الدفاع والامنالرئيسية

واشنطن تختار أسوأ توقيت لإخراج قواتها من الصومال

انسحاب القوات الأميركية من الصومال تعد كارثة على أجهزة الأمن في المنطقة حيث ستجد حركة الشباب فرصة كبيرة للتوسع.

لم تشارك أي دولة في مستقبل الصومال مثل الولايات المتحدة، أما الآن تفكر إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في سحب عدة مئات من القوات العسكرية الأميركية من الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، فيما يعتبره بعض الخبراء أسوأ وقت ممكن.

وخلال ثلاثة عقود من الفوضى، مزقت حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة وجماعة مرتبطة بداعش، البلاد، التي بدأت في السنوات القليلة الماضية فقط في إيجاد موطئ قدم لها، حيث أعادت الولايات المتحدة سفارتها في مقديشو العام الماضي، بعد 28 عاما من فرار الدبلوماسيين والموظفين.

ويواجه الصومال موسما انتخابيا متوترا يبدأ في الأسابيع القليلة المقبلة لتحديد منصب الرئاسة والبرلمان. ويقول خبراء الأمم المتحدة إن حركة الشباب، التي يقاتل في صفوفها قرابة عشرة آلاف مقاتل، تمارس ابتزاز الشركات والمدنيين، وتعمل على تحسين مهاراتها في صنع القنابل.

وبدأت قوة عسكرية أكبر من أي وقت مضى، وهي قوة الاتحاد الأفريقي التي يبلغ قوامها 19 ألف جندي، انسحابها من بلد تعتبر قواته على نطاق واسع غير مستعدة لتحمل المسؤولية الكاملة عن الأمن.

وتقول كارا آنا في تحليل نشرته وكالة أسوشيتد برس إنه ليس من الواضح ما إذا كان ترامب سيأمر بسحب حوالي 700 من القوات العسكرية الأميركية من الصومال، بناء على أوامره الخاصة بأفغانستان والعراق، أو ما إذا كانت تلك الرغبة ستمر قبل أن يترك منصبه في يناير المقبل.

ولكن الفكرة تؤخذ على محمل الجد، حتى مع استمرار الضربات الأميركية بطائرات دون طيار في الصومال ضد مقاتلي الشباب وداعش من جيبوتي وكينيا المجاورتين حيث نفذت حركة الشباب هجوما مميتا ضد القوات الأميركية في وقت مبكر من هذا العام.

وشهدت القيادة الأميركية في أفريقيا “تحولا نهائيا” هذا العام في تركيز حركة الشباب على مهاجمة المصالح الأميركية في المنطقة، وفقا لتقرير صادر عن المفتش العام بوزارة الدفاع الأربعاء الماضي، والذي يشير إلى أن حركة الشباب هي الأكثر تهديدا في أفريقيا.

وتؤكد سميرة قايد، خبيرة الأمن القومي الصومالية التي عملت كمستشارة أمنية لرئيس الوزراء والمستشارة الخاصة لرئيس بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، أن “الخطوة الأميركية تعد كارثة على أجهزة الأمن في الصومال لأنها تسبب رد فعل طبيعي للذعر الذي عشناه سابقا، ولذلك نقول لماذا الآن؟”.

ورغم أن جهاز الأمن تحسن بالفعل خلال السنوات الثلاث والنصف السنة الماضية على وجه الخصوص، وحاولت مقديشو العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، إلا أنه لم يمكن الاستغناء عن الخطط العسكرية الأميركية لمكافحة الإرهاب.

وتقول قايد إن الجيش الأميركي يدرب قوات النخبة الصومالية في دانب، التي يبلغ عددها الآن نحو ألف، ويزودها بغطاء جوي واستخباراتي، فالمنطقة يتوسع فيها مقاتلو حركة الشباب، ولهذا السبب كان القرار صادما للغاية فهل من الممكن المضي قدما بهذه الخطة الآن؟

وتعمل وحدات الجيش الأميركي في دانب في أربعة من خمسة أقاليم في الصومال، وقد نفذت قرابة 80 في المئة مع قوات الجيش الوطني الصومالي في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام وجميع العمليات تقريبا ضد حركة الشباب.

ويرى عمر محمود، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، أن قوات دانب تعمل كنموذج لكيفية تطور بقية القوات العسكرية الصومالية لتكون “أكثر جدارة وأقل تركيزا على العشيرة”.

ويُنظر إلى خسارة القوات الأميركية على نطاق واسع على أنها مكسب لحركة الشباب ولوجود أصغر بكثير للمئات من المقاتلين التابعين لداعش في شمال الصومال. وهنا قال محمود “من وجهة نظر الشباب، هم بحاجة فقط إلى الصمود، وقد يسألون أنفسهم حتى عن الحاجة إلى أي مفاوضات محتملة على غرار طالبان”.

, واشنطن تختار أسوأ توقيت لإخراج قواتها من الصومال

وتعتقد خبيرة الأمن القومي قايد أن رسائل حركة الشباب أكدت دائما على بقاء الجماعة المتطرفة في السلطة و”هذه القوى الخارجية ستغادر دائما”، وبالتالي فإن الانسحاب الأميركي سيترك فراغا كبيرا.

ولا يرى محللون أي دولة أخرى يمكن أن تقوم بدور الجيش الأميركي، رغم أن الصومال لديه 1500 من القوات الخاصة التي دربتها القوات التركية، لكنه لا يستفيد من المستشارين الأتراك على الأرض، ولكن الانسحاب سيفتح المجال لقوى مثل روسيا والصين.

وقالت فاندا فيلباب براون، المديرة المشاركة لمبادرة الأمن الأفريقي في معهد بروكينغز، في حدث على الإنترنت هذا الأسبوع، إنه دون القوات الأميركية “ستجد الشباب أنه من الأسهل اجتياح قوات الاتحاد الأفريقي، ناهيك عن الجيش الصومالي”.

تعمل وحدات الجيش الأميركي في دانب في أربعة من خمسة أقاليم في الصومال، وقد نفذت قرابة 80 في المئة مع قوات الجيش الوطني الصومالي

وأشارت إلى أنه مع تزايد الضغط في النزاع الإثيوبي المجاور لسحب المزيد من القوات الإثيوبية من الصومال، فإن انسحاب القوات الأميركية “هو في الحقيقة أسوأ الأوقات”.

وكتبت فيلباب براون في تحليل نشر هذا الأسبوع تقول فيه إن من الأفضل إبقاء القوات الأميركية في الصومال إلى ما بعد الانتخابات على الأقل، محذرة من احتمال وقوع أعمال عنف بعد الانتخابات أو استغلال حركة الشباب أي فوضى.

ويترقب الصوماليون الانتخابات إذ من المقرر إجراء الانتخابات التشريعية الشهر المقبل والانتخابات الرئاسية في فبراير المقبل، وهي استحقاقات تأتي في ظل خلافات بين الحكومة الفدرالية والحكومات الإقليمية والتي قالت الولايات المتحدة إنها تضعف أيضا القيادة والسيطرة على القوات الصومالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق