قيادات صومالية تحذر من تداعيات انسحاب القوات الأمريكية على جهود مكافحة الإرهاب
أكد مشرعون ومسئولون حكوميون في الصومال أن سحب القوات الأمريكية من الأراضي الصومالية، الذي تحدثت عنه إدارة ترامب مؤخرا، ستترتب عليه تداعيات أمنية خطيرة؛ حيث سيزيل حاجز الردع والخوف الذي كان يمثله لتنظيم الشباب الإرهابي وغيره من الجماعات المتطرفة.
وقال رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الصومالي أحمد حاشى – في كلمة له أمام نواب البرلمان الصومالي – إنه “من المؤسف أن تدير الولايات المتحدة ظهرها للصوماليين في هذا التوقيت الحرج الذي يستعد فيه الصوماليون للانتخابات العامة في ديسمبر القادم والانتخابات الرئاسية في فبراير 2021”.
وتوقع رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الصومالي أن انسحاب القوات الأمريكية من الصومال قبل الانتهاء من مهمة تدريب قوات الجيش والأمن الوطني الصومالية سيشجع تنظيم الشباب وغيره من التنظيمات المتطرفة على التجرؤ بصورة أكبر وشن مزيد من الهجمات.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قد كشفت – في تقرير لها مؤخرا – عن اعتزام إدارة ترامب سحب 700 عسكري أمريكي من الصومال في إطار سياسة عامة لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق كذلك، بالإضافة إلى الصومال.
وبحسب الخبراء؛ لا تقوم القوات الأمريكية العاملة في الصومال بأية مهام قتالية سوى عمليات مكافحة الإرهاب واستخدام طائرات “الدرون” الاستطلاعية والهجومية لاستهداف معاقل مسلحي حركة الشباب، وبالإضافة إلى ذلك تقوم القوات الأمريكية في الصومال بتنفيذ برامج التدريب لقوات الجيش والأمن الوطني الصومالية الوليدة حيث تتمركز قوة التدريب الأمريكية في معسكر “دانب” الصومالي قرب مقديشيو إلى جانب تشكيلات “الكوماندوز” الصومالية الوليدة والمستجدة والتي يتم تدريبها ورفع كفاءتها القتالية بمعرفة العسكريين الأمريكيين.
ويرى الخبراء أن اختفاء المدربين الأمريكيين من المشهد العسكري والأمني في الصومال قد يعرقل جهود إعادة بناء الجيش الوطني الصومالي، وسيتيح مجالا لعمليات إرهابية إجهاضية لجهود بناء الدولة و الجيش الوطني الصومالي تقوم بها جماعات الإرهاب والعنف المنظم.
وبرغم أن القوات الأمريكية العاملة في الصومال لا تقوم بأية مهام قتالية في الوقت الراهن إلا أن عسكريين صوماليين قالو لمجلة “ذا تايمز الأمريكية” – دون الكشف عن أسمائهم – أن سحب القوات الأمريكية من الصومال في هذا التوقيت الحساس سيحدث انتكاسة معنوية خطيرة للعسكريين الصوماليين.
وبحسب المصادر الأمريكية: تقوم القوات الأمريكية العاملة في الصومال بين الحين والآخر بشن هجمات جوية ضد معاقل حركة الشباب الإرهابية المتحالفة مع القاعدة وداعش؛ وهى الضربات التي بدأت في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وتصاعدت في العام 2017 وما تلاه في ظل الإدارة الأمريكية الحالية.
وذكرت مجلة “تايمز الأمريكية” أن قرار سحب القوات الأمريكية من الصومال لن يكون له تأثير وسيتبعه قرار آخر مشابه بسحب القوات الأمريكية المتمركزة في كينيا وجيبوتي، وأرجع محللون عسكريون السبب في ذلك إلى إمكانية استعاضة الولايات المتحدة بمراكزها في جيبوتي وكينيا عن انسحابها المباشر من الصومال في شن هجمات بالطيران المسير ضد معاقل الشباب في الصومال وغيره من الحركات الإرهابية في المنطقة.
وقال الخبير الاستراتيجي الصومالي وعضو لجنة الدفاع الوطني السابق في البرلمان أحمد عبدي إن غارات الطيران المسير الأمريكية هي أهم مساعدة قتالية لمكافحة الإرهاب تقدمها الولايات المتحدة للشعب الصومالي الذي يقاوم الإرهاب، وأنه بفضل تلك الهجمات يتم إجهاض أنشطة التعبئة والتدريب لحركة الشباب بصورة مبكرة.
وبناء على ذلك لا يرى الخبير الاستراتيجي الصومالي أن أضرارا كبيرة ستحدث إذا غادرت القوات الأمريكية الأراضي الصومالية طالما بقيت الطائرات المسيرة الأمريكية تقوم بواجبها ولو كان من خارج الأراضي الصومالية لاستهداف معاقل الإرهابيين، مشددا على أهمية الدور التدريبي للعسكريين الأمريكيين في إعادة بناء القوات المسلحة وقوى الأمن الوطني الصومالية وفق خبرات ومناهج متطورة تواكب طفرة التطور العملياتي الهائلة التي باتت منظمات الإرهاب تتمتع بها.
من جانبه، قال عبد السلام يوسف جوليد النائب السابق لرئيس جهاز الاستخبارات الوطنية والأمن في الصومال أن انسحاب القوات الأمريكية من الصومال سيشجع الخلايا الإرهابية الكامنة على الخروج من مكامنها واستئناف أنشطتها التي قد تصل إلى حد العمليات الكبرى.
وأشار – في مقابلة إذاعية مع راديو صوت أمريكا – إلى أن الميلشيات المسلحة في الصومال تتبنى حاليا أسلوب حرب العصابات المعتمدة على الضربات السريعة والخاطفة وعمليات النسف والتفخيخ والاغتيالات الاستهدافية، وهو ما تقاومه قوات الجيش و الأمن الوطني الصومالية الوليدة بدعم وإسناد من القوات الأمريكية وطائرات “الدرونز” المسيرة عن بعد سواء كانت هجومية أو استطلاعية.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو كان قد اعلن في أكتوبر الماضي تأييده للمطالبات الصادرة عن النخب العسكرية والأمنية والسياسية في الصومال بضرورة بقاء القوات الأمريكية على الأراضي الصومالية حتى الانتهاء من مهمتها لإعادة بناء هياكل الدولة العسكرية والأمنية وتعزيز قدرات الصومال الدفاعية والاستخبارية والعملياتية بالدرجة التي تحسم معركة الشعب الصومالي مع الإرهاب لصالح الصوماليين وبناء دولتهم المستقرة.