين روبلي ، ومجلس اتحاد  المرشحين للإنتخابات الرئاسية،  ويتوقع كثيرون أن تلعب هذه الوساطة رغم ضعف نتائج لقائها العلنية والسرية مع الحكومة والمعارضة،  دورا مهما في دفع المسار التفاوضي إلى الحل وتذليل العقبات أمام اجراء انتخابات توافقية قبل نهاية فترة ولاية الرئيس محمد عبد الله فرماجو. لكن لا بد من الإشارة أن مثل هذه الوسطات تصطدم عادة بتعنت الحكومة الفيدرالية وتشدد مواقفها، وغياب الثقة بين الأطراف المتنازعة.

ثالثا: المجتمع الدولي

في خضم تصاعد الخلاف بين الأطراف السياسية في الصومال، باتت العيون هذه الأيام متجهة نحو المجتمع الدولي والدول المعنية بالشأن الصومالي مثل الولايات المتحدة وبريطانيا كي يقوم بدوره تجاه الصومال وانقاذه من الوقوع في مستقع يصعب الانتشال منه، ويأمل كثيرون في أن يمارس المجتمع الدولي ضغوطا على كافة الأطراف لإجبارهم الجلوس على مائدة المفاوضات.

بيد أن المجتمع الدولي يواجه ملف الإنتخابات الصومالية  بحذر شديد  خوفا من تجييش الحكومة الصومالية الرأى  العام الصومالي تجييشا سليبا وضد دور المجتمع الدولي في الصومال  واتهامه بالتدخل في الشؤون الداخلية الصومالية، وخصوصا بعد  توتر العلاقات الدبلوماسية  بين الصومال وكينيا  وقطع الأول علاقاتها مع الأخيرة متهمة إياها بالتدخل في الشؤون الداخلية الصومالية وممارسة ضغوط على المعارضة لرفض دعوات الحكومة الفيدرالية لحل الخلافات.

لقد حذر المجتمع الدولي في آخر بيان له صدر في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، حذر السياسيين الصوماليين من تقويض شرعية العملية الإنتخابية، معبرا عن قلقه العميق بشأن الخلافات المستمرة حول تنفيذ العملية الإنتخابية.

ودعا البيان إلى ضرورة حل الخلافات البينية واحترام الاتفاق المبرم بين الحكومة الفيدرالية والحكومات الإقليمية في 17 أيلول/ سبتمبر الماضي بشأن الإنتخابات والبروتوكولات التنفيذية. وطالب البيان الرئيس فرماجو بعقد لقاء تشاوري بين الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الاقليمية لطمأنة الجميع بشأن نزاهة إدارة العملية الإنتخابية، مقترحا إنشاء آلية للحوار بين قادة الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الاقليمية شهريا على الأقل من أجل عملية انتخابية آمنة تستند إلى الحوار المستمر الذي يفضي للتوافق. وتعهد المجتمع الدولي بتقديم الدعم للجان الإنتخابية فقط فور الانتهاء من الحوار الوطني الشامل لحل الخلافات القائمة حول تكوينها.  ومن جانبه، أكد سفير الولايات المتحدة لدى مقديشو دونالد ياماموتو على ضرورة الالتزام الكامل بالاتفاق السياسي حول الانتخابات وعدم إجراء التعديلات عليه، إضافة إلى عقد الانتخابات في موعدها وعدم إجراء انتخابات موازية في الصومال. وأضاف سفير واشنطن أن الولايات المتحدة أنفقت على الصومال موارد كبيرة ولن تسمح بأي تهديد للمسار الانتخابي الذي يعد خطرا على التقدم المحرز في بناء الدولة الصومالية.

 بإستثناء هذه التصريحات الدبلوماسية لم يصدر أي بيانات أخرى من الإتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي لتقريب وجهات النظر بين الحكومة الصومالية والأطراف السياسية الأخرى. ويعتقد كثيرون أن تصريحات وبيانات تصدر من مثل تلك المنظمات تساهم بشكل إيجابي في حللة الأزمة وتعجل الاتفاق على خارطة طريق لتنفيذ االعملية الإنتخابية.

لكن هذا الموقف الأممي الحذر حتى الآن، يعطى المكونات السياسية في الصومال فرصة للمراوغة والمناورة والتشبث بمواقف سلبية.

السيناريوهات المحتملة

بناء على معلومات شبه مؤكدة من الحكومة وأطراف المعارضة، يمكن تلخيص السيناريوهات المحتملة فيما يلي:

أن تثمر في نهاية المطاف الوساطات الجارية وتنجح في دفع الأطراف السياسية بما فيها الحكومة المركزية والحكومات الولائية وقوى المعارضة نحو التوصل إلى اتفاق سياسي يحل أزمة الإنتخابات قبل نهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل غير أن فرص نجاح هذا السيناريو محدودة ما لم تقدم الحكومة المركزية تنازلات فيما يتعلق بملف محافظة جدو، ولجنة الإنتخابات المعينة من قبل الحكومة والتي ترفضها بعض الحكومات الولائية وقوى المعارضة.  وأنه من الصعب أن تقدم الحكومة تنازلات بشأن محافظة جدو في ظل الأزمة الدبلوماسية بين الصومال وكينيا، وبالتالي هذا الملف سيظل عقبة كبيرة أمام التوصل إلى اتفاق نهائي وشيك، أما فيما يتعلق بأعضاء لجنة الانتخابات فالموضوع قابل للحل وأن الحكومة الفيدرالية تبعث رسائل ايجابية بهذا الشأن وتبدي استعدادها بتقديم تنازلات.

أن تواصل الحكومة المركزية في إجراءاتها بشأن العملية الإنتخابية بعيدا عن التوافق السياسي خوفا من حدوث فراغ دستوري يقلل فرص إعادة انتخاب الرئيس محمد عبد الله فرماجو. تسعى الحكومة إلى اجراء انتخابات أعضاء البرلمان الاتحادي ، في مرحلتين، المرحلة الأولى تجرى الانتخابات  في ولايات جنوب غرب الصومال، وهيرشبيلي، وجلمدغ، ومحافظة بنادر، ومحافظة جدو وبعد انتخاب أعضاء البرلمان الفيدرالي من تلك الولايات وهم يشكلون أغلبية نواب  البرلمان البالغ عدده 300 نائبا  تبدأ الحكومة مفاوضات مع الحكومات الولائية الأخرى  وتقدم أقصى ما يمكن من تنازلات لإنتخاب أعضاء البرلمان الآخرين من ولايات بونت لاند وجوبالاند واجراء الانتخابات الرئاسية بأجواء توافقة تعطي شرعية كاملة للرئيس فرماجو في حال إعيد انتخابه .

 في هذا السياق لابد من التأكيد على أن حدوث هذا السيناريو محفوف بالصعوبة رغم كونه الخيار المفضل للحكومة وذلك لثلاثة أسباب رئيسية، السبب الأول أن قوى المعارضة والحكوما الإقليمية لن تسمح بحدوث هذا السيناريو، وأنها تتوعد القيام بكل ما يتوفر لديها من أوارق سياسية وأمنية واجتماعية من أجل افشال هذه الخطة وأنها تنوي وفق مصادر مطلعة تنظيم مظاهرات واحتجاجات عارمة في العاصمة مقديشو وولايات هيرشبيلي ، وجلمدغ لمنع اجراء الانتخابات بأجواء آمنة وهادئة. والسبب الثاني هو أن ولاية جوبالاند لن تسمح هي أيضا بتمرير خطة الحكومة في محافظة  جدو التابع لها وأن هناك مؤشرات على امكانية اندلاع مواجهات في الاقليم لعرقلة الانتخابات.

العامل الثالث هو المجتمع الدولي  لن يسمح بإجراء انتخابات لا تتوفر لديها شرط التوافق، ولن يعترف بنتائجها وأنه سيضغط الرئيس فرماجو وحكومته بتأجيل الانتخابات والتوصل إلى تفاهمات مع الحكومات الولائية المعارضة والقوى السياسية الأخرى الرافضة للمسار الانتخابي التي تقودها الحكومة المركزية.

السيناريو الثالث هو الأسوأ وهو أن تستمر الأزمة إلى أن تنتهي ولاية الرئيس محمد عبد الله فرماجو ويحدث فراغ دستوري ما يفتح الباب أمام مستقبل مجهول قد يقوض بالإنجارات المحرزة خلال الأعوام الماضية سواء في المجال السياسي أو الأمني والاقتصادي ، لكن مع ذلك تعتبر قوى المعارضة هذا السيناريو الخيار الذي لامفر منه وتقول إنه يضع حدا لطموحات الرئيس فرماجو، بل يؤدي إلى حرمانه حتى من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة  بسبب دوره في زج البلاد إلى  فوضى سياسية وأمنية كان بالإمكان تفاديها. وتتصور المعارضة بإن الرئيس فرماجو سيفقد شرعيته بعد 8 فبرير عام 2021 وأنه وفقا للدستور فإن البرلمان الحالي سيعود للإنعقاد في فترة زمنية محددة وسيختار رئيسا مؤقتا. وعلى هذا الأساس من المستحيل أن يعيد أعضاء البرلمان الحالي انتخاب محمد عبد الله فرماجو رئيسا للبلاد لفترة ولائية ثانية بحسب رأي قوى المعارضة.

خاتمة

يتجه الصومال نحو مسار خطير يحتم كافة الأطراف السياسية على ادراك خطورة الموقف وتقديم تنازلات حقيقية يحفظ ماء وجه الجميع وأن من بين أبرز الخيارات المتاحة لحل المشكلة هو تأكيد الشراكة الحقيقية عبر شرطين أساسين، هما:

الشرط الأول تهدئة الأجواء السياسية والأمنية في محافظة جدو وبما يسمج إجراء انتخابات توافقية في المحافظة تشرف عليها بصفة مشتركة الحكومة الفيدرالية وولاية جوبالاند، وبمجرد قبول الحكومة الفيدرالية هذا الشرط، فإنه لاشك أن جميع رؤساء الحكومات الولائية ستشارك في الانتخابات ولن يكون لديها مبرر معقول يدفعها نحو رفض اجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد.

أما الشرط الثاني يتمثل في تعديل تشكيلة اللجنة الإنتخابية وضمها شخصيات وطنية معروفة تخطى بقبول واسع لدى مختلف الأطياف السياسية في البلاد ويشهد لها بالعدالة والنزاهة، وأن تحقيق هذا الشرط سيسحب البساط من أيدي قوى المعارضة ويفقدها أي مبرر لدفع الصومال نحو فراغ دستوري وضرب الإستقرار الهش، وكذلك تحقيق هذين الشرطين يفتح المجال أمام امكانية اجراء انتخابات رئاسية تتمتع بقدر معقول من النزاهة والشفافية.

Exit mobile version