مازال بعض المتابعين في الشأن الصومالي يعتقدون أن العلاقة بين الرئيس محمد عبدالله فرماجو، ومدير المخابرات فهد ياسين هي علاقة تتجاوز المناصب الرسمية إلى نوع من الشراكة في السلطة، وهذا ما توحي إليه بعض تصريحات المعارضة فضلا عن الاعتقاد العام المنتشر في الشارع. ومع ذلك، فإن مثل هذه العلاقات المبنية بالولاءات المرحلية قد تتداعى في أوقات الشد والجذب، ولاسيما في مراحل الانتقالية التي يتحسس فيها الرئيس مقعده الوثير.
وبما أن البلد دخلت في مرحلة الصخب الانتخابي نرى أنه يزداد التحدث عن في هذه العلاقة أكثر فأكثر، وخاصة أنها كانت تعتمد في جزءها الأكبر الدور القطري المؤثر في الانتخابات الصومالية في الأعوام الأخيرة، والذي يُعتقد بأن فهد ياسين هو الممثل الرسمي لهذا الدور، ومن المعروف أن سياسات الدول لا ترتبط بأشخاص، ولكنها تدور مع مصالحها، ولذلك من الممكن جدا أن يصبح الدعم القطري هذه المرة بلا وسيط.
– خيري وقطر
لذلك لا أستبعد أن يكون رجل قطر القادم رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، وقد أشرت سابقا إلى إمكانية تشكل علاقة متينة بين خيري وقطر، وأنها وصلت إلى حالة الاعتماد الرسمي للرجل في زيارته الأخيرة إلى قطر في شهر يرليو الماضي، ومن ثم ظهر الخلاف النهائي بينه وبين الرئيس الذي كان سببا لإقالته التي مثلت ونهاية علاقة طالما تباهى بها الرئيس!.
والمتتبع لعلاقات خيري مع القطريين يدرك جديتها، ففي ١٣ يوليو ٢٠١٩ زار وفد عسكري قطري إلى الصومال وتوجهوا مباشرة إلى مدينة طوسمريب ليلتقوا مع رئيس الوزراء هناك، وكذلك زار وفد قطري برآسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في١٩ أوغسطس ٢٠١٩، وكان في استقبالهم رئيس الوزراء حسن علي خيري، ولا ننسى أن هذا الوفد الرفيع قصد إلى البلاد في وقت كان رئيس الجمهورية خارج البلاد، وكان لهذه الزيارات دلالات واضحة تؤكد لنا ما يتمتع به خيري من علاقات متينة مع الدولة الأكثر تأثيرا في السياسة الصومالية منذ ٢٠١٢ وحتى اليوم، فضلا عن زيارته الأخيرة التي كانت شبه سرية!.
زمان الوصل الثاني:
واذا أدركنا متانة العلاقة التي كان يتمتع بها حسن خيري مع دولة قطر لا نستبعد أن تكون علاقته مع فهد ياسين في نفس الاتجاه ولاسيما اذا علمنا أن علاقة فهد مع القطريين لم تكن تتجاوز دور السمسار فقط، وأنه لا يستطيع أن يرفض من ترشحه قطر للمرحلة القادمة، ولكنه يستطيع أن يتماهى مع الرؤية القطرية وعلاقته مع السلطة، كما أنه يعرف متى يقفز من السفينة الغارقة حتى لا يضيع ما بعد المرحلة.
وبما أن دولة مثل قطر لا تضع بيضها في سلة واحدة بسبب فهمها العميق في السياسة الصومالية بإمكانها أن توفر دعما بسيطا ووعودا لفهد ياسين حتى لا يضطر الانفصال عن مجموعة فرماجو في وقت مبكر، ولكنه قد لا يسلم من الشكوك التي تحملها المرحلة الانتقالية مما يعجل انتهاء زمان الوصل الحالي بين الرجلين (فهد، وفرماجو)، ولاسيما اذا عرفنا الدور الحساس الذي يقوم به فهد ياسين حاليا المتعلق باختيار ومقابلة أعضاء البرلمان القادم، وهذا الدور هو الذي يمَكِّنه في أن يصبح الرقم الصعب في ليلة الانتخابات، وحينئذ يستطيع أن يتفاوض بموقف القوة بل ويرجح كفة من تميل إليه قطر، وهذا اذا لم ينته زمان الوصل قبل ذلك والتاريخ يكتب.