الصومال اليوم

إثيوبيا على مفترق طرق

الأحداث الجارية في إثيوبيا تؤكد بداية فترة جديدة من تاريخها ، وقد سطر في بدايتها آبي أحمد كونه أول منتمي إلى قومية أورومو يصبح رئيسا للوزراء، وكونه أول إثيوبي يفوز في جائزة نوبل للسلام، وكونه أول مبشر لفتح الحدود بين دول شرق أفريقيا، فهل يصبح أول رئيس وزراء يدخل بلاده في حرب أهلية طاحنة؟

– الأحداث الأخيرة في إثيوبيا

تشير الأخبار القادمة من داخل إثيوبيا أن الحرب الدائرة في إقليم تجراي بدأت الساعة التاسعة في مساء الثلاثاء، وأن قوات إقليم التجراي هي التي هاجمت بعض معسكرات القوات الفدرالية في داخل الإقليم، وتؤكد هذه الأخبار أن قوات الإقليم هي المسيطرة في المعارك حتى الآن وقد تمكنت من استيلاء أهم المعسكرات التي كانت تتمركز فيها القوات الفدرالية في الإقليم.

– تعبئة جبهات القتال

ومع احتدام المعارك بدأت الحكومة الفدرالية نقل العديد من فيالق الجيش إلى ساحات المعارك، وهناك معلومات أخرى تشير إلى وقوع معارك أخرى في الجانب الحدودي بين إقليم التجراي وإقليم أمهاريا.

كما أن الحكومة الفدرالية قامت بقطع جميع الشبكات الإنترنت والهواتف من إقليم التجراي.

– الجانب السياسي

ومحاولة منه لتعبئة الوضع الداخلي تحدث رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى وسائل الاعلام أكثر من مرة، ولكن بعض المتابعين أشاروا إلى أن لهجة خطابه كانت مرتبكة، مقارنة بصرامة لهجة رئيس إقليم تجراي جبري سيون الذي أكد أنهم يخوضون في معركة مصيرية لتحرير أرضهم، مما يشير إلى صعوبة الموقف الذي يواجه رئيس الوزراء آبي أحمد، وهذا كله بسبب بعض مواقفه السابقة المتعلقة في تقسيمة الولايات وتأجيل الانتخابات والتي أغضبت أكثر القوميات الإثيوبية ما عدا إقليم أمهاريا، إضافة إلى بعض موقفه الخارجية التي تسببت له عداوات دولية.ا

– ارتدادات الحرب على الإقليم

ومن المتوقع أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد يكون الضحية الأولى لهذا الحرب حيث إن القوى الدولية قد تتدخل في إنقاذ إثيوبيا من الاحتراب الداخلي والتفكك، وبما أنه فشل في الاحتفاظ بعلاقات بلاده القوية مع الولايات المتحدة مقارنة مع العلاقات الواسعة التي يتمتع بها قادة إقليم تجراي الذين حكموا البلاد طيلة العقود الثلاثة الماضية مع الخارج، فضلا عن مشكلات حوض النيل التي مازال يرفض أن يتجاوب مع مطالبات دول المصب في حقهم التاريخي للمياه.

وأما تأثير الحرب في منطقة شرق أفريقيا فمن المؤكد أنه يؤثر دول الإقليم أكثر من غيرها، ولاسيما الصومال وجيبوتي وإريتيريا؛ لأن اخراج آبي من المعادلة يعني إعادة الدور الإثيوبي العدائي والمهيمن في المنطقة ولاسيما اذا استعاد ساسة إقليم المتمرد دورهم، كما أن تفكك إثيوبيا إلى قوميات -وإن كان مستبعدا- يعني اغراق الصومال بموجات بشرية قد تغير الخريطة الديموغرافية في البلاد إلى الأبد.

ورغم هذا كله لا يبدو أن الصومال يملك رؤية واضحة للتعامل مع السيناريوهات المحتملة وبسبب بسيط وهو أن الصومال لم يصبح بعد دولة تعتمد على نفسها في وضع الاستراتيجيات الأمنية، وماتزال محمية من قبل القوات الأفريقية، وهذا يجب أن يقرع ناقوس الخطر، وينذر بكارثة في المستقبل اذا لم يتدارك به عقلاء هذه الأمة.

Exit mobile version