الصومال اليوم

المؤتمر التشاوري لقوى المعارضة الصومالية: استقطاب لشرائح المجتمع دون تغيير الأهداف

واصل المؤتمر التشاوري لمرشحي الانتخابات الرئاسية في الموسم الانتخابي 2020/2021م أعماله بمدينة مقديشو اليوم الاثنين ولليوم الثالث على التوالي.

ويناقش المؤتمر الّذي يشاركه 12 مرشحا رئاسيا عدّة قضايا أساسية تهم الأوضاع السياسية في البلاد، أبرزها قضية تشكيلة اللجان الانتخابية على المستويين الفيدرالي والإقليمي.

ويرى طيف واسع من المعارضة أن اللجان الانتخابية المشكّلة خلال شهر نوفمبر الجاري، تفتقر إلى عوامل الاتصاف بالحيادية ومقومات الالتزام بالوسطية بين المتنافسين على الرئاسة الصومالية، إذ ينتمي معظم أعضائها – حسب القوى المعارضة – إلى مكاتب حكومية وأمنية مما ينفي عنها صفتي المصداقية والحياد.

ورغم أن قوى المعارضة لم تقدّم أدلة واضحة تثبت مزاعمها تجاه اللجان الانتخابية، إلاّ أن الحكومة أقرّت بوجود موظفين حكوميين في صفوف أعضاء اللجان الانتخابية وهو ما وصفته بالأمر غير المستحدث في طريقة تشكيلة اللجان الانتخابية، إذ ذكر مهدي محمد جوليد نائب رئيس الوزراء في إحدى تصريحاته الإعلامية أن اللجنة الانتخابية لعام 2016م ضمت في صفوفها موظفون حكوميون ينتمون إلى مكتبي الرئيس ورئيس الوزراء.

وقال مهدي في حديثه لوسائل إعلام حكومية في وقت سابق من الأسبوع المنصرم مؤكّدا على وجود موظفين حكوميين في اللجنة الانتخابية لعام 2016م: “ كان رئيس اللجنة الانتخابية لعام 2016م السيد عمر طغي مستشارا قانونيا للرئيس حسن شيخ محمود، كما كان من بين أعضائها محمد كينان الذي كان هو الآخر مستشارا كبيرا في الرئاسة الصومالية، ونفسة جيدي التي كانت من موظفي مكتب الرئيس، وعبدالرحمن شيخ معاوية نائب سكرتير مكتب رئيس الوزراء، ومستقيم الّذي كان مستشارا سياسيا لوزارة الشؤون الدّاخلية، لكن في المقابل، تضم اللجنة الانتخابية الحالية حسب ما انتهي إليه علمي شخصين من الموظفين الحكوميين الذين يعملون في مكتبي الرئيس ورئيس الوزراء”.

ونفى جوليد وجود رجال أمن في قائمة هذه اللجان الانتخابية، غير أن القوى المعارضة لا زالت تصر على وجود ضباط أمن في هذه اللجان، وهو ما دفع السياسي عبدالرحمن عبدالشكور زعيم حزب ودجر المعارض إلى القول بأن: “حكومة فرماجو بتعيينها ضباطا أمنيين أعضاء في اللجان الانتخابية تختار مع قيادة جهاز المخابرات والأمن الوطني طريق الاضطرابات السياسية والقلاقل الأمنية”.

إن مطالبات إجراء تعديلات على اللجان الانتخابية المشكلة قريبا لا تقتصر على دعوات القوى المعارضة فقط، بل هناك جهات اخرى تدعو إلى حلها، فقد دعت دراسة تحليلية أعدّها معهد هيريتج للدراسات السياسية إلى “حلّ هذه اللجان وتشكيل أخرى محايدة، يتم اختيار أعضائها من الشخصيات ذات السمعة الطيبة في المجتمع، وفي حال تعذّر تشكيل لجان محايدة، فمن الأفضل تشكيل لجان انتخابية تضم ممثلين عن جميع شركاء السياسة الصومالية”.

وطوّرت القوى السياسية طرق احتجاجها على تشكيلة اللجان الانتخابية، وانتقلت من مرحلة البيانات الفردية إلى البيانات الجماعية والمشتركة، ففي 10/نوفمبر/2020م، أصدر 12 مرشحا رئاسيا بيانا صحفيا مشتركا يطالبون فيه الحكومة الفيدرالية بحلّ هذه اللجان أو تعديل هيكل بنائها وإلاّ سيقاطعون الانتخابات الرئاسية لعام 2021م.

بعد هذا البيان بـ 10 أيام تقريبا، أي في الـ 20/نوفمبر/2020م، اجتمع غالبية المرشحين الرئاسيين في مؤتمر تشاوري بمقديشو يناقش كيفية التعامل مع السياسة الحكومية لإدارة الانتخابات المقبلة.

وكان المؤتمر التشاوري المغلق، منحصرا في يومه الأول على المرشحين الرئاسيين لانتخابات 2021م، إلاّ أنه تم توسيع دائرته في اليوم الثاني حيث أجرى المرشحون لقاءات واجتماعات متخصصة ومتفرقة مع منظمات المجتمع المدني وعلماء دين يشرحون لهم عدالة مطالبهم السياسية.

وانضم اليوم الإثنين وهو اليوم الثالث للمؤتمر عبده عبدالله حاشي رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان الفيدرالي، ومن أشد المعارضين لتشكيلة اللجان الانتخابية وخاصة تلك المختصة بتنظيم انتخابات المقاعد البرلمانية المنحدرة من شمال الصومال (صوماليلاند)، لدرجة وصل به الأمر إلى تشكيل لجنة انتخابية أخرى غير التي شكلها رئيس الوزراء تنظم انتخابات المقاعد البرلمانية المنحدرة من صوماليلاند الانفصالية.

وتشير الأنباء إلى تمديد فترة المؤتمر الّذي كان من المقرر أن يختتم أعماله اليوم الإثنين، إلا أنه تم تمديده إلى يوم غد الثلاثاء، ربما، لإعطاء مزيد من الوقت للقوى السياسية والمدنية المنضمة إليه مؤخرا!

يذكر أن المؤتمر في يوميه السابقين قرّر تشكيل لجان تحاجج رئيسي هيرشبيلي وغلمذغ بشأن اللجان الانتخابية المختصة بولايتيهما، كما تمت دعوة بونتلاند وجوبالاند إلى تغيير ممثليهما في اللجان الانتخابية على المستوى الفيدرالي بسبب انتمائهما إلى مكاتب تابعة لإدارة الولايتين.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر يمثل ورقة ضغط على الحكومة الفيدرالية يجبرها على الاستماع لدعوات المعارضة والاهتمام بها، وإلاّ سيتسع الخرق عليها بخروج بعض مناصريها من عباءتها، ما لم تكن هناك تدخلات المجتمع الدولي الّذي يملك الكثير من الوسائل لإقناع الأطراف الصومالية على الوصول إلى تفاهمات بشأن الخلافات السياسية المستجدّة.

Exit mobile version