مضى الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو في تصعيده ضدّ كينيا، بإعلانه قطع العلاقات الدبلوماسية معها واستدعاء موظفي الخدمة الخارجية التابعين له من نيروبي على خلفية ما وصفه بـ”التدخل المتكرر” في شؤون الصومال الداخلية.
وجاء الإعلان في وقت تستعد فيه مقديشو لإجراء انتخابات طال انتظارها، واستضافة كينيا قادة أرض الصومال (صوماليلاند) الانفصالية التي لم تعترف بها الحكومة المركزية في مقديشو وتعتبرها تابعة للصومال.
وتتهم جهات سياسية الرئيس فرماجو بتعمّد تفجير مجموعة من الأزمات، وتبني سياسات تعطل إجراء الانتخابات وتزيد من وتيرة الارتباكات والتحولات السلبية في المشهد السياسي العام.
وأبلغ وزير الإعلام الصومالي عثمان أبوبكر دوبي الصحافيين بأنه تم منح الدبلوماسيين الكينيين في مقديشو مهلة مدتها سبعة أيام للمغادرة وأنه سيتم استدعاء ممثلي الصومال لدى نيروبي.
وقال في مقديشو إن “الحكومة الصومالية تعتبر الشعب الكيني مجتمعا محبا للسلام يرغب في العيش بانسجام مع باقي المجتمعات في المنطقة. لكن القيادة الكينية الحالية تعمل على خلق فجوة بين الطرفين”.
وأضاف “اتّخذت الحكومة هذا القرار ردا على الانتهاكات السياسية الصريحة المتكررة والتدخل من جانب كينيا في سيادة بلدنا”.
ويرى متابعون أنّ الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو يمهّد بهذه الخطوة لإشعال حرب مع ولاية جوبالاند، التي يتهم كينيا بدعمها، وذلك لضمان إعادة انتخابه والبقاء في السلطة.
وتدعم كينيا رئيس إقليم جوبالاند جنوبي الصومال أحمد مدوبي، الذي لا تعترف به مقديشو، في ظل احتقان سياسي بين المعارضة والحكومة الصوماليتين.
وكان موقع “عاصمة أون لاين” الإخباري الصومالي المستقل، كشف في تقارير سابقة عن مخاوف من مواجهة عسكرية وشيكة بين القوات الصومالية الفيدرالية وقوات ولاية جوبالاند المحلية الموجودة في مديرية “عيل واق” بمحافظة غدو.
وتقع محافظة “غدو” جنوبي البلاد، وتتبع إداريا ولاية جوبالاند، وتتكون من 9 مديريات، وهي محافظة حدودية يحدها كل من إثيوبيا وكينيا.
وأواخر نوفمبر، استدعت الحكومة الصومالية سفيرها لدى نيروبي، محمود أحمد نور ترسن، وأمرت السفير الكيني لديها لوكاس تومبو بالعودة إلى بلاده.
ويتهم الصومال كينيا بالتأثير على رئيس جوبالاند لتنفيذ مصالحها السياسية والاقتصادية، ما يقوض الاتفاق السياسي الصومالي المبرم مؤخرا في انتهاك للممارسات الدبلوماسية.
وأفادت تقارير بأن إدارة ولاية جوبالاند تجري مشاورات لتحديد موقفها من تنفيذ الاتفاق السياسي حول الانتخابات في ظل أزمة إقليم غدو ورفض الرئيس الصومالي إجلاء القوات الحكومية في تلك المحافظة، وهو المطلب الرئيسي الذي تطالب به الحكومة الإقليمية لإجراء انتخاب 16 مقعدا من مجلس الشعب الصومالي في عاصمة غدو مدينة غربهاري.
والأسبوع الماضي أعلنت حكومة ولاية جوبالاند الإقليمية أنها لن تعقد انتخابات في إقليم غدو بالولاية ما لم تسحب الحكومة الفيدرالية قواتها من الإقليم.
ويقول مراقبون إن فرماجو يسعى لتمديد فترة حكمه عبر إجبار ولاية جوبالاند على إعلان انسحابها من الاتفاق السياسي وإعادة الحوار السياسي بالصومال إلى نقطة الصفر أي ما قبل 4 أشهر، وبالتالي بقاءه على رأس السلطة دون انتخابات.
وتعتبر مقديشو أن رئيس جوبالاند أحمد مدوبي تراجع عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 17 سبتمبر في مقديشو بشأن الانتخابات، استجابة لإملاءات نيروبي.
وتوقعت تقارير صومالية اندلاع قتال بين قوات صومالية وأخرى كينية بالمنطقة، إذ سبق أن اتخذت كينيا مواقف تصعيدية ضد الصومال، حيث منعت الرحلات الجوية المباشرة بين مقديشو ونيروبي، وأوقفت منح تأشيرة دخول في المطار لجواز السفر الدبلوماسي الصومالي، وإعادة ثلاثة نواب صوماليين إلى بلدهم، لعدم امتلاكهم تأشيرات دخول، في ظلّ إصرارها على دعم إقليم جوبالاند.
وكانت الحكومة الفيدرالية قد نشرت قوات في إقليم غدو مطلع هذا العام بعد تدهور العلاقات مع جوبالاند، واشتبكت القوات في قتال مميت مع قوات الإقليم الانفصالي التي أجبرت على العبور إلى الجانب الكيني.
وحثت الولايات المتحدة الرئيس فرماجو في وقت سابق على سحب القوات التي أرسلها إلى إقليم غدو ووصفت ذلك بأنه إهدار للموارد اللازمة لمحاربة جماعة الشباب المتشددة.