التوتر بين الصومال وإثيوبيا.. الاتحاد الإفريقي يدعو للهدوء والجامعة العربية تتضامن وترفض انتهاك السيادة ومصر تؤكد على الوحدة
قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، إنه يتابع عن كثب التوتر الناجم عن توقيع مذكرة التفاهم بين إثيوبيا ومنطقة أرض الصومال في الأول من الشهر الشهر.
واستدعت الصومال سفيرها في أديس أبابا احتجاجا عن المذكرة، معربة عن خيبتها حول اعتداء إثيوبيا على سيادة الصومال ووحدة أراضيه.
وفي بيان دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى الهدوء والاحترام المتبادل لتهدئة التوتر المتصاعد بين حكومتي إثيوبيا الفيدرالية وجمهورية الصومال الفيدرالية، والامتناع عن أي عمل قد يؤدي عن غير قصد إلى تدهور العلاقات الطيبة بين البلدين الجارين في القرن الإفريقي.
وشدد موسى فقي على ضرورة احترام الوحدة والسلامة الإقليمية والسيادة الكاملة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي بما في ذلك جمهورية الصومال الفيدرالية وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية.
وحث موسى فقي البلدين الشقيقين على الانخراط دون تأخير في عملية تفاوضية جادة لتسوية خلافاتهما بطريقة بناءة وسلمية وتعاونية لتعزيز وتعميق تعاونهما لخدمة السلام والأمن في المنطقة، مؤكدا على الاتحاد الأفريقي سيقف بقوة إلى جانبهم لتشجيع التوصل إلى حل.
الجامعة العربية تتضامن مع الصومال وترفض انتهاك سيادتها:
من جانبه أعرب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، المستشار جمال رشدى عن رفض وإدانة أي مذكرات تفاهم تخل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية، أو تحاول الاستفادة من هشاشة الأوضاع الداخلية الصومالية أو من تعثر المفاوضات الصومالية الجارية بين أبناء الشعب الصومالي بشأن علاقة أقاليم الصومال بالحكومة الفيدرالية، في استقطاع جزء من أراضي الصومال بالمخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، وبما يهدد وحدة أراضى الدولة الصومالية ككل.
وقال رشدي أن الجامعة العربية تتضامن بشكل كامل مع قرار مجلس الوزراء الصومالي الذي اعتبر مذكرة التفاهم للشراكة والتعاون الموقعة في 1 يناير 2024 بين جمهورية اثيوبيا الفيدرالية و “أرض الصومال” باطلة ولاغية وغير مقبولة، و أنها تمثل انتهاكا واضحاً لسيادة ووحدة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية وكذلك للقانون الدولي.
وحذر المتحدث من خطورة تأثير تلك الخطوة علي نشر الأفكار المتطرفة الإرهاب في وقت تقوم الدولةالصومالية بجهود ضخمة لمواجهته.
مصر تؤكد على ضرورة احترام سيادة الصومال على أراضيه:
أكدت مصر على ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال على كامل أراضيه، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.
وقالت الخارجية المصرية، في بيان لها عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «قدرت مصر خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها، في الوقت الذي تشهد فيه القارة الأفريقية زيادةً في الصراعات والنزاعات التي تقتضي تكاتف الجهود من أجل احتوائها والتعامل مع تداعياتها، بدلاً من تأجيجها على نحو غير مسئول».
وأضاف البيان أن مصر شددت على ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، ومبادئ الاتحاد التي تنص على ضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال وعدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى. وطالبت مصر بإعلاء قيم ومبادئ التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق مصالح شعوب المنطقة، والامتناع عن الانخراط في إجراءات أحادية تزيد من حدة التوتر وتعرض مصالح دول المنطقة وأمنها القومي للمخاطر والتهديدات. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد تلقى أمس اتصالاً من نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، تناول فيه العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطوير التعاون المشترك، واستمرار التنسيق وتعميقه في مختلف المجالات، بما يتفق والطبيعة التاريخية للعلاقات بين البلدين، وفقاً لما ذكره المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية المصرية، كما تطرق الاتصال للأوضاع الإقليمية، حيث أكد السيسي على موقف مصر الثابت بالوقوف بجانب الصومال، ودعم أمنه واستقراره.
يذكر أن الصومال قد أكدت نهاية الاسبوع الماضي عزمها على الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها «بشتى الوسائل القانونية الممكنة» غداة الإعلان عن توقيع أديس أبابا اتفاق وصف بأنه «عدوان» مع منطقة أرض الصومال الانفصالية يمنحها منفذاً إلى البحر الأحمر من خلال مرفأ في الجمهورية المعلنة من طرف واحد. وينص الاتفاق على منح إثيوبيا منفذاً على البحر الأحمر على طول 20 كلم، لا سيما في ميناء بربرة، لمدة 50 عاماً. في المقابل «ستعترف إثيوبيا رسمياً بجمهورية أرض الصومال»، كما أعلن موسى بيهي عبدي، زعيم هذه المنطقة التي لم تعترف بها الأسرة الدولية منذ إعلان استقلالها أحادياً عن الصومال في عام 1991.
ووُقّع الاتفاق بصورة مفاجئة بعدما وافقت الصومال وأرض الصومال الأسبوع الماضي على استئناف المفاوضات بينهما لتسوية المسائل العالقة، هي الأولى منذ 2020. وردت الحكومة الصومالية في بيان أن «أرض الصومال جزء من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وبالتالي تعدُّ الصومال هذا الإجراء انتهاكاً فاضحاً لسيادتها ووحدتها». كما طلب من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العمل معاً في مواجهة هذا «العدوان من إثيوبيا والتدخل في السيادة الصومالية» واستدعى سفيره لدى إثيوبيا «للتشاور». كما أكد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري أمام البرلمان، الذي عقد جلسة طارئة: «إننا مصممون على الدفاع عن البلد، ولن نسمح بانتهاك أي شبر من أرضه وبحره وسمائه». وقال الرئيس حسن شيخ محمود أمام النواب: «لن أقبل أن تؤخذ منا قطعة من أرضنا» مندداً بنص «ينتهك القوانين الدولية». تمثل هذه الحادثة تجدد التوتر بين الجارتين اللتين تراجعت إلى حد ما في السنوات الأخيرة حدة التوتر التي سادت علاقاتهما المضطربة تاريخياً، وتخللتها حربان حول منطقة أوجادين المتنازع عليها (1963-1964، 1977-1978). ويتيح الاتفاق الذي وصفه الطرفان بـ«التاريخي»، لإثيوبيا ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد .السكان، الحصول على منفذ بحري كانت تطالب به منذ سنوات.
مقديشو تدعو “إيغاد” للإعتذار:
وكانت مقديشو قد طالبت الأربعاء الماضي منظمة إيغاد بسحب بيانها و”الاعتذار الفوري” حول مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال بشأن حصول إثيوبيا على منفذ بحري بخليج عدن، وأعربت الحكومة الصومالية عن “استيائها العميق وخيبة أملها” إزاء بيان إيغاد بشأن التطورات الأخيرة بين إثيوبيا والصومال.
وقالت الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية (إيغاد) إنها “تراقب الوضع بجدية وتدرك التداعيات المحتملة على الاستقرار الإقليمي”، لكنها لم تشر إلى مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال.
كما ناشدت الإيغاد البلدين “التعاون من أجل التوصل إلى حل سلمي وودي للوضع، ودعم القيم المشتركة التي توحد أسرة الإيغاد”.
ما اعتبرته مقديشو “لم يصل إلى حد إدانة الحكومة الإثيوبية لانتهاك سيادة الصومال وسلامة أراضيه”، مؤكدة أنها “لا توافق على المضمون وتعتبره لصالح الحكومة الإثيوبية”.
والأربعاء، أوضحت الحكومة الإثيوبية موقفها من توقيع اتفاق مع أرض الصومال يوفر لها منفذا بحريا عبر ميناء يقع على أراضي الثانية.
ووفق بيان لمكتب الاتصال الحكومي الفيدرالي الإثيوبي، فإن أديس أبابا “وقّعت هذا الاتفاق انطلاقا من المصالح المشتركة مع أرض الصومال التي لم تحصل حتى الآن على اعتراف دولي، في المقابل إثيوبيا ظلت حبيسة طيلة الـ30 عاما الماضية بسبب فقدانها الساحل البحري بعد انفصال إريتريا”.
وأضاف البيان أنه “تم توقيع مذكرة التفاهم مع أرض الصومال حول التعاون والشراكة الشاملة تتضمن مجالات واسعة من التعاون في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية”.
واعتبر مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا) أن الاتفاق “سيفتح الطريق أمام تحقيق تطلع إثيوبيا إلى تأمين وصولها إلى البحر وتنويع وصولها إلى الموانئ البحرية”.
وأوضح أن الاتفاق يعزز أيضا الشراكة الأمنية والاقتصادية والسياسية للطرفين الموقعين.
وغداة الإعلان عن الاتفاق استدعى الصومال سفيره في إثيوبيا للتشاور.
وفي تصريحات سابقة، قال رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري إن بلاده ستدافع عن أراضيها “بشتى السبل القانونية الممكنة”.