لقاء مفتوح مع المرشح للرئاسة الصومالية عبد الكريم جوليد حول الانتخابات
عقد المرشح الرئاسي عبد الكريم حسين جوليد لقاء مفتوحا مع قطاعات من المجتمع الصومالي من بينهم نواب في البرلمان الحالي، وناشطون من المجتمع المدني، وطلاب من الجامعات، والشباب، والمرأة الصومالية.
اللقاء الذي بثته قناة (صومالي كيبل) على الهواء مباشرة، وأداره الصحافي حسن عدّي عبارة عن أسئلة مباشرة يوجهها الجمهور للمرشح عبد الكريم حسين غوليد حول الوضع الحالي والانتخابات المقبلة، وبرنامجه الانتخابي العام حول السياسات، والتنمية، والشباب، والمرأة، والأمن، والفدرالية، والدستور، والعلاقات الخارجية، والمشاريع التنموية، وغيرها.
وفي أثناء اللقاء المفتوح تطرق غوليد إلى مسار الدبلوماسية الصومالية التي تعاني من أزمات كثيرة، والمشاكل الخارجية والإقليمية، وسياسة التوافق الداخلي والتشاور مع الأطراف الأخرى، كما تطرق إلى أن الحكومة الحالية فشلت في أهم القضايا الرئيسية مثل اكتمال الدستور وحل قضية أرض الصومال، وتحقيق التوافق الداخلي والتماسك الاجتماعي.
وفيما يلي نص الحوار:
1- كل من يترشح لديه سوابق يُتَذكَّر به، فماذا يتذكَّر الشعب بالسيد عبد الكريم حسين غوليد؟!.
طبعا يتذكر الناس بعبد الكريم حسين غير سياسي يخدم ضعاف الناس، لكوني عملت منذ فترة طويلة في مجال الشؤون الإنسانية، أما القطاع الشبابي والتعليمي فيتذكرونني مربّيا عمل في القطاع التعليمي، ويمكن أن أفتخر بأن كثيرا ممن يقل أعمارهم عن الأربعين تعلموا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في المؤسسات التعليمية التي كنت مشرفا عليها، ولو لا تلك الجهود لضاعت أجيال من التعليم، وفي مجال المجتمع المدني يتذكرني الناس بأنني كنت ناشطا يقوم بنصرة قضايا المجتمع وظروفه المختلفة. أما في المجال السياسي فقد ساهمت في إعادة بناء المؤسسات الأمنية، وعندما توليت وزارتي الداخلية والأمن كنت أشرف على دائرة الجوازات والجنسية والهجرة، وكانت هذه الهيئة تمنح الجوازات والوثائق لكل من يطلبها من غير تدقيق لخلفيته، والحمد لله فاليوم دائرة الجوازات لها مرجع تبدأ من البلدية وحتى البحث الجنائي والجوازات، وهذا يدل على التطور الإيجابي في الوثائق والهوية الوطنية. وشاركت أيضا في إعادة بناء جهاز الأمن والمخابرات والشرطة الوطنية،وتطبيق الفيدرالية في الأقاليم الصومالية، وفي فترة تولي وزارة الداخلية تم تأسيس ولايات جوبالاند وجنوب الغرب ثم غلمدغ التي كنت من مؤسسيها.
2- على الرغم من أنك لم تكن على هرم السلطة إلا أنك كنت الرجل الثالث في نظام الرئيس السابق حسن شيخ محمود، وكنتَ استقلت من مناصبك في تلك الفترة مثل وزارة الأمن ورئاسة غلمدغ، هل كان هناك اختلاف رؤية بينك وبين الرئيس حسن شيخ، خاصة أن كلاكما الآن مرشحان للرئاسة؟.
أريد أن أقول لك: لا يوجد شخص منسوخ عن شخص آخر، وإن كانا ولدًا ووالده، وإذا أنت لم تكن صاحب القرار الأخير فمهما كان تأثيرك كبيرا فلن تتمكن من تحقيق طموحاتك. ورغم أنني كنت مؤثرا وصديقا مقربا من الرئيس السابق إلا أنني أعتقد أنني لو كنت في هرم القيادة لعملت أشياء أكثر مما تم إنجازه، ولم تكن لتقع تجاوزات كان الأحسن الحذر منها.
3- كنت ممن ساهم في الثورة الشعبية ضد زعماء الحرب، وفي تجاوز الصومال المرحلة الانتقالية، ودخولها في المنتديات الدولية، هل كان هناك تركة جيدة للنظام السابق، وهل الآن لدى المرشحين سيناريو إذا لم يسلم الرئيس الحالي السلطة؟، وهل عندك أجندة في تغيير نظام اقتسام السلطة الآن؟!.
الصومال يتعافى من حروب طاحنة ومن عدم الثقة الذي سبب في حدوث شرخ كبير بين المجتمع، ولذلك فكل خطوة كانت تخطوها الحكومات السابقة لم تكن تخلو من نوع من الترفق والرويَّة والتمهل، وكانت الأنظمة السابقة تعمل على أساس أن البلاد فيدرالية لاتتركز السلطة في بوتقة واحدة، ومن الضرورة إجراء المزيد من التشاور واقتسام السلطة، أما النظام الحالي فيبدو أنه يتخطى تلك الرؤى، فالنظام الذي يقوده الرئيس فرماجو منذ أربع سنوات لا يعمل من أجل توسيع التشاور، وكل خطوة يتخطاها تفرّق بين المجتمع، وايضا تعمل هذه الحكومة في عقلية الحكومة المركزية السابقة، وأنتم ترون مدى الخلافات السياسية بين الحكومة المركزية والولايات الإقليمية، وما زالت الخلافات موجودة، وبالتالي فلسفة الحكم والنظام الحالي من الصعب حلها في الحكومات اللاحقة قبل أن تعمل في تنفيذ أجنداتها، فقبل أن يتولى الرئيس فرماجو الحكم كان الجميع عندهم أمل، ومع الأسف بعد أربع سنوات فإن الأزمة قائمة بل تدهورت الأوضاع.
أما عن خطط المرشحين فنحن 14 مرشح تجمعوا للسباق الرئاسي، والسباق يقع بين متنافسين بينهما حَكَم عادل، لكن كيفية تشكيل الحكومة اللجان الانتخابية أو تدير هذا النظام الانتخابي تنبؤ عن أن الرئيس فرماجو غير مستعد للسباق، وهذا له سابقة في الحكم الديكتاتوري، الذي هو الحكم الذي أورثنا كل ما نحن فيه من المحن، ولذلك فإننا نشعر بالخطر، والبلاد تنجرف نحو الهاوية، وهذا الشعور هو الذي جمعنا، وليس قصدنا بث الكراهية وخلق الفوضى، بل نريد أن يجري الرئيس فرماجو انتخابات تشبه الانتخابات التي جاء به إلى السلطة، وبارك فيه الزعماء السابقون، وإذا فاز بطريقة شرعية فإننا سنهنؤه وتعمل معه، ولذلك عليه ألا يقلق في مصيره فهناك رؤساء سابقون محترمون. أما أجنداتنا ورؤانا فإننا كتبناها في إصدارات منشورة: إننا نريد عقد انتخابات نزيهة، ونعارض كل طريق لاختطاف إرادة الشعب، ولا شك أنها تؤدي إلى الانهيار، فانتخابات 1968 اختطفها الحزب الحاكم آنذاك، وأدت إلى اغتيال رئيس الجمهورية شرمأركي، وخروج البلاد من العهد المدني إلى العهد العسكري ثم إلى انهيار الدولة بأكملها. لا يمكن أن نعود بعد عقود إلى هذا المسلك.
4- ذكرت أنك عندك خبرة يمكن من خلالها حل الأزمات، وكما تعلم فإنه لم تتحقق كثير من الإنجازات الأمنية والسياسية منذ عقد أو أكثر رغم محاولة الحكومات ذلك، فهل عندك رؤية وأجندة واضحة ومكتوبة على الأقل أمن وإدارة مقديشو بشكل أحسن؟.
مقديشو هي عاصمة الأمة الصومالية، وتحتاج إلى إيضاح مقامها كما في الدستور، فالساكون فيها لهم حقوقهم، والشعب الصومالي برمته له حقوق في العاصمة، وأتعهد بأنه إذا تم انتخابي فإني سأشكل إدارة منتخبة في غضون عام الأول، وأن أحقق مقام مقديشو في غضون عامين، وبالتالي فإدارة العاصمة ستكون منتخبة يمكن محاسبتهم من قبل الشعب.
5-فيما يتعلق بانتخاب نواب أرض الصومال في مقديشو قد أصدرتم بيانا بضرورة انتخابهم في مقر القوات الجوية، ما هو القلق تجاه ذلك؟.
هذا القلق كان مستمرا منذ سنوات ولم يكن وليد اليوم، لأن هؤلاء الأفاضل لهم مناطق وإدارة، ولهذه الإدارة الحق في إدارة انتخابهم كممثلين، هذا هو الأصل، ولكن “أرض الصومال” ليست عضوا في النظام الفيدرالي الصومالي ولذلك أصبح وضعهم استثناء، ولكن من الضروري إيجاد ثقة في عملية انتخابهم.
في الانتخابات السابقة كان رئيس البرلمان جواري هو المشرف الأساسي على انتخاب هؤلاء النواب في مقديشو لكونه خارج السلطة التنفيذية ولكونه محايدا. أما اليوم قلنا ليتولى رئيس مجلس الشيوخ عبدي حاشي في تنظيم انتخابهم لكونه غير مرشح، ومحايدا. أما المقر فإننا نشعر بالقلق من عدم شعور هؤلاء بالحرية في اختيار أنفسهم، وتدخّل الحكومة في انتخاب الأعضاء، ولهذا فقبل أربع سنوات قد تم نقل مقر الانتخابات من مقر أكاديمية الشرطة إلى خيمة القوات الجوية، وكان الرئيس فرماجو عندما كان مرشحا من ضمن من طلب ذلك.
6- ما هو التنازل الذي قد تبدونه في حال تعنت الرئيس فرماجو في التشبث بالسلطة؟.
على رئيس الدولة مسؤولية كبيرة لكونه انتخب لهذا الوطن، وأقسم بالله على حماية القانون والدستور، ومطالبنا لا تخالف الشرعية، بل نطالب بحماية الدستور والقانون، ولذلك لا أتوقع أن يتجاوز الرئيس ذلك، وأن يجري انتخابات فوضوية، ولكن إذا رفض ذلك وأصر على التلاعب بالقانون، وقبلنا ذلك منه فإن البلاد ستتجه نحو الأسوأ،وطريق اللاعودة، فمطالبنا شرعية وهو عقد انتخابات شرعية متفق عليها، ولن نتنازل عن ذلك، وسنستخدم كل الطريق للضغط علي الحكومة من أجل ذلك.
7- كل رئيس منتخب يخلط بين رأيه وبين تطبيق الشرع والقانون، ولذلك ينتهك القانون، وأيضا يستخدم الجيش لأغراض سياسية، فهل ستكون مغايرا عنهم؟.
الجيش موجود لإثبات أمن الوطن، وعلى كل مواطن صومالي أن يثق في الجيش، فالجيش هو حامي الوحدة إذا دخل الوطن في نزاعات، فانخراط الجيش في السياسة أمر له خطورته، وهو المسبب الرئيس لانهيار الدول، وفي عام 2007 وقعت أزمة انتخابية في كينيا المجاورة ونجا الوطن من الانهيار بسبب قوى الأمن والجيش، ولكن لو اعتقد الشعب الكيني أن الجيش منحاز لجهة لاستمرت الأزمة والتقاتل، فالجيش له عملياته وخططه. الجيش الصومالي وقوات الشرطة يعملون في ظروف صعبة ومن اللائق إعطاؤهم حقوقهم اللازمة، وحمايتهم من الانخراط في السياسة.
8-وصف رئيس ولاية جوبالاند السيد أحمد مدوبي القوات العسكرية في محافظة غدو بالمليشيات، هل من الممكن أن يصبح ملف غدو عقبة في الانتخابات؟.
قضية محافظة غدو من القضايا الرئيسية الخلافية في الانتخابات، وسبب ذلك أن المحافظة تابعة لإدارة صومالية معترفة بها من قبل الحكومة الفيدرالية والمجتمع الدولي هي ولاية جوبالاند، ولها الحق – أعني إدارة جوبالاند – أن تدير مجريات الانتخابات في غدو مثل إدارات الولايات الأخرى الصومالية، فاللجان الانتخابية المحلية لا بد وأن تأتي من إدارة جوبالاند، وأيضا هناك إدارة في غدو معيَّنة من قبل الرئاسة الصومالية في مقديشو، وليس لها الحق في ذلك، والقوات العسكرية هناك ليست متوافقة بين الطرفين، بل هي قوات لتقويض نظام أحمد مدوبي في كيسمايو، وتقسيم جوبالاند، وفصل محافظة غدو عن إدارة جوبالاند، ولذلك فإننا نطالب بحل هذه الإدارة غير الشرعية في غدو، وإذا لم يتوافق الطرفان على هذه القوات العسكرية فإننا نطالب أيضا بسحبها من الإقليم، وأن تدير ولاية جوبالاند الانتخابات مثل الحال في الولايات الأخرى.
9-رئيس ولاية غلمدغ أحمد قورقور يظهر هذه الأيام كوسيط بين الرئاسية الصومالية وبين المرشحين المعارضين، هل هناك مبادرة جادة للتفاوض بينكم وبين الرئيس فرماجو؟!.
أقول ولو على وجه الدعابة بأن الرئيس قورقور ليس نزيها عندنا، لأن اللجنة الانتخابية التي شكلها من ضمن ملاحظاتنا، لكن إذا أبدى لنا حسن النية والجدية في حل الأزمة فلا نرفضها. وفي وقت سابق زارنا في مقرنا وقال بأنه يريد أن يتوسط في حل الأزمة، وسألناه هل عندك تفويض من الطرف الآخر؟ قال لا، قلنا له: نحن ليس عندنا مشكلة في ذلك، ولكن خذ التفويض من الطرف الاخر، وهذا يدل على حسن النية من طرفنا.
10- هناك تدهور ملحوظ في العلاقات الصومالية الكينية، كيف ستواجهها إذا تم انتخابك، وما هو موقفك من الأزمة الحالية بين البلدين؟.
كينيا دولة جارة، بيننا حدود طويلة، وهناك نحو نصف مليون لاجئ صومالي يقيم في كينيا، وأيضا هناك تجارة كبيرة في العاصمة نيروبي والمدن الأخرى، والعلاقات التي تربطنا ليست مثل هذه البساطة، ولا يمكن الدخول بسببها في حملات انتخابية. كلنا نعلم أن الرئيس فرماجو عندما كان مرشحا للرئاسة كان مقر حملته في العاصمة الكينية نيروبي، وكانت حملته تتركز على أن إثيوبيا هي العدو، وأن كينيا صديقة، والغريب أنه يقول الآن بأن كينيا هي العدو وإثيوبيا صديقة، فالسياسية الخارجية والعلاقات الدولية أمر مصيري لا يمكن المقامرة فيها أو استخدامها كحملة انتخابية، فنحن لا نستغني من الدول المجاورة كلها، ومن اللازم أن تكون بيننا علاقات تعاون، وكل ما من شأنه أن يسبب الخلافات والنزاعات فينبغي أن يحل عبر الدبلوماسية وعبر القانون الدولي. ومع احترامي للرئيس فرماجو كانت عداوة إثيوبيا أساس حملته الأولى، والآن يريد أن يجعل نفسه الوطني الوحيد، وما عداه خائنا!!. حقيقة أنا لم أكن أظن أنه بعد تسليم المناضل عبد الكريم قلب طغح إلى إثيوبيا عام 2018 أن الرئيس فرماجو سيرفع شعار الوطنية من جديد!!. الأزمة الدبلوماسية مع كينيا ينبغي أن يحل عبر طرق ودية وقانونية، بعيدا عن خلق الكراهية بين الشعبين وبين الدولتين، وإلا فإننا من ندفع الثمن أكثر من كينيا.
سياستي الخارجية – إذا أنا فزت في الانتخابات – ستنبني على سياسية هادئة ترعى المصالح العليا للوطن، ومصالح الأمم الأخرى، وتصفير المشاكل مع الدول لكوننا نحن من يتعافى عن الصراعات المزمنة، أما قضية استدعاء السفير الصومالي ومغادرة السفير الكيني فهذا مسيس لا تخدم المصالح العليا للوطن، ولا يخلو من استخدامه لحملة انتخابية خاصة.
11- أصبح من ضمن العرف السياسي الصومالي أن أي مرشح تدعمها دولة أوجهة أجنبية، هل هناك جهة تدعمك؟!
أنا لا أنتظر الدعم إلا من الشعب الصومالي، ولست مدعوما من الخارج، ولا أرى شخصيا صحة هذه النظرية، لأن الرئيس المنتخب المدعوم خارجيا سيصبح أسيرا لتلك الجهة، وليس قائما بمصالح الشعب، وهذا ليس فيه مصلحة البلاد والشعب، أما أنا فمحليّ مائة في المائة لم يخرج من وطنه طيلة هذه الفترة الماضية، وأفتخر أن قطاعات الشعب من التجار والأعيان والمثقفين هم من سيدعمونني.
12- أيضا أصبح من ضمن العرف السياسي الصومالي أن كل رئيس فائز في الانتخابات دفع أموالا للنواب بغرض التصويت له، وكذلك النواب يدفعون للمنتخبين، ويبدو أننا نسير في هذا الاتجاه مادام أن الانتخابات ستكون غير مباشرة، برأيك هل ستصبح رئيسا للجمهورية وأنت لم تدفع شيئا؟!
هذا من ضمن ما سنحاربه، سنسعى إلى تصفية السياسة الصومالية من الفساد المالي والرشوة، لأن النائب البرلماني الذي انتخبك بالمال سيتحول إلى مشتري، لا يستطيع أن يحاسبك، وهذا السلوك ينبغي محاربته، فالناخب لا بد أن ينتتخب على أساس المبادئ والإنجازات لا على أساس من يدفع أكثر.
13- أصبح من ضمن العرف السياسي الصومالي قضية الخلاف بين الرئيس وبين رئيس وزرائه،كيف ستواجه ذلك.
التغييرات المتلاحقة لمؤسسات الدولة الصومالية ظاهرة سلبية، وهي جزء من معوقات إعادة بناء الدولة، لأن رئيس الحكومة الجديدة يعين وزراء جددا، وهؤلاء الوزراء يعينون وكلاء وزرات جدد. أنا لا أضمن في عدم نشوب خلاف بيني وبين رئيس الوزراء الذي سأعينه، ولكن أضمن أن لا يكون الخلاف بادئا من طرفي، ومن دأبي أن أراعي الكل، وأمسك العصا من الوسط.
14- أصبح من ضمن العرف السياسي الصومالي وجود أناس ذووا نفوذ كبيرة خلف الكواليس، وقد يكونون في بعض الأحيان أكثر نفوذا من الرئيس، وحتى بعض الناس يسميهم مالك الدولة الصومالية، هل يمكن أن تغير هذا النهج؟!
أنا أعارض تسمية شخص بأنه مالك للدولة، فالصومال ملك لكل مواطن، وليس وطنا يمكن تمليكه، وحتى شخصية رئيس الجمهورية لا يمكن تمليكها، أنا اشتغلت مع رئيس جمهورية وكنت من أصدقائه المقربين. نعم يمكن أن تكون صديقا له أو مستشارا له، ولكن إطلاق رئيس منتخب بأنه ممتلك من قبل شخص فهذا لا ينبغي لأنه يلطخ سمعة الرئيس، كما يلطخ سمعة من يسمَّى بذلك، فالرئيس هو الشخص المنتخب، وهو الذي سيتحمل المسؤولية وأن لا يتهرب عنها، وعليه أن يخاطب الجمهور إن أحسن أو أساء. وأعتقد أن هذه النظريات أو الشعور جاءت نتيحة أن الرئيس محمد عبد الله فرماجو دأب أن لا يفسح عن رأيه علنا، وأن لا يعلق على الأحداث، ومن الطبيعي أن أشخاصا آخرين خلف الكواليس سيملؤون الفراغ.
15- يتنافس في الساحة الصومالية دولا على المستوى الدولي والإقليمي، ولم تجد الصومال حليفا استراتيجيا يقف معها ويخرج من محنتها، فهناك دول مثل سوريا وجدت حلفاء، وكذا العراق، وإذا تم انتخابك للرئاسة فهل من الممكن أن تجد حليفا استراتيجيا سواء كان مثل الولايات المتحدة أو غيرها.
منذ استقلال الصومال كانت سياستنا الخارجية مضطربة، ففي بداية الستينات كان الصومال حليفا للغرب، وبعد ذلك تحول بشكل مفاجئ إلى الاتحاد السوفييتي، وعقد الرئيس عبد الرشيد شرمأركي معاهدات مع السوفييت بشأن تأهيل القوات الصومالية، وهذا ما أقلقت الدول الغربية التي كانت حليفا استراتيجيا للصومال، وبعد مجيء الدولة العسكرية توطدت تلك العلاقة مع السوفييت، ولكن حدثت مفاجأة عندما أمر الحكومة العسكرية السوفييت مغادرة البلاد وقطع العلاقات الدوبلوماسية، وهذا كله أدى إلى عدم ثقة الدول بالصومال من الناحية الاستراتيجية، وهذا مما لا يصب في مصلحة الصومال، وبسببه فقدنا الحليف الاستراتيجي.
وإذا أنا أصحبت على هرم السلطة بإذن الله فإنني سأحاول خلق سياسية علاقات خارجية يمكن الوثوق بها، لها أصدقاء دائمين وحلفاء طبيعيين.
16- تم تدريب القوات الصومالية من قبل 15 دولة منذ خمسة عشر سنة، ونحن لا نرى حتى الآن جيشا موحدا يمكن الوثوق به، ويقيم مقام قوات أميصوم التي تتواجد في الصومال منذ عام 2007م، وهذه من العقبات الأساسية للدولة الصومالية، ما هي خطتك تجاه ذلك؟.
لا شك أن قوات حفظ السلام الإفريقية أميصوم قدمت للبلاد الكثير منذ 13 عاما، ولكن الحقيقة أن القوات الأجنبية لن تلبي طموحنا، فلا بد من قوة وطنية تحمي حدود البلاد، وتصون أمنه واستقراره، والطريقة الوحيدة لبنائه هو إيجاد سياسية مجمع عليها، يتم من خلالها بناء الجيش على سياسة متوافق عليها بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية، يمكن أن يكون موثوقا به عند الجميع، ويكون ملامحه وطنية لا قبلية أو إقليمية. وبإذن الله سيكون أساس أجندتي هو إيجاد أرضية لبناء هذا الجيش القادر على بسط الأمن في ربوع البلاد، ويكون موثوقا عند الجميع.
17- هل يمكن أن تتنازل لموشح تظن أنه أجدر منك بقيادة البلاد؟.
لو كنت أعتقد أن هناك شخصا هو أجد مني بهذا المنصب لكنت أقف وراءه ولم أترشح، ولكن عندما نظرتُ إلى حولي عزمت على أن أكون الأليق.
18- هل هناك أجندات واضحة ومكتوبة تركز عليها إذا فزتَ في الرئاسة؟
من أهم برامجي السياسية توفير فرص العمل للشباب، فمنذ أربع سنوات الماضية تخرج نحو 45 ألف طالب، ولم تخلق الحكومة فرصة واحدة لهم، وقد تم توظيف %17 منهم لدى القطاع الخاص، بمعنى أن 32 ألف منهم عاطلون، وليس للدولة أن تخلق الفرص الوظيفية من القطاع العام فقط، بل يمكن أن تخلق فرصا عديدة في القطاع الخاص وذلك بوضع الخطط في توفيره، وإذا لم يتم توفير الفرص الوظيفية فيمكن أن يتوقف الشباب عن التعليم، ويواجه الشباب الأخطار.
19- لقد أصبحت رئيسا لولاية غلمدغ، هل حدثت أثناء الانتخابات السابقة تجاوزات يمكن أن تندم عليها؟!.
كل من يتولى السلطة لا بد وأن توجد لديه أخطاء مع الإيجابيات طبعا، والكمال لله عز وجل، أما نظام الانتخابات في غلمدغ فإنه بالمقارنة مع الولايات الأخرى كان الأشبه بالمثالية، لماذا؟ فغلمدغ هي المنطقة الوحيدة التي أنتجت معارضة محافظة وأخرى معارضة، وأعضاؤها سواء كانوا معارضين أو محافظين كانت أصواتهم بارزة، وتأثيرهم كان ظاهرا في الساحة السياسية، ولكن لو كنا نظَّمنا انتخابات غير متكافئة لما أنتجت غلمدغ هذه النخبة الفريدة، بل إن الانتخابات هناك كانت على أساس من الذي ينقذ مصالح البلاد.
20- القيادة الحالية لا تتقارب مع الصحافة الحرة وتغطيتها، إذا أنت تولَّيت السلطة هل يمكن أن تلتقي مع الصحافة كل شهر، وأيضا هل ستتشاور مع البرلمان إذا عقدت اتفاقات دولية؟
أنا كنت صديقا للصحافة، وعندما كنت وزيرا للأمن كنت دائما مستهدفا من قبل الصحافة، ولم أفعل شيئا بضدهم، وإذا توليت السلطة فسأكون صديقا للصحافة، وأعتبر انتقاداتهم وملاحظاتهم معتبرة.
أما البرلمان فأعتقد أن البرلمان هو السلطة العليا في البلاد، لأن نظام الحكم عندنا برلماني، وأعتقد ضرورة إعطاء البرلمان صلاحياته، وأن لا يتم دمج السلطات التنفيذية والتشريعية كما يحدث الآن، لأنه لن توجد محاسبة، فاستقلال مؤسسات الدولة السبيل الوحيد لبناء الدولة، ولن أتدخل في البرلمان.