الصومال يتطلع إلى فتح دروب التنمية مع شرق أفريقيا
اعترفت الكتلة التجارية لمجموعة شرق أفريقيا بالصومال عضوا ثامنا فيها، في خطوة تأمل السلطات والشركات الصومالية أن تعزز اقتصاد البلاد الذي مزقته الحرب.
وانضم البلد رسميا إلى التكتل الاقتصادي الأفريقي الجمعة الماضية، وفق ما أعلنته المنظمة الإقليمية ذات السوق الواحدة التي تسمح بحرية حركة البضائع والأفراد.
وتأسست السوق المشتركة لمجموعة شرق أفريقيا، التي تتكون من بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا ورواندا وجنوب السودان وتنزانيا وأوغندا، في عام 2010 وتضم حاليا ما يقارب 300 مليون شخص.
وباستثناء الصومال تغطي دول المجموعة مساحة تقدر بنحو 4.8 مليون كيلومتر مربع ويبلغ إجمالي ناتجها المحلي مجتمعة 305 مليارات دولار، وفقا للموقع الإلكتروني للمنظمة.
وقال داود عويس، وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي، في منشور على منصة إكس إن “الصومال ينضم رسميا إلى مجموعة شرق أفريقيا، مما يعزز العلاقات ويفتح أبوابا جديدة للتقدم والشراكة”.
ومع العضو الجديد قامت الكتلة بتوسيع سوقها واكتسبت أيضا خطا ساحليا جديدا إضافيا يمتد على مدى أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر ويحمل إمكانات للموارد البحرية مثل النفط والغاز.
وفي المقابل يمثل العدد الكبير من سكان الكتلة والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة الحاليين عامل جذب للمستثمرين، الذين يمكن للصومال الآن الاستفادة منهم.
ورغم أن المجموعة أحرزت على مدى العقود الماضية تقدما في التكامل الاقتصادي إلا أنها، مثل العديد من الكتل التجارية الأخرى، كافحت للتغلب على الحواجز أمام التجارة مثل الروتين وعدم الاستقرار السياسي وضعف البنية التحتية والنزاعات التجارية.
ويقول محللون إن الصومال، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 17 مليون نسمة، سعى منذ سنوات للانضمام إلى مجموعة شرق أفريقيا، لكن عدم الاستقرار المزمن فيه جعل بعض دول شرق أفريقيا مترددة في منحه العضوية.
وتشن حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة تمردا وحشيا ضد حكومة مقديشو منذ عام 2006. وعبّر بعض المسؤولين عن مخاوفهم من أن يؤدي اندماج مجموعة شرق أفريقيا إلى تسهيل حركة المسلحين والسلع المهربة عبر المنطقة.
وفي وقت سابق هذا العام أرجأت كينيا خططا لإعادة فتح حدودها مع الصومال بعد أكثر من عشر سنوات من إغلاقها بسبب تصاعد الهجمات في شمال كينيا على يد مقاتلين يشتبه في أنهم من حركة الشباب.
وتقول الشركات الصومالية إن القطاع الخاص النابض بالحياة في البلاد، والذي تغلب على صعوبات كثيرة للبقاء على قيد الحياة، سيجلب دفعة جديدة من رواد الأعمال الذين يتحملون المخاطر إلى الكتلة التجارية ويعزز التبادلات عبر الشتات الصومالي الكبير.
وقال شعيب حاج نور محمد المدير الإداري لبنك السلام، أحد البنوك الكبرى في الصومال، “سيكون من الأسهل بالنسبة إلى الجاليات الصومالية الكبيرة في الشتات التي تعيش في شرق أفريقيا الوصول إلى الخدمات والمنتجات المالية”.
وأشار معهد التراث للدراسات السياسية ومقره مقديشو إلى أن انضمام الصومال إلى المجموعة “خطوة حاسمة في توسيع الكتلة في شرق أفريقيا”.
لكنه ذكّر أيضا “بسجلّ الصومال السيء في مجال الحوكمة وحقوق الإنسان وسيادة القانون”، مما قد يعيق اندماجه في الكتلة.
ويوفر المجتمع الدولي 60 في المئة من ميزانية الصومال، بينما تحصل الحكومة على 40 في المئة من ميزانيتها من مرفأ ومطار مقديشو.
غير أن الإصلاحات الضريبية غير الفعالة وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة يعيقان تحقيق عوائد مالية تأمل الحكومة منها إصلاح اقتصاد أنهكته الحروب والصراعات لنحو ثلاثة عقود.
وكانت الحكومة قد أقرت في مايو الماضي ضرائب إضافية على الواردات بنسبة 50 في المئة أملا في رفد ميزانية الدولة للعام الحالي، لكن ذلك جعل وتيرة النشاط في ميناء مقديشو تتراجع بشكل ملحوظ.
ويتطلع الصومال إلى تحقيق عملية تخفيف أعباء الديون الخارجية، بموجب المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون بحلول نهاية العام الحالي.
والمسار الإصلاحي، وفق الحكومة، سيؤدي إلى انخفاض ديون البلاد إلى 550 مليون دولار، من أصل 5.2 مليار دولار، أي ما يعادل إعفاء نحو 95 في المئة من الدين الخارجي.