كيف سيؤثر انسحاب القوات الأمريكية من الصومال على المواجهات بين الحكومة وحركة الشباب؟
أثارت تصريحات الإدارة الأمريكية حول تخفيض أعداد القوات الموجودة في الصومال، تساؤلات كثيرة حول من يخلف تلك القوات ويقوم بدورها حتى لا يحدث فراغ في ظل الأوضاع الأمنية المضطربة والحرب الدائرة بين الحكومة وحركة الشباب.
فما هو تأثير ذلك على الناحية الأمنية إذا تعجلت واشنطن في تلك الخطوة؟
المحلل السياسي الصومالي عبد الناصر معلم، علق على تلك الخطوة قائلا: “لا يوجد لأمريكا أو الاتحاد الأوروبي في الصومال قوات منتشرة أو متمركزة في قاعدة كبرى، وإنما هناك عدد من الخبراء العسكريين للمساعدة والدعم اللوجستي، إضافة إلى قطع من المارينز الأمريكي المتنقلة بالقرب من السواحل الصومالية، وتقوم بغارات خاطفة على أهداف في حركة الشباب ومواقع سيطرتها”.
وأضاف في اتصال مع “سبوتنيك”، أن القوات الأوغندية هي التي تشكل قوام القوات الأجنبية المعتمد عليها لحفظ السلام في الصومال، حيث تصل إلى أكثر من عشرة آلاف عنصر ومجهزة بعتاد حربي وسلاح يكفي لترجيح كفتها متى حدثت مواجهة مع حركة الشباب، يليها من حيث العدد قوات بوروندية تقدر بحدود خمسة آلاف عنصر ولا تقل تسليحا عن القوات الأوغندية، ووجود هذه القوات أو انسحابها أو توقف الدعم عنها من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هو الذي يكون له أثر على الاستقرار والأمن بالبلاد.
وتابع المحلل السياسي “أما بالنسبة للوجود الإثيوبي، هو ينحصر أيضا في الخبراء والدعم اللوجستي فقط، وكان يقدر عددهم تقريبا حوالي ثلاثمائة عنصر يتركز تواجدهم في مناطق جنوب غرب الصومال وانسحابهم على هذا الأساس لا يشكل خطرا”.
وأكد عبد الناصر معلم أن الخوف الأكبر الذي قد ينتج عن انسحاب القوات الأجنبية من الصومال يتمثل في استعادة حركة الشباب نشاطها وتمكنها من التمدد والسيطرة على مدن ومناطق جديدة وتنفيذ عمليات في العمق.
من جانبه، قال رئيس مركز مقديشو للدراسات عبد الرحمن إبراهيم عبدي، إن انسحاب القوات الأمريكية من الصومال سيكون له تأثير سلبي على الوضع الأمني في البلاد، لأن القوات الأمريكية تقوم بمهام مختلفة ولها قواعد عديدة في أكثر من مكان، وتساهم بقدر كبير في الحرب ضد تنظيم الشباب، وبالتالي فإن انسحابها ستكون له تداعيات سلبية على مسار الحرب ضد هذا التنظيم الذي ما زال يتمتع بنفوذ كبير في أكثر من منطقة استراتيجية جنوب البلاد.
وأضاف في اتصال هاتفي، أنه بالإضافة إلى مناطق نفوذ التنظيم في الجنوب، يتمتع التنظيم بنفوذ أيضا في وسط البلاد، ومثل تلك الخطوة لن تكون بصورة عاجلة وقد تستغرق بعض الوقت، ولو حدث الانسحاب بالفعل فمن المؤكد أن الحكومة سوف تبحث عن قوات أخرى بديلة لملء هذا الفراغ.
وأشار رئيس مركز مقديشيو إلى أن القوات الأمريكية والقوات الأوروبية التي تعمل داخل الصومال، لا يزال لها تأثير قوي فيما يتعلق بالمهام التي تقوم بها من عمليات التدريب والتأهيل للقوات المحلية بجانب المشاركة في القتال في المناطق الاستراتيجية، لذا من الحكمة أن يكون الانسحاب آجلا وليس عاجلا.
وقال مسؤولون أمريكيون لرويترز، يوم الثلاثاء، إن الرئيس دونالد ترامب قد يسحب كل القوات الأمريكية تقريبا من الصومال، في إطار خفض للقوات على مستوى العالم والذي يشمل أفغانستان والعراق.
وقال المسؤولون الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم، إنه لم يتم الانتهاء من أي شيء وإن الجيش الأمريكي لم يتلق أوامر بهذا الصدد حتى الآن.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، يوم الثلاثاء أن ترامب سيخفض القوات الأمريكية في أفغانستان من 4500 إلى 2500 بحلول 15 يناير/ كانون أول، قبل 5 أيام فقط من نهاية ولايته وسيخفض القوات الأمريكية في العراق من 3000 إلى 2500.
وللولايات المتحدة نحو 7000 جندي في الصومال يساعدون القوات المحلية على هزيمة حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة في عملية لا تحظى باهتمام كبير في الولايات المتحدة، لكنها تعتبر حجر زاوية في جهود البنتاغون العالمية لمحاربة القاعدة.
ورفض ناثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية، الثلاثاء مناقشة خطط القوات الأمريكية في الصومال. لكنه أشار إلى أن حركة الشباب تشكل خطرا على أمن شرق إفريقيا وأن الحركة شنت هجمات في كينيا.
وأضاف سيلز «تتخذ الولايات المتحدة مسؤولياتها على محمل الجد لاستخدام الأدوات المتاحة لدحر هذه الجماعة الإرهابية الخطيرة وإضعافها وهزيمتها».
ويقول منتقدون إن مثل هذا التغيير الجذري في النهج تجاه حركة الشباب ينطوي على مخاطر كبيرة.